مرة أخرى نتحدث عن وزارة الثقافة ليس المقصود الوزارة ككيان وإنما الوزارة كاتجاه وما يحدث أخيرا ليس تغيير قيادات بقدر ما هو تغيير اتجاهات وللتدليل على ذلك أذكّر أولا بمعركة السلفيين مع وزير الثقافة السابق «الدكتور جابر عصفور» ثم بعد إبعاد الدكتور جابر عصفور كان رد فعل السلفيين واضحا لا لبس فيه فها هى جريدة اليوم السابع تنشر خبرا نصه «السلفيون يحتفون بإقالة جابر عصفور من الثقافة ويرحبون بالوزير الجديد لانتمائه للأزهر».
المشكلة ليست فى رد فعل السلفيين بل فى فعل الحكومة التى انتصرت للسلفيين فى معركتهم ضد وزير الثقافة السابق بإزاحته والإتيان بمن يرضون عنه لأنه من الأزهر فهل هذا من باب قدرة السلفيين على الضغط على الحكومة من باب تسديد فواتير تلاتين يونيو، أم من باب الاتفاق فى الاتجاه؟ هناك بعض الدلائل التى توضح سعى السلفيين إلى الاستئثار بحقيبة الثقافة والإعلام بالذات بل إنهم فى مراحل سابقة عبروا بصراحة عن رغبتهم فى ذلك بشكل واضح وفى ذلك ما يدل على إدراكهم لأهمية الحقيبتين فى الاستئثار بتشكيل العقول وإذا ما كانوا قد عبروا عن رغبتهم سابقا فهذا لا يوضح لماذا تلبى الحكومة لهم هذه الرغبة أو غيرها.
مرة أخرى ما يحدث فى وزارة الثقافة بتغيير جلدها ليس معنيا به الثقافة وحدها بل ما هو مقصود من تغيير هذا الجلد وهذا الاتجاه فى اتجاه آخر يصب فيما يريده السلفيون ورد فعلهم على إزاحة الدكتور عصفور وتعيين النبوى بالذات واضح لكن السؤال لماذا ترضخ الدولة لهم؟ لماذا تحقق لهم رغبتهم التى طالما عبروا عنها من قبل؟!.. هل ذلك لدواع سياسية أم لدواع فكرية؟.. بمعنى آخر هل ترضخ الدولة للسلفيين لأنهم كانوا جزءا من الصورة فى تلاتين يونيو وكان هذا بناء على اتفاق معهم لا تستطيع الدولة الآن العودة عنه أم أن الدولة نفسها فى حقيقتها سلفية التفكير محافظة كاتجاه؟.. السؤال ذاته يطرح حول قيادات وزارة التربية والتعليم حيث تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعى بما يثبت مواقف هذه القيادات من مرسى تارة ومن الاتجاهات الإسلامية تارة أخرى، من الوزير الحالى إلى المتحدث الرسمى لوزارته.. كل ذلك يفتح الباب لتكرار السؤال الذى طرح حول قيادات وزارة الثقافة والإطاحة بالقيادات ذات التوجه التنويرى والإتيان بقيادات تتفق كلها فى أنها محافظة.. محور السؤال هو لماذا احتوى رئيس الوزراء غضب المثقفين دون أن يفعل شيئا سوى التصعيد فى الإطاحة بقيادات وزارة الثقافة حيث تمت الإطاحة بقيادة بحجم آدم حنين بعد لقاء رئيس الوزراء بالمثقفين فهل مازال لدينا تساؤل حول موقف الدولة مما يجرى فى وزارة الثقافة؟ بل هل تسعى الدولة لإقامة دولة مدنية حديثة عقلانية وطنية؟ أم أننا أمام رغبة فى إقامة دولة محافظة تفرض وصايتها على المواطن من باب وجهة نظر أخلاقية تلتقى مع وجهة النظر السلفية فى تشددها؟!. ولا يمكننا هنا أن ننسى أن رئيس الوزراء الحالى إبراهيم محلب بدأ فترة توليه لحقيبة رئاسة الوزراء بمنع فيلم «حلاوة روح» من العرض على الجمهور رغم أن هذا ليس فى حدود اختصاصاته.. من هنا نطرح السؤال المعلق فى الهواء هل تتفق الدولة مع السلفيين أم تخضع لهم رغما عنها؟..هذا سؤال يجب الإجابة عنه قبل أن نجد أنفسنا أسرى السلفيين ووجهة نظرهم فى الثقافة والتعليم... ما يحدث الآن يرسخ لما يمكن أن يسود غدا لذلك لا يجب التهاون الآن وترك أهم وزارتين عرضة للاختراق سواء من سلفيين أو إخوان أو حتى محافظين، لأن كل هذه الاتجاهات تتفق فى وجهة نظرها الأخلاقية المحافظة التى تسعى لفرض الوصاية، وفى هذا فتح لباب تدخل منه التيارات السياسية المتشددة لتحقيق ما تسعى إليه، ويستوى فى ذلك إذا ما كانت الدولة تتفق معهم من خلال خلفية أخلاقية محافظة أم من باب الخضوع لصفقة سياسية أبرمت فى لحظة تاريخية حرجة، المهم النتيجة