x

مي عزام حديث الثلاثاء ...صحبة الحرية مي عزام الإثنين 27-04-2015 21:03


ماذا تفعل المرأة الوحيدة حين يداهمها قطار الستين، وتغرق تماما فيما يسميه المجتمع «سن اليأس»؟ ماذا تفعل امرأة تحب الحياة، وهي تشعر بوطأة الزمن على جسدها، ووخزة نظرات الناس لها؟ وكيف تواجه افتقاد كلمات الغزل، وانسحاب المعجبين، وفقدان الأمل في حب يروى الظمأ في جفاف الأيام المقبلة؟

هل تعيش فقط في انتظار مكالمة من ابن، أو فضفضة نفسية عابرة مع صديقة عجوز؟ أو رحلة مع جمعية للمسنين؟ أو زيارة لدار أيتام ؟

تلقفت النجمة الأمريكية الأسطورية ميريل ستريب هذه الأسئلة، وتصدت لإجابتها بأسلوب ممتع وخفيف الظل في واحد من أفلامها ويحمل عنوان It's Complicated«وضع معقد» انتاج 2009عام ، وهو يتناول أزمة امرأة على أعتاب الستين، تركها زوجها ليتزوج فتاة شابة، لكنه عاد بعد سنوات من الطلاق ليتقرب منها، ويحاول استرجاع علاقتهما، في الوقت الذى يتقرب منها رجل آخر «آدم» يعانى بعد طلاق زوجته لارتباطها بأعز أصدقائه.

الفيلم يتحدث بلغة النساء، بحيث يبدو دور «ستريب» مركزيا، تحت إدارة المخرجة نانسى مايرز، فيما تبدو شخصيتى الزوج السابق جاك "إليك بولدوين" والمعجب الحالى آدم "ستيف مارتن" مكملتين لمشاعر المرأة ونظرتها وارتباكها، حتى إن الأبناء الثلاثة لا يحبذون عودة والديهم، وتقول الابنة الكبرى لها: «لا داعى لزواجكما من جديد، فمازلنا لم نتخط ألم طلاقكما الأول.. الحياة الآن أفضل».

وتعبير أفضل يرتبط بحالة الاستقلال والاستقرار التى تعيشها جينى (ستريب) التى تدير بنجاح محلا شهيرا للحلويات، وتحاول أن تجرى تجديدات في منزلها ليحقق لها أمنيات قديمة في مطبخ مميز، وحجرة نوم فسيحة، وحمام بلا مغسلة للرجال، هذه المحاولة تصاحب خروج ابنتها الصغرى من المنزل لتبدأ دراستها الجامعية في ولاية أخرى.

تجديد المكان إذن أشبه بمعادل موضوعى أو صورة موازية تخبرنا بها «جينى»، بأن لديها رغبة حقيقية في تجديد حياتها كلها، لكن المفاجأة المربكة هى عودة طليقها «جيك» الذى اكتشف أن حياته مع امرأة تصغره بأكثر من عشرين عاما أضافت إليه الكثير من الأعباء، فهو لا يعيش زمنه أو عمره الحقيقى ولم يحقق السعادة المتخيلة، لذا عاد هو الآخر ليبحث عن بقايا السعادة في حياته المفقودة، والاستمتاع في هدوء بثمرة عمله بعد الستين.

جينى وجيك وآدم.. ثلاث شخصيات انتهت من واجب تربية الأبناء، ومازالوا في صحة جيدة، وأحوال ميسورة، ولديهم الرغبة في الحياة فماذا يفعلون فيما تبقى لهم من أيام؟

إنه وضع معقد.. لأن الفيلم يظهر لنا أن الشخصيات الثلاث مازالت ترغب في وجود شريك لها في الحياة، فألذ الأطعمة تفقد الكثير من مذاقها لو لم تأكلها مع آخرين، وأفخم سرير يظل باردا وموحشا لو لم يشاركك فيه أحد، وأوسع البيوت تنكمش لتصبح زنزانة للروح لو لم تتسع لدردشات الذكرى وأمنيات الغد مع آخر.

هناك مجتمعات تتقبل رغبة الحياة عند كبار السن، ومع ذلك الوضع في أمريكا كما يقول عنوان الفيلم «معقد»، لذا من البديهى أن يكون الحال في مجتمعاتنا الشرقية أكثر تعقيدا، فالمجتمع ينتظر من المرأة الوحيدة - كبيرة وحتى صغيرة - أن تظل أسيرة الدور المكتوب لها.. ابنة مطيعة ترضى بمكانة أقل من مكانة إخوتها الذكور، وزوجة خانعة ترضى بما يريده الزوج، أو مطلقة تعيسة تقبل بالمقدر والمكتوب أو أرملة حزينة ترضى برصاصة الرحمة على طريقة إعدام خيل الحكومة.

الحياة معقدة بما فيها الكفاية وعلى الإنسان أن يبحث على كيفية فك تعقيداتها بما يتناسب مع وضعه وحياته وشخصيته، لا يستعير حياة الآخرين ولا يتوقع منهم أن يكونوا أكثر علما منه به.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية