x

أيمن الجندي أمثلة من الفقه الظاهرى أيمن الجندي الأربعاء 27-05-2015 21:36


ذكرنا بالأمس أن الفقه الظاهرى يعتمد على النصوص فقط ويرفض القياس. فما الذى ترتب من ناحية التطبيق على تلك النظرية؟

على سبيل المثال يعتبر الفقيه الظاهرى «ابن حزم» الزواج فرضا لازما طالما توجد الاستطاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج». ولا فارق عنده بين رجل يخشى على نفسه الزنى أو لا يخشى على نفسه الزنا (لأن من مبادئ المذهب الظاهرى عدم تعليل النصوص) بعكس باقى المذاهب التى ترى الزواج فى حالة عدم الخوف من الزنى إما مندوبا (أى يُؤجر فاعله ولا يأثم تاركه) أو مباحا. ولعل شيئا لا يميز المذهب الظاهرى كمثل أنه- أى ابن حزم- يجعل الفرضية للشباب دون الشابات، فلا يعتبر الزواج فرضا على النساء، لقوله صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب)، ولقول الله عز وجل (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِى لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا)، فهو كما ترون ملتزم بالنص دون قياس ودون تعليل.

ويخالف ابن حزم الجمهور فى مساواة العبد بالحر فى الزواج من أربع لقوله تعالى (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) طالما أن النص لم يفرق بينهما. وكذلك يثبت للعبد حق الملكية طالما لم يوجد نص يمنع ذلك، فلهم حقوق الأحرار كاملة إلا إذا جاء نص بنقضها.

وانفرد بإباحة زواج الرجل لابنة زوجته إن لم تكن وقت دخوله بأمها فى حجره (أى فى كفالته ورعايته) لظاهر قوله تعالى (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ). فلا بد عنده من تحقيق الشرطين (الدخول بالأم- أن تكون فى حجره وكفالته) ليحدث التحريم.

وبعكس آراء الفقهاء التى تقيد تصرفات المريض مرض الموت وتتجه إلى حماية المواريث وحماية الورثة، فإن الفقه الظاهرى الذى لا يعلل الأحكام ولا ينظر إلى المقاصد اعتبر تصرفات المريض مرض الموت كتصرفات الصحيح على سواء، ولا فارق بينهما طالما كان عاقلا راشدا، فيجعل كل تصرفاته نافذة. ففى وجهة نظره أن الله لو أراد ذلك لأوضحه (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).

وابن حزم يرى أن الوصية فرض لازم لقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ). ويتمسك ابن حزم بالظاهر فى قوله تعالى (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) ولو أدى الأمر أن تكون ضعف ميراث الأب، لأنه ينظر إلى النصوص ولا يتجه إلى علتها. ويُوجب العطاء للأقارب واليتامى إذا حضروا قسمة التركة، فلا يجعله اختيارا لقوله تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ).

ولابن حزم قول خطير فى منع إجارة الأرض الزراعية ينزع منزع الاشتراكية فهو يحصر الاستفادة منها بأحد أمرين إما أن يزرعها المالك أو بالمشاركة ويحرم الإجارة، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها. فإن أبى فليمسك أرضه). ولرواية مسلم عن جابر (نهى الرسول عن أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ).

.................

هذه قبضة من الفقه الظاهرى أوردها الإمام محمد أبوزهرة فى كتابه الممتع (ابن حزم)، انفرد بها عن المذاهب الأربعة، استمسك فيها بالنص، وامتنع فيها عن الرأى. رحم الله الأئمة وجزى شيخنا الجميل أبوزهرة خير الجزاء.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية