x

سليمان جودة درس محفوظ صابر! سليمان جودة الثلاثاء 12-05-2015 22:05


كالعادة، انشغلنا فى موضوع وزير العدل بالفرع عن الأصل، وتكلمنا طول الوقت فى التفاصيل، ولم نتكلم بعد فى أصل الموضوع!

لقد قيل إن المستشار الوزير محفوظ صابر قد استقال، بعد أن أحدث تصريحه حول أبناء العمال، وكيف أنهم لا يمكن أن يتولوا وظائف معينة، ما أحدث من صدى واسع فى أركان المجتمع، وسواء تم قبول استقالة الرجل فى نهاية المطاف، أو لم يتم قبولها، فالمسألة ليست أبداً فى الاستقالة، ولا فى عدمها، ولا فى التراجع عنها، ولن تكون.. المسألة هى على النحو الآتى: هل ما قال به الوزير، وأدى إلى كل هذا الصخب، صحيح، أم أنه غير صحيح، من حيث الواقع الجارى على الأرض؟!

فالواقع الذى يعيشه الناس جميعاً ينطق، فى كل لحظة من لحظات حياتهم، بأن ما قال به الوزير صحيح، ونراه عينى عينك كل يوم، وكل ما حدث أن الوزير، دون أن يقصد فى الغالب، قد قال كلاماً معبراً عن حقيقة قائمة على الأرض، وهو لم يخترع من عنده، ولا راح يؤلف من دماغه، عندما قال، حسب المنسوب إليه، إن ابن العامل لا يصلح لهذا الموقع، أو ذاك، من مواقع الوظائف العامة فى البلد.. لم يخترع، ولم يؤلف!

سؤال آخر: هل استقالة الوزير، إذا جرى قبولها نهائياً، سوف توقف أو تغير شيئاً من حقيقة الوضع الذى أشار إليه هو، أم لا؟!.. هذا هو وهذا هو الأصل فى الموضوع كله.

الاستقالة من جانبه، أو من جانب غيره من المسؤولين ليست حلاً، وإلا، فما فائدة أن يستقيل هو مثلاً ويمضى إلى حال سبيله، ثم يظل الوضع الخاطئ الذى تكلم عنه، وأغضب قطاعات فى الرأى العام، ماثلاً كما هو، دون تغيير، ودون تبديل، ودون إصلاح؟!

لو أن تصريح الوزير قد جاء فى أى مجتمع حى، بخلاف مجتمعنا الذى يبدو أن بينه وبين أن يكون حياً مسافات ومسافات، لكان هذا المجتمع الحى قد راح يطلب، وبشكل مباشر، أن يتغير الحال الذى جاءت كلمات الوزير، لتجسده أمام الجميع، فالمؤكد أن كل شخص أغضبه أن يسمع ما نسمع من المستشار محفوظ يريد أن يرى حالاً أفضل، وأحسن، وآدمياً لأبناء العمال، ولأبناء غير العمال، ممن يبحث الواحد منهم عن عمل، أو عن وظيفة، بشق الأنفس.

كل شخص أغضبه التصريح لا يريد، فى الحقيقة، استقالة الوزير، لأن استقالته ليست هى الهدف، ولا يجب أن تكون، ولأن الاستقالة لن تفيدنا فى شىء، اللهم إلا إذا كان كل ما نريده أن نهدئ من أعصاب الذين غضبوا، وأن نستوعب استياءهم، وأن نمتص سخطهم، وأن.. وأن.. إلى آخر ما يتعامل مع الشكل فى مشاكلنا، ولا يخترقها إلى جوهرها الحقيقى!

ما لم نأخذ الأمر بجدية واجبة، فسوف يستقيل الوزير، أو حتى يبقى، ثم تمر أيام، لننسى بعدها الحكاية برمتها، وسوف لا نكون، عندئذ، قد استفدنا مما حدث شيئاً، وسوف نظل نصطدم بعدها، فى حياتنا، بما يؤكد أن ما قال به الوزير، فى لحظة من لحظات تلقائيته، صحيح، وأن ما قال به هو يقوله أغلبنا، كل يوم، ولكن الفرق فقط أن القائل هذه المرة وزير، لسوء الحظ!

أصلحوا ما تحدث عنه، ولا تتوقفوا طويلاً، ولا قليلاً، عنده هو، كشخص، ولا عند كلامه كوزير، وإذا كان علينا أن نأخذ درساً من القصة على بعضها، فهذا الدرس هو أن الإصلاح فى مجتمعنا مهمة شاقة، وطويلة الأمد، ثم إنها فى حاجة إلى رجال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية