نحتفل هذه الأيام بعيد تحرير سيناء. نحتفل بتحرير تلك الأرض المباركة من قبضة العدو ورجوعها إلى حضن الوطن.. نحتفل بسيناء أرض الأنبياء التى مر بها سيدنا إبراهيم (أبوالأنبياء) وابن أخيه لوط- عليهما السلام- وعاش بها كليم الله سيدنا موسى- عليه السلام- وكلم الله- عز، وجل- على جبل الطور، وبها مر سيدنا عيسى- عليه السلام- ووالدته السيدة العذراء مريم التى اصطفاها الله على نساء العالمين- عليها السلام- فى رحلتهما من فلسطين إلى مصر ليجدوا الأمان والملاذ فى مصر، وكانت سيناء البوابة (الشرقية لمصر) هى الطريق لدخول الفتح الإسلامى لمصر على يد سيدنا عمرو بن العاص- رضى الله عنه- لتشرق على مصر نورانية الحضارة الإسلامية.
وسيناء هى البلد الوحيد فى العالم الذى جاء ذكره فى كل الكتب السماوية، فلقد كانت شاهدة على أهم الأحداث الدينية فى الديانات السماوية الثلاث- اليهودية والمسيحية والإسلام، مثل: خروج بنى إسرائيل من مصر ورحلة العائلة المقدسة إلى مصر والفتح الإسلامى لمصر، ولجبالها وأديرتها ومساجدها روحانيات عالية، ولها مكانة كبيرة جدا فى الديانات السماوية، فجبل الطور الذى كلم الله عليه سيدنا موسى من أقل جبال الأرض طولا، ولكنه عند الله من أعظم الجبال قدراً ومنزلة، فالله أقسم به فى كتابه العزيز، والله عظيم، لا يقسم الا بعظيم، فقال المولى- عز، وجل-: «والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم».
ومن أصعب الأمور أن ينعم الله علينا بنعمة فنغفلها، ونحن غافلون عن سيناء وخيراتها التى لو نطقت أراضيها لشكتنا إلى المولى- عز، وجل- من عدم الاستفادة من مواردها استفادة كاملة، فنحن مسؤولون أمام الله عن هذه البقعة عن واحد وستين ألف كيلو متر مربع، أى 6% من مساحة مصر فيها الكثير والكثير من الخيرات، فسيناء هى المورد الأول للثروة المعدنية فى مصر.
كما تشتهر بوجود أجود أنواع الفيروز فى العالم وغيره من الثروات والخيرات.. ونحن لكى نمد جسور التواصل والتعاون بيننا وبين أهالينا فى تلك المنطقة المباركة، فعلينا أن نعرف منزلتها أولاً، ومن العجيب أن يرغب الناس فى السفر للخارج للسياحة، ولا يذهبون إلى جنة الله فى أرضه، إلى سيناء أرض الأنبياء.. فعلينا أن نعرف منزلتها ومنزلة أهلها الكرام، وأن نراعيهم إنسانياً واجتماعياً، وأن نقدم لهم كل يد العون والمساعدة، وأن نشعرهم بأننا جميعاً أبناء وطن واحد.