x

منى مكرم عبيد مشاهد من مسرحية العبث والفوضى! منى مكرم عبيد الأربعاء 03-06-2015 21:41


مشاهد الارتباك والخوض فى القضايا المثيرة للجدل بعيدا عن النقاش الجاد والبحث عن رؤية واضحة لمصر المستقبل تستفز كثيرا من المتابعين والمهتمين بأحوال البلاد والعباد، فلم يكد المجتمع يفيق من زوبعة الدعوة إلى مليونية خلع الحجاب، ثم أزمة سيدة المطار، وما وجهته من إهانات لرجل شرطة دون معرفة الأسباب ودوافع اندلاع المشكلة بالأساس، حتى جاءت تصريحات وزير العدل بشأن تعيين نجل جامع القمامة فى السلك القضائى غير لائق، وما تبعه من استقالة وزير العدل بعد ما أثارته هذه التصريحات من غضب شعبى واسع فى القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعى.

فهل استقالة وزير العدل تضمن أن يتم اختيار نجل جامع القمامة فى السلك القضائى؟ وهل انتهت كل المشكلات فى المجتمع حتى نتوقف أمام هذا التصريح؟، فهل وصلنا إلى مرحلة المواطنة الكاملة واحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة للمجتمع حتى نخوض هذه الحرب؟ بالطبع لا، فالاستقالة لا تضمن تعيين هؤلاء فى السلك القضائى، وكذلك الزخم والنقاس الموسع فى مواقع التواصل الاجتماعى لا يضمن تحقيق المواطنة الكاملة لكل المصريين، وترسيخ مبدأ الاختيار على أساس الكفاءة بغض النظر عن الجنس أو الدين أو المعتقد!

يقلقنى سطحية النقاش فى طرح مثل هذه الأفكار وعدم النظر برؤية مستقبلية نحو استغلال الإعلام والمنابر الدينية ومؤسسات المجتمع المدنى فى غرس وتعزيز تحديد معالم المستقبل والشروع فى تنفيذ خطوات عملية من أجل الوصول إلى الهدف المراد، فكثير من الدول المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا عبر تخطيط وتنفيذ ومتابعة فى مناخ من الشفافية وترسيخ دولة القانون، لذا دعونا نسأل أنفسنا.. أين نحن من هذا المستقبل؟ وأى مستقبل هذا الذى نريده؟

أتذكر أنه جرت منذ سنوات محاولة لوضع سيناريوهات لمصر المستقبل عبر منتدى العالم الثالث بقيادة الراحل الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله الصديق العزيز والاقتصادى المخضرم وبالرغم مما تم إنجازه فى سيناريوهات تتعلق بمجالات التعليم والصحة والإسكان وغيرها وتقديم معلومات مهمة من أجل أن تكون فى يد صناع القرار، إلا أن الإهمال والتجاهل كان سيد الموقف، وكالعادة تم إهدار جهد مهم كان يمكن أن يكون نواة لتحديد معالم مستقبل مصر الذى نريده، وفق دراسات علمية متخصصة، فى إطار ما يطلق عليه علم المستقبليات.

وفى خضم الاستعداد للانتخابات البرلمانية ودعوات الأحزاب للحكومة بسرعة إجراء الانتخابات من أجل الاستقرار، تنتشر الصحف بأخبار مشكلات الأحزاب الداخلية، فمن حزب الوفد إلى حزب الدستور إلى الفشل فى التعامل مع التكتلات والقوائم الانتخابية، واضطرار الرئيس عبدالفتاح السيسى للتدخل لإنهاء أزمة حزب الوفد العريق.

مثل هذه المشاهد تؤكد أن التركيبة الحزبية الحالية لن تنتج البرلمان الذى نبحث عنه، وأحوال الأحزاب لا تمنح الرجاء لملايين المواطنين الذين خرجوا فى ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.

وبدلا من أن يقود الإعلام هذا المجتمع نحو الاستقرار عبر تناول جاد وحقيقى للقضايا المهمة، نجده يركز على الخلافات الداخلية للأحزاب تارة، التركيز على الدجل والشعوذة والعالم السفلى تارة أخرى، ولا مانع أيضا من فتح صفحات وملفات عن مليونية خلع الحجاب أو الكشف عن خريطة الملحدين فى مصر وغيرها من الأمور الجدلية التى لا تبنى الأوطان، وإنما تزيد من الاحتقان حتى ولو كان ذلك بهدف التوزيع أو لجذب مزيد من القراء والمشاهدين ومن ثم المعلنين!

ويدهشنى أنه فى ظل هذا الارتباك يتم تجاهل تحليل وتوضيح ما صدر مؤخرا عن المحكمة الإدارية العليا بشأن تجريم الاضراب بالرغم من وضوح النص الدستورى عبر المادة ١٥ من الدستور المصرى المعمول به بشأن كفالة حق الإضراب، وبالرغم مما ينص عليه العهد المدنى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشأن هذا الحق، يتم تجاهل كل ذلك والاحتكام لما ورد فى الشريعة الإسلامية على اعتبار أن مصر تحفظت على كل المواثيق والاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان إذا لم تتفق مع الشريعة!

السؤال هنا، وفى إطار الارتباك والغموض وغياب الرؤية، ما الحقوق والحريات التى سيتم انتهاكها مستقبلا؟ وكم من التزامات ستقوم الحكومة بالتنصل منها تحت مزاعم مختلفة؟

يؤسفنى أنه بعد ثورتين كبيرتين أسقطا رمزين للاستبداد الدينى والسياسى أن ندخل المستقبل المجهول بردة دستورية وقانونية وحقوقية، وقلة حيلة سياسية فى التعامل مع تعقيدات المشهد الراهن!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية