x

جمال طه يوسف ندا.. والرهان الأمريكى على الإخوان جمال طه الأحد 29-03-2015 20:55


يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية للتنظيم الدولى للإخوان، رتب علاقة الإخوان بالثورة الإيرانية، توسط بين السعودية وكل من اليمن وإيران، وفى الحرب الإيرانية العراقية، شارك فى حل الأزمة بين الجزائر وجبهة الإنقاذ، أمد اليمن بوثائق دعمت موقفه فى النزاع مع إريتريا حول جزر حنيش، ارتبط بصداقة مع الملك إدريس السنوسى، ولعب أدواراً فى تونس والعراق وتركيا وكردستان وماليزيا وإندونيسيا.. كان عضواً بمعهد بينمنزو التابع للأمم المتحدة، كرمه المعهد، وخلال مؤتمر «السلام والتسامح» الذى عقد إبريل 1997، قال بوش الأب إن «العدو هو الأصولية والجريمة المنظمة»، ندا اعتبرها لمزاً يستحق رده: «أنت تبحث عن عدو تحاربه.. عن الحرب وليس عن السلام»، غضب بوش، ضرب المنضدة بيديه صارخاً «تلك حقائق، ينبغى أن نعيشها».. انتهت مواجهة، لكن تداعياتها بدأت.

ندا يمتلك ويدير كيانين رئيسيين «مؤسسة ندا للإدارة» ومقرها لوجانو بسويسرا، و«بنك التقوى» بجزر البهاما، الترويج للبنك بالسوق السويسرية دفع السلطات للتحرى عن نشاطه، لتجده بنكا وهميا، مقره مجرد صندوق بريد، عدد العاملين (6) أشخاص، قررت منع استخدام اسمه على أراضيها، أفلس البنك 1998، أغلقته حكومة البهاما إبريل 2001، نوفمبر 2001 اتهم بوش الابن ندا بأنه أحد داعمى الإرهاب فى العالم، وأنه مول أحداث 11 سبتمبر من خلال شركاته والبنك، وجمد أمواله وأصوله، عند تفتيش مقراته 7 نوفمبر 2001 عثر على وثيقة بعنوان «الاستراتيجية المالية للإخوان المسلمين» تتضمن مخطط التغلغل وفرض النفوذ داخل اقتصاديات الدول الأوروبية.. المدعى العام السويسرى وضع أمواله تحت الحراسة، فرض عليه الإقامة الجبرية، وبدأ التحقيق معه بالتعاون مع إيطاليا وبريطانيا و10 دول أخرى، إضافة للمخابرات المركزية CIA والمباحث الفيدرالية ووزارتى الخزانة والأمن الداخلى، أواخر 2001 ضمنته الأمم المتحدة قائمة استصدرتها الإدارة الأمريكية للمتهمين بدعم الإرهاب، فاضطر لتصفية أعماله بسويسرا.

التحقيقات أكدت ان أحد مؤسسى البنك «أحمد إدريس نصرالدين» كان موظفاً بمجموعة بن لادن، والممول الرئيسى ورئيس مجلس إدارة المركز الإسلامى بميلانو، الذى استخدم كمحطة لإرسال المتطوعين للقاعدة بأفغانستان، اثنان من أقرباء بن لادن من حملة أسهم البنك، خيرت الشاطر والقرضاوى وزغلول النجار من كبار المودعين.. CIA رصدت مشاركة البنك فى تمرير أموال للقاعدة، وتوفير خدمات الإنترنت والهواتف المشفرة لها، وترتيب شحنات الأسلحة... وزارة الخزانة أعلنت أنه اعتبارا من أكتوبر 2000 وفر البنك حساب ائتمان سريا لشخص مقرب من بن لادن، حول له بعد سبتمبر 2001 مساعدات مالية كبيرة، شارك فى تمويل حماس، جبهة الإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر، النهضة التونسية، ومنظمة «القاعدة».

وزارة المالية الأمريكية خاطبت المدعى العام السويسرى 22 فبراير 2002 لتحيطه باتهام المخابرات الأردنية للبنك بتمويل شبكة الزرقاوى الإرهابية التى خططت لضرب السائحين والمصالح الأمريكية فى عمّان خلال احتفالات الألفية، وزارة الخزانة خاطبته 17 ديسمبر 2004 لتؤكد توافر أدلة جديدة على تورطه فى تمويل الإرهاب.. مساعد وزير الخزانة «زراتة» قدم شهادة إدانة فى الكونجرس 12 فبراير 2002، وسافر بصحبة وزير العدل لسويسرا لتأكيد ذلك رسميا، شهادة «جون سنو» وزير الخزانة للكونجرس 26 يونيو 2003 قدمت أدلة إضافية.. فريق الخبراء الماليين التابعين للأمم المتحدة كشف انتهاك ندا حظر السفر 28 يناير 2002، وسافر لإمارة ليخنشتاين، وغيّر أسماء شركاته، ووضعها تحت التصفية.

المحكمة الفيدرالية العليا بسويسرا وجهت إنذارا للمدعى العام 27 إبريل 2005 لاستمرار التحقيق لأكثر من ثلاث سنوات، ومنحته شهرا مهلة، لتحويل القضية لقاضى تحقيق، أو حفظها نهائياً، لكنها رفضت رفع الحجز المفروض على ثروة ندا أو إنهاء الإقامة الجبرية عنه 14 نوفمبر 2007 لقناعتها بأن عدم توافر أدلة للإدانة نتيجة لعدم امتلاك البنك سجلات ونظم حفظ بنكية، لا يعنى البراءة، نهاية نوفمبر 2007 توجه ندا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فى ستراسبورج لاستئناف الحكم، وحصل على حكم بإدانة الحكومة السويسرية.. وهى المرة الأولى فى تاريخ المحكمة التى تصدر حكماً فى قضية تتعلق بالإرهاب، العدالة تختلط بالسياسة وبمصالح الدول عندما تتصدى مؤسسات حقوق الإنسان لقضاياها، فما بالنا عندما تتصدى لقضية إرهاب؟! رغم ذلك.. اضطر مجلس الأمن لوقف قرار تجميد أموال ندا وتحديد إقامته 10 مارس 2010.. لكن الحظر الأمريكى استمر، لإدراكها حقيقة تورطه، فالمخابرات الأمريكية تعيِّن رئيس البنك المركزى فى الباهاما، والـFBI ترصد التحويلات النقدية من الجزيرة.. فلماذا رفعته أخيرا؟!

الإخوان من منظور الرئاسة الأمريكية أثبتوا على مدى 85 عاماً انهم مكون رئيسى فى المشهد المصرى، اياً كان من يحكم، ومهما كانت الضغوط عليهم، لذلك استثمرت فيهم لتوظفهم كأهم أدوات إعادة ترتيب الأوضاع بمصر والمنطقة، مبلغ الـ8 مليارات دولار كان جزءاً من ذلك.. لذلك غير مقبول تعلل الرئاسة بأن مصر ابتلعت الإخوان، وأن الرهانات سقطت، والاستثمارات ضاعت.. الحفاظ على تواجد الإخوان هدف رئيسى، بغض النظر عن تغيرات السياسة الأمريكية ومواقفها تجاه الدولة المصرية.. ويوسف ندا رجل المرحلة، مهما شاب العلاقة معه من إشكاليات.. كان المسؤول الفعلى عن ترتيب اتصالات الإخوان مع الإدارة الأمريكية بعد 25 يناير، نجح فى تغيير موقفهم من ترشح الإخوان للرئاسة، بعد سقوط مرسى سارع بإيفاد ابنه –عضو التنظيم الدولى- لواشنطن 7 يوليو 2013، لحثها على اتخاذ إجراءات عاجلة تمنع تحول ترتيبات 3 يوليو لواقع يصعب تعديله، قيادات التنظيم الدولى فى اجتماعهم بإسطنبول 13 يوليو قررت تفويضه فى التصدى للحملة الدولية المضادة للإخوان، وإدارة علاقاتهم مع أمريكا وبريطانيا حرصاً على استمرار دعمهما.. وكلف بتأسيس شركات وافتتاح مشاريع لتوظيف الهاربين، وتمويل قنوات التحريض.. كان همزة الوصل بين التنظيم والحكومتين القطرية والتركية، وشارك فى تغطية تكلفة مؤتمرات الإخوان التى عقدتها بأمريكا وألمانيا قبل 25 يناير 2015.

الرهان على ندا إذن يرجع لقدرته على إحياء الإمبراطورية الاقتصادية والمالية للإخوان حول العالم، بأمواله التى تقدر بـ12 مليار دولار، أو استثمار علاقاته لضخ استثمارات جديدة، ما يوفر مصادر تمويل بديلة لقرارات الحظر التى فرضت على ممتلكاتهم، وحل جمعياتهم، وعجز التنظيم عن تحصيل إشتراكات الأعضاء.. الرواج الاقتصادى سيتبعه انفراج سياسى، خاصة مع إيمانه بقدرة التنظيم وديناميكيته، ما يمكن الإخوان من سرعة استعادة مواقعهم، سواء من خلال أعضاء التنظيم المنتشرين بمؤسسات الدولة، او بالمصالحة.. ندا يعتبر وسيطاً مقبولاً بين التنظيم والأنظمة العربية، وفوتِحَ بالفعل مارس 2014 لكن المناخ لم يكن مواتياً.. وهو كارت لم يحترق، وأفكاره تحمل قدراً من التفاهم والتسامح تجاه الأديان والمذاهب الأخرى، ملاسناته مع محمود عزت وأعضاء مكتب الإرشاد حول الشيعة تؤكد ذلك، كما أنه عضو التنظيم الدولى الوحيد الذى لم يهرول للعودة لمصر إبان حكم الإخوان، رغم قرار مرسى بالعفو العام وإسقاط الأحكام عنه يوليو 2012.

ذلك هو الرهان الظاهرى على يوسف ندا.. لكن أجهزة المعلومات الأمريكية تدرك أن قطار المصالحة بمصر خرج عن قضبانه منذ تولد العداء بين الشعب والإخوان، وانكشف عداؤهم للدولة، للمرة الأولى فى تاريخ الجماعة، وأن الاستفادة الحقيقية منهم تتمثل فى اعتبارهم كجماعة بمثابة ذراع سياسية بالمنطقة، وتوظيفهم بوصفهم أفراداً كمصادر لأجهزة الأمن أو كطابور خامس يمكن تحريكه فى الاتجاه والتوقيت الملائم للمصالح الأمريكية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية