تحول المشهد فى شوارع المنطقة المحيطة بالقنصلية الإيطالية فى وسط القاهرة، صباح أمس، إلى ما يشبه الزلزال، حيث تصدع عدد من العقارات وتحطمت محتويات العشرات من المحال والشقق بالعديد من العقارات، نتيجة الهزة الأرضية التى أحدثها التفجير الذى استهدف القنصلية.
.. بيوت مهشمة، محال مدمرة، يفترش قاطنوها الأرض، الأهالى يبكون على بيوتهم ومقتنياتهم البسيطة التى تضررت جراء الانفجار.. كان هذا هو الحال فى شارع «ظهر الجمال» ببولاق أبوالعلا، الأقرب لموقع التفجير، والأكثر تضرراً، خاصة أن معظم المنازل الواقعة فيه صغيرة المساحة، وجميعها تقع فى منطقة «مثلث ماسبيرو» الخاضعة للتطوير من قبل محافظة القاهرة ووزارة التطوير الحضارى.
اشتكى الأهالى من «تجاهل المسؤولين لهم»، وقال أمير عيد، أحد الأهالى: «المسؤولين زاروا القنصلية، ومحدش فكر يبص علينا، ولا يهتم بينا».
وبين الأهالى وتذمرهم، جلس «عم فوزى»، خياط، تجاوز عمره 80 عاماً، تنهمر الدموع من عينيه، وهو يطالع آثار الدمار الذى لحق بمحله، ومصدر رزقه الوحيد، ويقول: «ده اليهود ميعملوش كده فينا».
يحاول الرجل الثمانينى التماسك، فيما يواسيه أهالى المنطقة، ويحاولون طمأنته بأن الحى سيعيد بناء منزله، لكن «عم فوزى» يرد: «هو الحى هيعمل إيه بس، أنا هقول يارب وخلاص».
يتابع «عم فوزى» أن أكثر ما يؤثر فيه أن هذه «جمعة عيد، وده أسبوع الرزق فى الخياطة»، ثم يواصل بعدها ترديد: «نصيب.. الحمد لله».
وجلس شحاته توفيق محمد، 67 عاما، على كرسى خشبى أمام منزله بذات الشارع، وبين الحين والآخر ينظر إلى ما آل إليه حال منزله المكون من 3 أدوار، والذى تهشمت نوافذه بالكامل وسقط سقفه، بينما أصيب هو بجرح بالغ فى رأسه.
ورغم أن انفجار ماسورة مياه بالشارع أدى إلى إعاقة سير المارة فيه، إلا أن محمد مرسى قرر حمل ما تبقى من متاعه وأجهزته الكهربائية على سيارة نقل إلى خارج المنطقة، ويقول: «دول اللى فضلوا من البيت وإحنا خايفين يتسرقوا بعد ما الشبابيك والأبواب اتكسروا».
«البيت بيقع».. تتذكر منال على، 21 عامًا، هذه العبارة، بعد أن سارعت هى وأسرتها بالخروج من المنزل هرباً من بقايا الزجاج والحطام الذى سقط فوق رؤوسهم، وتقول: «فوجئنا بالبيت بيقع علينا، وكل الأبواب والشبابيك وقعت على دماغنا.. ثم هرولنا خارج المنزل الذى غمرته المياه، بعد أن تحطم الباب بسبب الانفجار، وتناثرت قطع الزجاج المحطمة من النوافذ والطوب على أرض المنزل المكون من غرفتين صغيرتين وحمام ومطبخ، ولم يتبق فيه شىء بمكانه».
وفى شارع شركس الموازى لشارع ظهر الجمال بمنطقة بولاق أبوالعلا، جلست وفاء حسن ومعها عدد من السيدات ينظرن إلى ما تهدم من منازلهن، «البيت كان هيقع علينا. البيوت دى كلها قديمه وآيله للسقوط ودلوقتى بقينا فى الشارع.. وقدامنا أيام لحد ما نركب شبابيك جديدة تحمينا من الحرامية».
وأكد عدد من شهود العيان والأهالى فى حارة شركس، القريبة من موقع التفجير، أن العقارات السكنية الواقعة فى محيط الانفجار بعضها تصدع، وأن الأهالى قلقون من الإقامة بها حيث حدثت تشققات وتلفيات شديدة بها، مضيفين أنهم طالبوا المحافظ بتشكيل لجنة من مهندسى المحافظة لفحص منازلهم والتأكد من إمكانية إقامتهم.
وقال إسلام مصطفى، شاهد عيان، إنه أثناء نومه فى منزله المجاور لمكان الواقعة فوجئ بهزة عنيفة وصوت انفجار قوى، فخرج مسرعا لاستيضاح الأمر فوجد تلفيات كبيرة فى العقار الذى يسكنه، وعندما وصل إلى مكان الانفجار فوجئ بحدوث تلفيات كبيرة بمبنى القنصلية الإيطالية القديم، وشاهد أحد المصابين مبتور اليد وآخر قدمه مقطوعة، ونقلتهما سيارات الإسعاف للمستشفيات، كما أصيب أحد الأشخاص من سكان المنطقة، وأصيب مجند شرطة بإصابات طفيفة وتم علاجهما فى مكان الواقعة.
وأوضح محمود سلامة، أحد المواطنين، أنه أثناء جلوسه فى المسجد الذى يقع بميدان الإسعاف سمع صوت انفجار ضخم وشعر بهزة عنيفة، وعند انتقاله وجد سيارة محطمة وشروخاً فى المبانى المجاورة للقنصلية، وتحطم سور القنصلية، وإصابة العديد من الأهالى بينهم أطفال.
أما منى النبوى، المقيمة بالطابق السادس فى أحد العقارات بشارع عمر بن قطبية، خلف القنصلية الإيطالية، فأكدت أن شقتها لم تعد تصلح للسكن بعد ما حدث بها من تلفيات بها نتيجة الحادث. أضافت أنهم فوجئوا بدوى انفجار هز العمارة بعد دقائق من دخولهم للنوم فى 6.30 صباحاً، بعدها تلته كمية من الأتربة عقب الانفجار، وهرعوا جميعا إلى الشارع اعتقاداً منهم أنه زلزال أو أن المنزل ينهار، فيما اعتقد آخرون أنه انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل العقار. وطالب المتضررون من سكان منطقة «مثلث ماسبيرو» المسؤولين بالتدخل وصرف تعويضات عاجلة لإصلاح تلفيات منازلهم المتضررة، وإصلاح شبكة المياه التى أغرقت الشارع بالكامل نتيجة الانفجار.