x

مي عزام ديموقراطية الأغنياء ..ولاعزاء للفقراء مي عزام السبت 25-07-2015 20:57


العاملون في السياسة في مصر، والسياسة مهلكة على رأى عمنا صلاح جاهين، ينتظرون بترقب الاعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية والتى يتحقق بها الاستحقاق الأخير من خريطة الطريق .

فالانتخابات الحرة النزيهة هي ركيزة للحكم الديموقراطى، ولكننى للأسف من المعجبين بالمفكر الفرنسى جان بودرياروبكلامه الصادم لأمثالى من العامة فهو يقول «من كثرة ما نردد كلمة الديمقراطية أصبحت لفظة مضللة، فهذا الشيوع أفقدها أصالتها، وحوّلها لمعنى فضفاض يمكن للجميع استخدامه وفق رؤيته».. هكذا عبر المفكر الفرنسى عن ابتذال بعض المعانى والقيم بعد عولمتها ليصبح ما تبقى منها صورة، ففى كل بلاد العالم يتم رفع شعار الديمقراطية حتى من أشد نظم الحكم قمعا وديكتاتورية.

الديمقراطية بمعناها الشائع، وهى «حكم الشعب لنفسه» تحولت لخدعة، وللأسف الشعوب مازالت على حالها يحكمها قلة تملك المال الوفير وأدوات التأثير، وإذا كنا نعانى في مصر من شراء الأصوات بالزيت والسكر وبمبالغ نقدية، استغلالا لفقر واحتياج شريحة كبيرة من المصريين الأقل تعليما ووعيا، فإن الدولة التي ترفع شعار الديموقراطية وحرية الشعوب في أختيار حكامها «ماما أمريكا»، والتى تشن الحروب من أجل تطبيقها وإسقاط نظم الحكم الديكتاتورية، تفعل ما هو أكثر جرما في حق شعبها، فالانتخابات الأمريكية هي الأكثر تكلفة في العالم لايجرؤ على خوض غمارها غير مرشحى الحزبين الجمهورى والديموقراطى، وينجح في النهاية من يسانده لوبى قوى من أصحاب المصالح الأثرياء .

نظم القانون الأمريكى منذ عقود طرق تمويل الانتخابات ووضع ضوابط لكيفية مراقبة إنفاق أموال التبرعات الانتخابية، إلا أن تغيرا مهما طرأ على ذلك بصدور حكم قضائى في يناير عام 2010 يعطى الحق للشركات الكبرى بالإنفاق كيفما تشاء، دون أن يحق للحكومة تحديد هذه المبالغ التي تنفق لدعم أو انتقاد المرشحين السياسيين.

وفى مارس 2010 قضت محكمة استئناف فيدرالية أن بإمكان لجان العمل السياسى باكس (منظمات تنشأ لجمع تبرعات الأفراد والمؤسسات التابعة لجماعات مصالح معينة، وتقوم بتوجيه هذه التبرعات لمساندة المرشحين الداعمين لها) قبول الهبات غير المحدودة طالما أنها لا تنسق مع حملة انتخابية أو حزب سياسى ولا تكون موجهة منهما. وأدى الحكمان إلى ظهور ما يعرف داخل الأوساط الأمريكية بـ«سوبر باكس» التي يُسمح لها بجمع مبالغ غير محدودة من الأموال من المانحين، تستخدم للترويج لمن تؤيده من المرشحين ولمهاجمة خصومه السياسيين.

وتعاظم دور السوبر باكس مع ارتفاع تكلفة الحملات الانتخابية للمرشحين للرئاسة، مما أدى لحدوث انقسام في الأوساط الأمريكية بين مؤيد ومعارض لعملها، فالنشطاء من جماعات «احتلوا وول ستريت»، الذين يحاربون الرأسمالية المستغلة، يعارضون ذلك بشدة ويرون أن المبالغ الضخمة من المال السياسى، والتى تنفق في الانتخابات، تأتى أساسا من دوائر المال والأعمال، وتجعل أجندة المرشحين بعيدة كل البعد عن احتياجات الناخب الأمريكى العادى، ويحول الديمقراطية لنظام حكم يعبر عن مطالب ورغبات الأغنياء فقط، في حين يرى المؤيدون أن الدعم المالى لمرشح أو قضية من اختيارهم هي شكل من أشكال حرية التعبير التي ينص عليها الدستور الأمريكى.

إن ما يحدث في أرض العم سام، ويناقش في العلن يحدث هنا، ولكن لا يناقش، الأمر الواقع يؤكد أنه لا يمكن لمرشح في أي انتخابات أن يفوز دون إنفاق الكثيرعلى حملته الانتخابية، سواء كان هذا الإنفاق من ماله الخاص أو مال مؤيديه أو أصحاب المصالح الذين تتقابل أهدافهم مع أهدافه.

انظر حولك وانتبه جيدا، المال السياسى ينفق على الاعلام بسخاء منذ سنوات، الأمور أصبحت اكثر كلفة وصوت الفرد اصبح أعلى ثمنا، فهو يتضمن توجيه فكرى واستماله عقلية وليس فقط زجاجة زيت وكيس سكر وورقة بعشرة أو خمسين .

اتوقع ان تشهد مصر أغلى انتخابات برلمانية من حيث الانفاق عليها ،وسيتسرب إليها أموال أثرياء الحزب الوطنى واقطابه المستبعدين، الجميع يبحث عن السلطة مستخدما الشعب وسيلة المستجد ولا عزاء لديمقراطية الفقراء.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية