قال مجموعة من الخبراء إن القطعة الأثرية التى توصف بـ«الموناليزا الفرعونية» وتعتبر من ضمن أهم مقتنيات المتحف المصري، مزورة، إذ كشف باحث في الفنون يُدعى «فرانشيسكو تيراتدى» أن اللوحة تم رسمها في القرن التاسع عشر وليس فى العصور الفرعونية كما يدعى المتحف المصري.
اللوحة محل البحث، والتى يُطلق عليها أسم «أوز ميدوم» عبارة على صورة جدارية قيل إنها عُثر عليها فى مصطبة «نفرماعت» وزوجته، حيث كان يُعتقد أنها تستخدم كحلية لباب غرفة مُخصصة للزوجة في منطقة هرم ميدوم، وتبين اللوحة منظر لثلاثة أزواج من الأوز تتغذى على الحشائش، واستعملت ألوان طبيعية لتلوينها، فاللون الأبيض فى اللوحة مُستخرج من الحجر الجيري، فيما استخرج الأحمر من خام الحديد والأخضر من مادة الملاخيت.
وقال الباحث، الذى يعمل أستاذً للأثار فى جامعة «كور» الإيطالية وأحد المشاركين في بعثة أثرية موجودة بمصر، إن تلك القطعة قد تخفي أسفلها الرسم الأصلى، إلا أنه من الضرورى إجراء مجموعة من الفحوصات الموسعة للكشف عن ذلك.
«التشكيك في صحة تحفة أمر مؤلم نفسيًا» يقول «فرانشيسكو» مؤكدًا أنه وفريقه، وبعد عدة أشهر من عمليات البحث، اكتشف مجموعة من الدلائل التى تُثير الشكوك حول أثرية لوحة «أوز ميدوم».
وقال الباحث لـ«المصري اليوم» إن أحد الأدلة يكمن فى نوع الأوز المرسوم، إذا قال إنه مجموعة من الأوز المرسوم في اللوحة لا يعيش في مصر، فبعضها يعيش فى أوروبا وخصوصًا فى منطقة بحر أيجه ونادرًا ما يظهر فى الأجواء الحارة.
غير أن نوع الأوز وحده لا يمكن أن يُشكك فى أثرية اللوحة، حسب الباحث، الذى يقول إن هناك عدد أخر من المشاكل فى اللوحة، فالألوان المُستخدمة فريدة من نوعها في الفن المصري، والطريقة التى رُسم بها الأوز غير طبيعية، كما أن أسلوب ميل الحيوانات لم يُعهد لدى القدماء المصريين، أنما هو سمة مشتركة في الفن الحديث.
الشقوق الموجودة في اللوحة أحد علامات الشك فى أثريتها، حسب الباحث، الذى يؤكد عدم توافقها مع لوحة خلعت من جدار، ويشير خبير الأثار بجامعة «كور» الإيطالية إلى أن هناك دليل أخر يُظهر أن تلك اللوحة المعروضة مرسومة فوق لوحة أصلية، إذا يقول إن هناك أجزاء من اللوحة الأصلية لا تزال ظاهرة للعيان، وخصوصًا في الزاوية اليمنى العلوية من اللوحة المعروضة في المتحف المصري.
إذا كانت اللوحة وهمية، فمن رسمها؟ يجيب «فرانشيسكو تيراتدي» على السؤال، قائلاً : إن الشخص الذى يرجع له الفضل في اكتشاف اللوحة كان يعمل أمينًا في متحف بولاق في القاهرة، وكان فنانًا بارعًا درس الرسم فى أكاديمية الفنون بميلانو، وربما يكون هو الشخص الذى رسم اللوحة الحالية أعلى اللوحة الأثرية.
الدكتور «طارق توفيق» مدير المتحف المصري قال في تصريح لـ«المصري اليوم» إن لوحة «أوز ميدوم» أحد أهم اللوحات الفنية في العالم، إذ لا يخلو كتابًا للفن من صورتها، مشيرًا إلى أن اللوحة لم يدور حولها أية شكوك «حتى الآن».
وقال «توفيق» إن اللوحة رُسمت بأسلوب «التندرا» على طبقة من الجص فوق جدار من الطوب اللبن، جاءت من مقبرة بمنطقة «ميدوم» كانت لموظف كبير وزوجته، والقطعة المعروضة في المتحف جزء من المقصورة الجنائزية للزوجة «أتت»، حسب الدكتور «طارق توفيق» الذى يشير إلى وجود مجموعة من بقايا الأقدام فى أعلى المنظر المعروض بالمتحف المصري، تُشير إلى بقية النظر الأصلى الذى يُمثل صيد الطيور بالشباك، وهو سلوك شائع في الدولة القديمة.
ويعمل الباحث كرئيسًا للبعثة الأثرية الإيطالية في الأقصر، حسب «توفيق» الذى يؤكد أن «فرانشيسكو» لم يُعرف عنه «تلفيق الحقائق».
الاطلاع على البحث بالتفصيل ومعاينة الأدلة والشواهد، هو ما سيفعله مجموعة من خبراء المصريات، حسب «طارق توفيق» مدير المتحف المصري، الذى يؤكد ضرورة الحذر في تناول أى آراء جديدة ومراجعة القرائن التى يعرضها الباحث للوصول إلى حقيقة ادعاءه.
وسيقوم الباحث الإيطالى «فرانشيسكو تيراتدى» في نشر نتائج بحثه فى مجلة للفنون يوم 5 أبريل المقبل.