لاأزال مقتنعًا بأنه من الخطأ الفادح التعامل مع كرة القدم باعتبارها مجرد لعبة أو تسلية أو شغف جماهيرى بالألوان ومن يفوز أو يخسر..
وفى بلدان كثيرة حولنا تعاملوا مع كرة القدم باعتبارها ضوءا كاشفا لكثير من الخبايا والأسرار والحكايات السياسية والاجتماعية.. وحين نجد مثلا حزب النور السلفى يقيم دورة رمضانية لكرة القدم بالغربية ويختتمها أمس الأول فى احتفال شهد تصفيقا وتوزيع كؤوس وميداليات..
فلابد أن نتوقف ونتساءل: هل تخلى حزب النور عن كثير من أفكاره وقواعده القديمة وترك كتب البشر وتعاليمهم شبه المقدسة ليصبح أكثر اقترابا من الناس.. أم أنه مجرد تكتيك وتظاهر وخداع وما فى القلب يبقى فى القلب والعقل لا يجرى تغييره أو مراجعته؟.. فحزب النور السلفى الذى يقيم الآن دورات لكرة القدم ويحتفى ويحتفل بهذه اللعبة.. كان طول الوقت سابقا يراها حراما.. والكتاب الذى أصبح هو المرجع الأساسى لرؤية السلفيين الدائمة لكرة القدم.. فهو كتاب.. حقيقة كرة القدم ـ دراسة شرعية من خلال فقه الواقع.. وهو كتاب ضخم يتجاوز عدد صفحاته الثلاثمائة..
وفى بدايته حذر الشيخ ذياب من كرة القدم.. لعبة يراها الشيخ ذياب طاعون العصر ومنبع الضلالة ومنجم الجهالة ومنها نشأت سحائب الغواية، وإليها تقاد خبائث العماية حيث سلوك اللاعبين فى الملاعب وحركاتهم الخرقاء الحمقاء وقفزاتهم الحيوانية، غير مشابهتهم لعادات اليهود والنصارى والكفار فى الاحتفال والرقص ومظاهر الحزن والفرحة..
ويحرص السلفيون دائما على عدم تداول هذا الكتاب خارج أوساطهم وأروقتهم باعتباره الكتاب الكاشف لرؤيتهم لكرة القدم.. أو المرجع الذى يتم الاقتباس منه للشواهد والدلائل والأحكام اللازمة لتحريم الكرة وتصويرها على أنها ضد الله وعبادته وضد الإسلام وشريعته.. بل وكانت كرة القدم أحد أهم الخلافات الحقيقية والمؤكدة بين السلفيين والإخوان المسلمين.. فالدكتور عبدالمنعم الشحات، كأحد رموز التيار السلفى، أكد أنه من أفدح أخطاء الإخوان هو تشجيع لعب كرة القدم هربا من الصدام مع مشاعر الناس.. ومع أن الكلام فى هذا الأمر لابد أن يطول ويحفل بكثير من الغرائب والمفارقات والأحكام والفتاوى الصادمة.. إلا أننى فقط أتساءل: هل تراجع السلفيون عن كل ذلك وهم يقيمون دوراتهم لكرة القدم.. أم أنها محاولة جديدة لخداع الناس انتظارا لأول فرصة تسمح لهم بفرض آرائهم وقناعاتهم هم وليست قناعات وآراء الناس؟