بمناسبة إعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، وما نُشر على لسان العضو المنتدب- الذى أُقيل أخيرا- من مغالطات.. ونظراً لأهمية الموضوع، وحتى أُرضى ضميرى وأحذر من كارثة اقتصادية أسوأ من فوسفات أبوطرطور، اسمحوا لى قرائى الأعزاء بأن أعيد نشر مقالى الذى نُشر فى أكتوبر 2014 حين كان المهندس عاطف حلمى وزيراً للاتصالات، وذلك قبل تولى السيد المهندس خالد نجم الوزارة، فى مارس 2015.
أتابع وزير الاتصالات فى نشاطه المستمر للنهوض بهذا القطاع.. وأعرف أنى أخاطر عندما أحذر من مخاطر الاستثمار فى الرخصة الرابعة للمصرية للاتصالات، وسيقال إنى أحاول أن أحمى استثماراتى فى موبينيل، وإنى أريد أن أحرم المصرية للاتصالات من هذه الفرصة العظيمة.. إلا أنى قررت- وكعادتى- أن أقول الحق، رغم كل شىء.. حتى أُرضى ضميرى وحتى أحذر من كارثة اقتصادية أسوأ من فوسفات أبوطرطور.. وللعلم فإنى قد بعت كل حصتى فى موبينيل!
وإليكم كل الحقائق والدلائل على مخاطر هذا الاستثمار المزمع فى الرخصة الرابعة للمصرية للاتصالات وحتمية فشله من شركة مملوكة للشعب:
بلغت خسائر شركة موبينيل فى عام 2012 مائتين وثلاثين مليون جنيه، وفى عام 2013 بلغت الخسائر خمسمائة مليون جنيه، وهى الشركة الأقدم، والتى لديها أكثر من ثلاثين مليون مشترك وثلث السوق، وذلك نتيجة للمنافسة الشرسة وانخفاض الأسعار! فما بالك بشركة رابعة جديدة تريد أن تنافس فى سوق متشبعة بنسبة وصلت إلى أكثر من 120%؟!
تقريبا 20% من إيرادات المصرية للاتصالات تحصل عليها حاليا من خلال توفير خدمات البنية التحتية والاتصالات الدولية لشركات المحمول الثلاث، وستفقد المصرية هذه الإيرادات فى حال حصولها على الرخصة الرابعة، نتيجة السماح لشركات المحمول بالمنافسة فى التليفون الثابت والبوابة الدولية ونقل البيانات عبر الألياف الضوئية والكابلات، من خلال شروط الرخصة الموحدة.
المصرية للاتصالات تحصل أيضاً على 970 مليون جنيه سنويا، وذلك من حصتها فى فودافون، والتى مطلوب منها الآن بيعها فى حالة حصولها على الرخصة الرابعة، وذلك لتعارض المصالح، ومن ثَمَّ فإنها ستفقد هذا الإيراد!!!
إن فكرة طرح رخصة موحدة لكل الشركات تنزع من الشركة المصرية أحد أهم استثماراتها، التى تحقق ربحية عالية، وتلزمها بالتخارج من شركة فودافون لتفقد مرة أخرى إيراداتها منها.. فكرة عبقرية صحيح؟!!!
بالإضافة إلى ما سبق، فإن المصرية للاتصالات ستسدد اثنين ونصف مليار جنيه ثمناً للرخصة الجديدة، و6% من الإيرادات، هذا بالإضافة إلى فقدها الإيرادات السابق ذكرها!!!! مع العلم بأن سعر الترددات الجديدة، التى سوف تحتاج إليها المصرية لبناء شبكة محمول متكاملة، لم يحدد بعد، وفى الغالب سوف تتكلف مليارات إضافية، غير تكلفة إنشاء الشبكة نفسها، ثم فى المرحلة الأولى من بدء النشاط، كمشغل افتراضى، ستضطر المصرية لدفع مبالغ طائلة إلى شركات المحمول الثلاث للحصول على الحق فى استخدام خدمة التجوال المحلى. وحيث إن سعر دقيقة المحمول فى مصر يعتبر من أرخص الأسعار عالميا بعد الهند، فإن دخول منافس جديد لن يخدم العملاء فى شىء بل سوف يؤدى إلى تردى مستوى الخدمة للجميع.
لا أعلم مَن الذى يقف وراء هذه الفكرة العبقرية.. ولا الفكر العظيم حولها.. وعادة لا أحب أن أذكر أنى قد قضيت معظم حياتى العملية فى بناء واحدة من أكبر عشر شركات للاتصالات فى العالم، من حيث عدد المشتركين فى مجال الهاتف المحمول، وبالتالى أرجو أن تؤخذ شهادتى بجدية، وأكرر مرة أخرى أنى قد تخارجت من موبينيل، ولا أدافع هنا عن أى مصالح غير مصلحة بلدى ومصلحة ملاك المصرية للاتصالات، وهم أبناء الشعب المصرى.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن إعطاء المصرية للاتصالات رخصة المحمول بالأمر المباشر، بالإضافة إلى أنه أمر لا يستقيم، فهو أيضا يخالف اتفاقية الرخص السابقة، ويفتح الباب على مصراعيه للتقاضى فى حال عدم الاتفاق مع الشركات التى لَمَّحت من قبل بأنها سوف تلجأ إلى التحكيم الدولى.
أرى أنه من الأفضل أن تتخارج الدولة من الشركة المصرية للاتصالات، وأن تُطرَح باقى الأسهم فى البورصة لكافة جموع الشعب، وتتحصل الدولة من ذلك على مليارات تستخدمها فى التنمية والمشاريع الطموحة المقبلة. إن المصرية للاتصالات حاليا من أنجح الشركات فى هذا المجال، ولا أريد لكبرياء البعض أن يقودهم إلى هدم هذه الشركة العريقة وتدمير مواردها، سعيا وراء حلم ليلة صيف.. وهذه هى شهادتى للتاريخ.