x

عن الحلقة (4) من «حارة اليهود»: ضابط إسرائيلي برتب عسكرية مصرية و«الفلسطيني» باع أرضه (تحليل)

الأحد 21-06-2015 21:38 | كتب: أحمد بلال |
مشهد من مسلسل «حارة اليهود» مشهد من مسلسل «حارة اليهود» تصوير : آخرون

برتب عسكرية مصرية، وقف الضابط الإسرائيلي صاحب البيريه الأخضر، يستجوب «علي»، الضابط المصري الأسير، برفقة مترجم فلسطيني، قبل هذا المشهد، كان «علي» يرقد على أحد الأسرة، في مستشفى الرملة، بحسب ما كُتب باللغة العبرية، على أحد جدران المبنى الذي ظهر كمستشفى إسرائيلي.

وبين المشهدين المذكورين، تُطمس الكثير من الحقائق، وتترك أخرى لخيال كاتب، يتبنى، في رأيي، عن دون قصد، خطابًا يخدم الرواية الإسرائيلية للأحداث، وخاصة فيما يتعلق بالأسرى، وهي الرواية التي لم تصمد طويلًا، حيث انهارت أمام اعترافات القادة الإسرائيليين عن طريقة تعاملهم مع الأسرى المصريين والعرب، والفيديوهات والوثائق التي تم الكشف عنها تباعًا، والتي كان آخرها ما كُشف قبل أسبوعين في ذكرى النكسة، والتي تضمنت اعترافات واضحة بوجود أوامر بقتل الأسرى.

على كل حال، ظهر الضابط «على»، وهو مستلقى على سرير في مكان واسع كتب على جدرانه بالعبرية، مستشفى اللد، المكان نظيف ويتوسطه سجادة حمراء، وتشرف على المرضى ممرضات جميلات، على كتفهن نجمة داود، علاج المرضى يجري بهدوء، لم يعكر صوته سوى صراخ «على»، الذي اكتشف أنه وقع في الأسر، هنا، وهنا فقط، قرر الإسرائيليون تعذيبه.

والحقيقة أن عمليات الأسر التي رافقت حرب 1948، لم يتم توثيقها بشكل جيد، إلا أن ما جاء في بعض الكتابات الإسرائيلية أشار إلى ما رافق هذه العمليات من قتل وتنكيل بالأسرى، والواقع أيضًا يشير إلى أن إسرائيل في هذا التوقيت لم يكن لديها سجون سوى ما ورثته من الاحتلال البريطاني، وكان عددها تقريبًا ثلاث سجون فقط.

أضف إلى ذلك أن تجربة الأسرى المصريين في 1967 تشير إلى أن الأسرى المصريين وضعوا في معسكرات اعتقال مجردين من ملابسهم سوى الداخلية منها، وأن التعذيب كان يجري فيها وسط الصحراء على قدم وساق، وهو ما يتنافى مع ما قدمه القائمون على العمل من نقل الأسرى لمستشفى عبارة عن عنبر واسع بنوافذ كبيرة وسجادة حمراء في منتصفه، تقوم على خدمتهم «ملائكة رحمة»، خاصة أن هذه المستشفى تقع بالقرب من تل أبيب، وسط فلسطين المحتلة، وهو ما يتناقض مع الأوامر العسكرية الإسرائيلية الدائمة بالتخلص من الأسرى، وليس نقلهم من أقصى الجنوب لوسط البلاد لعلاجهم واستجوابهم، خاصة إذا علمنا أن الجيش الإسرائيلي كان محكومًا في ذلك التوقيت بعقلية العصابة، مثل الهاجاناة وإيتسل وغيرهما، وليس عقلية الجيش النظامي، المستعد لنقل الأسرى وعلاجهم من أجل الحصول على معلومة.

استجوب الضابط الإسرائيلي، الأسير المصري (الذي عُذب بالإيهام بالغرق بوضع وجهه في الماء ورغم ذلك بقيت الدماء على وجهه)، وهو يحمل على كتفيه رتبًا عسكرية مصرية، عبارة عن نجمتين، والضابط المذكور يبدو أنه برتبة ملازم أول، وهذه الرتبة في الجيش الإسرائيلي تُعَرَف بوضع شريطين على الكتف وليس النجمتين، اللتين يستخدمهما الجيش المصري في رتبه.

تورط مؤلف العمل في تبني رواية صهيونية، بشكل أكثر فجاجة، عندما أظهر أول فلسطيني يظهر في مسلسله في شكل خائن، يعمل لدى الاحتلال ويدافع عنه وينصح الأسير المصري بالتعاون مع الاحتلال، وهو ما يتوافق تمامًا مع الأكذوبة التي روجتها الحركة الصهيونية، والقائلة بإن «الفلسطينيين باعوا أرضهم»، وكأن طوال هذه المدة، لم تكن هناك حركات مقاومة فلسطينية ضد الاحتلال الإنجليزي والعصابات الصهيونية، وكأن هذا الشعب لم يقم بالثورة الفلسطينية الكبرى قبل سنوات من أحداث هذا المسلسل.

والجدير بالذكر، أن من خاض حرب 1948 ضد الجيوش العربية، كانت العصابات الصهيونية التي عملت في فلسطين وساهمت في تهجير وقتل شعبها، وكان منهم من يتقنون اللغة العربية باللهجة الفلسطينية والشامية، وبالتالي فإن اصطحاب مترجم لاستجواب أسير أمر مبالغ فيه، أو يحمل من السذاجة أكثر ما يحمل من الواقعية، وبعيدًا عن اللغة العبرية الركيكة، في بعض الجمل، التي تم استخدامها، فإن الضابط الإسرائيلي نفسه لجأ إلى الحديث باللغة العربية، في بعض المواقف.

واستكمالًا للحلقة السابقة، التي ظهر فيها «على» وهو «يطور سلاحًا» في ميدان المعركة، يستجوب الضابط الإسرائيلي «على» بعصبية عن طبيعة السلاح الذي يقوم بتطويره، في استخفاف شديد بعقل المشاهد، فهل من المنطقي أن يقوم ضابط محاصر بتطوير سلاح ومضاعفة مداه وهو في ميدان المعركة.

على كل حال، اهتم مؤلف العمل بإظهار دور الإخوان المسلمين في استهداف اليهود المصريين، بالتركيز على خطاب حسن البنا، بأن اليهود هناك (فلسطين) وهنا (مصر) «لهم مصالح ومحال وأماكن»، في تحريض على استهدافها، ثم دعوته المباشرة لمقاطعة المنتجات المصرية والمحال المصرية التي يمتلكها يهود مصريون، والحقيقة أن استهداف الإخوان لليهود المصريين سبق هذا التاريخ بفترة، والحقيقة أن الحركة الصهيونية أيضًا استهدفت يهودًا في بلدانًا عدة، مثل العراق، الذي استهدف تفجير المعبداليهودي به، لبث الرعب في قلوب اليهود العراقيين وإجبارهم على الهجرة إلى إسرائيل، أما في مصر فكان هناك آخرون يلعبون هذا الدور، وساهموا في إمداد إسرائيل بقوة بشرية تساهم في بنائها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية