x

عاصم حنفي الذين سقطوا من قعر القفة.. عاصم حنفي الأربعاء 15-07-2015 21:39


وإذا كان السيسى يطالب بتجديد الخطاب الدينى.. فلا أقل من أن نبدأ بزكاة الفطر التى حددها فضيلة المفتى بثمانية جنيهات.. أو حوالى دولار يتيم لا يغنى ولا يشبع فقيراً.. وكان الواجب أن يلجأ لروح العصر ونظرية الحد الأدنى والحد الأقصى.. بأن يدفع الفقير ثمانية جنيهات نعم.. ولكن يدفع الغنى ثمانين جنيهاً.. على اعتبار أنه يكسب عشرة أضعاف الحد الأدنى الذى يكسبه محدود الدخل!

الأصل فى زكاة الفطر أنها طهارة للصائم.. والغرض منها التوسعة على الفقراء والمحتاجين قبل العيد.. والثمانية جنيهات تصلح الآن بقشيشاً ولا تصلح أبداً لإصلاح حال الفقير..!

وزمان.. وفى العصور الأولى للإسلام.. أخرج جدى صاعاً من التمر أو صاعاً من الشعير كانت كافية لجاره الفقير فى مجتمع ملموم.. كان صاع التمر يصلح لمقايضته بفخذة خروف.. والآن صاع التمر لا يكفى لمقايضته بساندويتش هامبورجر.. أو وجبة عدس وبصل عند محروس الواقف فى جاردن سيتى.!

أقصد أن الحسبة اختلفت الآن.. وكنت أحسب أن المفتى الشجاع سوف ينحاز إلى الفقراء فيفسر النصوص لصالحهم.. كما فعلها أبو ذر الغفارى زمان.. فيأمر الأغنياء بدفع اثنين كيلو لحمة للجار الفقير.. أو لبواب البيت أو للشحاذ الواقف بالباب..!

تجديد الخطاب الدينى ليس فى النصوص أو فى تفسيرها.. وإنما فى استلهام روح الإسلام فى التعامل بين الناس.. ومنذ سنوات.. أفتى عالم دينى جليل.. بأن الموظف، وحتى درجة وكيل الوزارة، يستحق الزكاة.. بشرط أن يكون شريفاً لا يمد يده.. ولا يفتح مخه.. ولا يفتح درج مكتبه.. وأن يكون مكافحاً لا يتكسب سوى من وظيفته التى تعطيه راتباً محدوداً.. فكيف بالله عليك، والحال كذلك، أن تمد يدك فى جيبك وتعطى لحضرة وكيل الوزارة دولاراً واحداً يمشى به أموره؟!

ووالله العظيم أن الفرصة سانحة بالفعل لتجديد الخطاب الدينى كما أراده السيسى.. وكما يريده ملايين المصريين.. لكن المشكلة فى جمود العقل عند النصوص الثابتة دون النظر إلى روح الدين وطبيعته السمحة.. والمجتمع الآن ينقسم إلى فصيلين واضحين.. وهناك من يعيشون حياة الملوك.. وهناك من يتفرجون عليهم.. والفقر ليس عيباً وليس عورة يخجلون منها.. لكن العيب أن ينحاز العلماء، وعلى رأسهم فضيلة المفتى المحترم، إلى معسكر القادرين.. فيحدد قيمة الزكاة بثمانية جنيهات وخلاص.. وأخشى أن يستغل القادرون فتوى المفتى فيدفعون الثمانية جنيهات يغسلون بها ضمائرهم.. فعلوا ما عليهم واشتروا مفاتيح الجنة والفضل لفتوى فضيلة المفتى!

تجديد الخطاب الدينى ومراعاة البعد الاجتماعى يعنيان أن تصبح مصر وطناً للجميع.. القادر وغير القادر.. وطناً آمنا بحق وحقيقى.. يراعى فيه الغنى مشاعر الفقراء.. ولا تنسى أن الغلاء صار فوق المحتمل.. صارت الناس تكلم نفسها فى الشوارع والطرقات.. وقد كثرت وتضخمت أعداد المتسولين.. نسأل الله أن يقرب أيامنا.. حتى لا نمد يدنا نطلب الحسنة القليلة التى تمنع بلاوى كثيرة..!!

رئيس الوزراء إبراهيم محلب يعيش فى الشارع بحق وحقيقى.. ويرى ويشعر بما يشعر به الناس.. فلماذا لا ينشغل بمواجهة هذا الانفلات الرهيب فى الأسواق.. وخذ عندك أسعار اللحمة والفراخ والخضار والألبان والفاكهة.. ويا ميت خسارة لو أن محلب الشغال يملك رؤية وفلسفة للحكم لتعامل فوراً مع هذا الانفلات الرهيب.. وقد حسبنا أن محلب رئيس وزراء بدرجة ثائر.. وأنه سوف يتخلص بسرعة من المشاكل العابرة ثم يدير البلاد بأسلوب الثورة والأفكار الجديدة المتطورة.. ويساهم فى بناء مصر تماماً كما فعل مهاتير محمد فى ماليزيا.. الذى ابتكر حلولاً عبقرية دفعت بلاده للأمام.. ولم نتصور أبداً أن حكومة محلب ابن الشارع.. سوف تغرق فى شبر مشاكل!!

لا بأس والله.. ونستطيع دائماً أن نبدأ من أول السطر.. وخذ عندك زكاة عيد الفطر مثالاً.. وسوف ندفع عن طيب خاطر الثمانية جنيهات التى حددها فضيلة المفتى.. لكننا ندفع معها صدقة إضافية.. كيلو أو اتنين لحم للفقراء.. نساهم بها فى رفع معاناة أخوة لنا فى الوطن.. لكنهم سقطوا من قعر القفة..!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية