x

رفعت السعيد الديمقراطية.. حلم أم كابوس (2-2) رفعت السعيد الجمعة 24-07-2015 21:09


وإذ تتجه مصر متعجلة وبعد ولادة عسيرة نحو الانتخابات البرلمانية تتعثر الديمقراطية فى مسارها نحوها. وتكاد أن تتحول إلى كابوس مخيف. والعثرات عديدة نختار منها أمثلة. حصة القوائم، وفق القانون، مائة وعشرون مقعدا. ونتيجة لتعجل لجنة الخمسين التى وضعت الدستور وعدم قدرتها على حل ألغاز صنعتها بيديها، فربما كانت محقة فى استنكافها من نسبة 50% للعمال والفلاحين، وبدلا من أن تجد سبيلا لتمثيل حقيقى وصحيح للفقراء المصريين من العمال والفلاحين قررت أن تحاصرهم فى قوائم ثم تتالت تداعيات تمثيل المرأة والمسيحيين والمعاقين وغيرهم، فكان من الضرورى أن تأتى القوائم مطلقة ومغلقة بمعنى أن القائمة التى تحصل على أزيد الأصوات ولو بصوت واحد تفوز بأكملها، بينما الآخرون لا شىء. ونتجاوز فرضية السخرية من وضع كهذا لنأتى إلى تصرف الأحزاب. حشد الجميع جهودهم فى تصنيف وتقسيم ومحاصصة القوائم ماعدا حزبا واحدا اكتفى بالفردى، لأنه يمتلك الإنفاق الأزيد فى هذا المجال. ونصل بعد مناهدات ومناورات وتكاذبات وضربات من أسفل الحزام إلى ما نحن فيه بالنسبة للقوى الليبرالية والتى تقول (أو يزعم بعضها بأنها ضد قوى التأسلم السياسى) سنجد قوائم ذات قدرات محدودة لكنها ستقتطع من جسد التصويت نسبة ولو ضئيلة ولنقل إنها فى تعددها ستنال 5% من الأصوات الرافضة للتأسلم، وحزب كبير (أو يقول ذلك) يرسل مندوبيه إلى قائمة «تحيا مصر» ليضمن حفنة من المقاعد ثم يعلن قائمة تستهدف إرضاء أعضائه وإلهاءهم عن المناكفة حول التمثيل فى القائمة المضمونة، خاصة أن بعضهم دفع ثمنا لموقع فى القائمة أو تجرى متابعة إغرائه لضمان ولائه فى الصراعات الحزبية، وهناك ثلاث قوائم ذات نفوذ أو يعتقدون ونعتقد معهم ذلك ثم قائمة «تحيا مصر» التى ترتكب خطأ التعالى ومنح نفسها حرية انتقاء زهرة من كل بستان حزبى وفق مزاجها فتسعى بذلك إلى «فركشة» قوائم أخرى، بينما الأفضل أن تتواضع وتنسق مع القوائم الجادة بشكل جماعى محترم لتضع قائمة تضم الجميع، وما لم تفعل ذلك سنواجه بوضع أتخيله كما يلى:

5 قوائم صغيرة + 17% لكل قائمة من الثلاثة الكبار والمجموع = 56% ويتبقى 44% فماذا لو حصلت قائمة تحيا مصر على 22% ناقصة صوتاً وحصلت القوى المتأسلمة المتجمعة سرا أو علنا مع قائمة واحدة على 22% زائد صوت. فالنتيجة ستكون كارثة وهى فوز الإخوان السريين والمتأخونين وكل المتأسلمين الذين أقطع بيقين أنهم سيصوتون علنا وسرا معا، والنتيجة هى أن يكونوا شوكة فى ظهر الوطن وظهر الرئيس فيستنبتون العراقيل أمام المسيرة المصرية. وهنا نعود إلى لجنة الخمسين التى نظرت بغير احتراس إلى الماضى، حيث كان الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك يسيطرون على برلماناتهم ويوجهونها ولم تنظر إلى الحاضر، حيث الإرهاب المتأسلم يتفشى وحيث الخصوم الخارجيون يحيطون بمصر (قطر – إيران- تركيا- بعض من دول أوربا- أمريكا) كل هؤلاء رفضوا السيسى، لأنه أفسد مخططاتهم تجاه المنطقة ووقف ويقف وسيقف لهم مثل «العقلة فى الزور» بما أربك حساباتهم فى أكثر من مكان. وجاءت المنحة المجانية بتقليص سلطات الرئيس لتمنحهم فرصة سانحة لتجليس القوى المعادية فى مقاعد البرلمان، وذلك عبر تمويل جنونى تدفق ولم يزل يتدفق على القوى المتأسلمة بمختلف فروعها النابتة من شجرة واحدة مريرة الثمار. والتقليد المصرى التاريخى هو شراء أصوات الفقراء ليشنقوهم بأصواتهم. ومن يدفع أكثر ينال المقعد. وسيرتفع ثمن الصوت فى سوق النخاسة الانتخابية ليصل إلى معدلات غير مسبوقة فمصر تساوى الكثير عند الممولين، ويحلم البعض بأن جموع الناخبين لن تصوت للمتأسلمين بوازع وطنى ناسين تأثير الدين والتأسلم وتأثير المال فقد يصل ثمن الصوت إلى عشرة آلاف جنيه مصرى، فماذا سيكون موقف الفقراء؟ دعوناهم فى 25 يناير فأتوا ثم اعتذرنا لهم بأن ثورتهم سرقت وأن شعار عيش – حرية- عدالة اجتماعية ضاع فى زحام العصف السياسى ثم أتوا فى 30 يونيو ثم امتدت أيدى الحكومة لتأخذ منهم ما تبقى من لقيمات خبز الأطفال (كهرباء- غاز- مياه- التهاب الأسعار) هؤلاء هل يلومهم أحد إذا باعوا صوتهم بثمن مغر.

وهنا نأتى إلى إحدى العثرات المهمة المؤثرة وهى المال الانتخابى وهو نوعان تمويل داخلى تدفق بالملايين فجأة فى محاولة لضمان تلميع وجوه النظام القديم أو فى محاولة لشراء مقاعد لحزب أو أكثر تقع ضمن أملاك بعض المليارديرات، وإذا كان بعض المليارديرات فى النظم الرأسمالية الغربية يؤسس أحزابا فثمة فارق بين أن تؤسس حزبا وبين أن تمتلك حزبا. ولدينا من يبدأ فى توسيع رقعة أملاكه بجريدة ثم فضائية ثم تعدد الفضائيات ثم امتلاك حزب وتوظيف ذلك كله بهدف حيازة نصيب فى تركيبة البرلمان القادم. وإذ يتعدد المليارديرات فإن النواب الذين يمتلكونهم فى البرلمان سيكونون عائقا ايضا أمام توجه مصر نحو العدل الاجتماعى أى نحو الاستقرار. وهناك التمويل الخارجى الأخطر، ولابد من مساءلة من يتسولونه.. وهكذا علينا وباختصار أن نتوحد أو نتوافق لإيجاد مخرج لمصر عبر برلمان لا يسيطر عليه المتأسلمون ولا المليارديرات.

لتصبح الديمقراطية حلما جميلا وليس كابوسا مخيفا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية