x

يوسف ندا: أتوقع عودة «حبيب» لصفوف الجماعة.. وخروج «أبو الفتوح» كان خطأ

الثلاثاء 05-01-2010 22:35 | كتب: شارل فؤاد المصري |
تصوير : اخبار

التزم المهندس «يوسف ندا» مفوض العلاقات الخارجية في جماعة الإخوان المسلمين، الصمت منذ أن بدأت المشكلات تعصف بالجماعة من الداخل، بداية برفض المرشد الاستمرار في منصبه لولاية أخرى، وعدم الموافقة على تصعيد الدكتور «عصام العريان» وحتى مشكلة الانتخابات الأخيرة، مرورا بمذكرة المهندس «حامد الدفراوى» القيادي الإخوانى، التي تطعن في نزاهة انتخابات «شورى الإخوان»، وتطالب بـ«تحقيق دولى» فى تجاوزات مكتب الإرشاد وانتهاء باستقالة الدكتور «محمد حبيب» النائب الأول للمرشد، من جميع مناصبه في الجماعة باستثناء عضويته بمجلس شورى الإخوان في مصر.

«المصري اليوم» التقت المهندس «يوسف ندا» من مقر إقامته بسويسرا، وأجرت معه هذا الحوار، حول القضايا التي واجهت الجماعة في الفترة الماضية، وقضايا أخرى تتعلق بالإخوان، وإلى تفاصيل الحوار:
■ بصفتك أحد قيادات الإخوان ما رأيك فيما يحدث الآن من حراك داخل الجماعة؟

- أنا عضو عادى فى جماعة الإخوان المسلمين ولست قياديا كما تقولون، وصحيح أنني أكلف ببعض المهام غير القيادية من آن لآخر منذ عام 1979 ومرجعى وتكليفى محدد فقط فى شخص المرشد بناء على حساسية هذه المهام. أما ما أراه الآن وأسمعه وأقرؤه بخصوص هذا الحراك ففيه إما حيرة أو مكيدة أوتربصاً أو استهدافاً، وأتمنى أن يكون فقط من باب الإشفاق. وما أود أن أقوله هو أن هذه الجماعة لم توجد ولم تستمر برغبه أو قدرة مجموعة جديدة أو قديمة حملت عبء تمثيلها بصواب أو بخطأ فى الماضى أو الحاضر أو المأمول بالسير بين المشروع والممنوع محصنة بالسمو والطهارة معترفة بآدميتها اللا معصومة وتؤوب وتتوب وتتذكر وتذكر إن مسّها الطائف الذى تتجنبه وتسأل الله العون.. يكلّ منهم من يكلّ بل ويتساقط ويذبل من يجف أو يغتر وتغلبه الأمارة عندما يشح نهله من الروحانيات وينتهي بعيدا ووحيدا والقافلة تسير باسم الله مجريها ومرساها. وأشير إلى أننى مازلت مقتنعا بأن من خرج من المكتب – يقصد مكتب الإرشاد- هذا الشهر رغم مآخذى على بعض تصرفات بعضهم مازالوا على العهد وليسوا كمن سقطوا من قبل، وأسأل الله ألا يصيب أحداً منهم الغثيان فى العقل أو اللسان.

■ ماذا عن الفصل بين الدعوة والسياسة عبر إنشاء حزب يتعاطى السياسة وتتفرغ الجماعة للدعوة؟

- هناك إصرار على تجزئة شمولية هذا الدين حتى يعود إلى ما حدث فى العصور المظلمة بمفاهيم التواكل والشعوذة وأقاويل تشل الإرادة وما يطلق عليه طاعة ولى الأمر وتتغير المقاصد والأولويات ويحل محلها السواك وطول اللحية وقصر الجلباب أو السروال وإسدال النقاب وانتقاص الحجاب ويسمى ذلك كله وغيره عندهم (العقيدة أولا). وفى مقابل ذلك هناك إصرار بالفهم والتحرك الشمولى فى كل أبواب الحياة الروحية والمادية عند معتنقى فكر هذه الجماعة، فقد استطاعت هذه الجماعة تعميق هذا الفهم الشمولى وتجذيره حتى شاع وثبت فى كل العالم الإسلامى.

نعم هناك فجوة بين معتنقى فكر هذه الجماعة للإسلام وممارساتهم وبين غيرهم من المراقبين أو المحللين ممن لم يمارس اعتقاداتهم وليس فقط أدبياتهم، ويعطون ألقابا ومسميات مثل خبير فى شؤون الإخوان أو الحركات الإسلامية أو السياسية أو التاريخية ويبتلع أفكاره وتحاليله من هو أقل منه علما.

ويحضرنى هنا قول محمد حسنين هيكل عندما اخترع قصة يقول فيها إن الأستاذ البنا رحمه الله أراد أن يوكل إليه مهمة إنشاء جريدة للإخوان فسأله من أين التمويل فأجاب البنا بأن عنده فى كل قرية فى مصر شعبة وكل شعبة فيها مكتب إرشاد يستطيع أن يجمع ما يطلب، وعندما يسمعه من لا يعرف التركيبة التنظيمية للإخوان يصدق الرجل، أمّا الإخوان ومن يعرفونهم فعلموا أنه أراد أن يستعرض «علمه» بالإخوان وأنه يتكلم عمّا لا يعرف حيث الحقيقة هى أن للإخوان مكتب إرشاد واحداً، ولا أريد أن أسترسل فى أمثلة أخرى مما أراه الآن على شاشات الإعلام من سطحية وجهل من ينسبون لأنفسهم الخبرة بنا فلهذا الأمر جولة قادمة.

لقد تعلمنا فى هذه الجماعة أنه فى وقت العواصف وهى سنة الكون أن يصر كل منّا أن يحافظ على دينه وخلقه فهذا ما سيقابل ربه به ولا مجال ليتعلل بأخطاء غيره وأن من يعمل لله لا يدع غيره يوليه غير وجهه بل ويتعبد بمساعدته على شيطانه مهما كان موقعه فلم نحمل هذا الفكر لإرضاء هذا أو ذاك ولكن لننجوا به من غضب الله وشفاعة به لرضاه.

■ ما رأيك فى النقد الحاد الذى يوجه للجماعة حاليا؟

- قرأنا وشاهدنا من اشترك فى النقد أو ساهم فى النهش كأنهم طيور جارحة. ومنهم من كان مهنيا وموضوعيا باحثا عن الحقيقة، ومنهم من كان مشفقا، ومنهم من كان جارحا، ومنهم من كان حاقدا، ولكن كل منهم حجب رؤيته ورأى صورة مختلفة إن لم تكن مشوهة.

■هل يختلف الإخوان؟

- نعم وإن لم يختلفوا فليسوا بشرا (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك).

■ هل إذا اختلفوا ينهش بعضهم بعضا ويخونه؟

"قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"

■ ما الضوابط لتفادى الخلل الأخلاقى عند الاختلاف؟

- الفهم والالتزام العقائدى والتربية التى تؤكد على التسامح (كونوا عباد الله إخوانا).

■ هل حدثت خلافات مماثله فى الجماعة من قبل خاصة بعد وفاة مؤسسها؟

- نعم مرات كثيرة لزم فيها بعضهم خويصة نفسه ونأى أو عاد فى أدب وورع وتذكر قول هارون لأخيه موسى عليه السلام (..لا تشمت بى الأعداء) وتمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (فليقل خيرا أو ليصمت) (وإذا رأيتم فتناً كقطع الليل المظلم فليلزم كل خويصة نفسه) ومنهم عمالقة كانوا أعمدة رئيسية فى الجماعة نسأل الله لهم الرحمة والغفران وارتأى آخرون أن يخدموا الإسلام فى ساحات أخرى أراحت ضمائرهم ولم تتلف ورعهم وخلقهم ولو أخطأوا عادوا، ويحضرنى فى ذلك قولى لأحد هؤلاء العمالقة وهو الشيخ الغزالى رحمه الله فى بيتى فى سويسرا قبل سفره الأول إلى الجزائر «نريد أن نوكل لمجموعة من الإخوة أن يجمعوا كل ما كتبت وقلت فى موسوعة باسم موسوعة الغزالى. فأجاب: (يا يوسف يا ابنى هناك أخطاء فى بعضها فى فترة مظلمة يجب أن أصححها قبل أن تبدأوا بهذا وكى أصححها أحتاج لجهد وصفاء فاصبر حتى يمكننى الله من ذلك)» وفهمت ما يقصد وزاد إكبارى له ودعوت له.

وتطرف آخرون بزلات فكر أو قول أو عمل محا تاريخهم وضاعف ذنوبهم وأحزن إخوانهم على ما آل إليه إيمانهم وخلقهم بعد أن انقلب الخلاف السياسى أو التنظيمى فيهم إلى بعد تربوى أو خلقى وهؤلاء غلبتهم الأمّارة بغرور ثم ذبلوا وسقطوا (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) وتاريخ الخوارج فى الإسلام يتكرر ظهوره فى مراحل تاريخية كثيرة فى جميع الشرائح وعلى مدار التاريخ ولذلك لماذا يستبعد ظهور نتوءاته فى الحركة الإخوانية من آن لآخر؟

■ كيف تبرر هذه الخلافات؟

- كما قلت من قبل إن لم نختلف فلسنا بشراً وأهم ما يؤدى إليه اختلاف الرؤى والأفكار هو الإبداع، وعكس ذلك هو الجمود، وقد كان هناك اختلاف بين الصحابة واختلاف بين الفقهاء والساسة وحتى بين أفراد العائلة الواحدة وحتى فى تكتيك المعارك بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، وحاشا لله أن نظن أننا خير منهم. وهى ظاهرة صحية مادامت فى الإطار الشرعى والخلقى.

■ كيف تقيِّم التأسيس الثانى للجماعة فى السبعينيات؟

- هذه الجماعة تأسست مرة واحدة ومن يرد أن يمن عليها لالتحاقه بها عندما كان معظم قياداتها إما فى السجون أو متخفين نقل له (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين). هذه الجماعة ليس لأحد عليها فضل إلا الله وكان لها الفضل على كل من لحق بها أن قربته لربه إن كان من الصادقين، وهى لم تتوقف ولكنها سارت سير الحياة تارة تسرع وأخرى تتمهل تارة تظهر وأخرى تتستر.

■ ما رأيك فى أسلوب تعيين مكتب الإرشاد الجديد والحديث عن المحافظين والإصلاحيين؟

- نحن الأشاعرة.. الإمامة عندنا تثبت بالاختيار والاتفاق دون النص والتعيين، إذ لو كان ثمة نص لما خفى، والدواعى تتوافر على نقله وقد اتفقوا فى سقيفة بنى ساعدة على أبوبكر رضى الله عنه ثم اتفقوا على عمر رضى الله عنه ثم اتفقوا بعد الشورى على عثمان رضى الله عنه واتفقوا بعده على على رضى الله عنه ولم يأت أى منهم بالتعيين، واستقر الرأى عند الإخوان بتبنى الأسلوب الديمقراطى فى الانتخاب لتطابقه مع أسلوب الاتفاق والاختيار. وتم الاختيار واتفقت القواعد وقد ربينا على التسامح وأمرنا أن نكون عباد الله إخوانا، واخترنا اسم الإخوان المسلمين لنلتزم بجوهره، وجميع قياداتنا وقواعدنا تتنافس فى العبادة فيما يقربنا إلى الله، ولا نتدابر ولا نتنابز عند اختلاف الرأى، بل أمرنا بالحكمة والموعظة الحسنة وبهما نصل إلى غاية المراد وتمام الواجب، وكلنا إصلاحيون وكلنا محافظون ولو كان فينا تباين الأعمار والأفكار فذلك يحسب لنا لا علينا، ولكل دوره فى السفينة التى تشق الأمواج، والانضباط لا غنى عنه فى العمل الجماعى.

■ وما رأيك فى موقف الدكتور حبيب؟

- من يعرف الأخ الدكتور محمد حبيب، لا يستطيع أن يشكك فى ورعه وإخلاصه وتفانيه فى خدمة هذا الدين وهذه الجماعة ورغم ذلك دخل فى امتحان بين قناعاته بأسس تنظيمية حرصا على الجماعة ومحاولة فرض هذه القناعات، ولو خدشت سمعة وحدتهم فى الإعلام المتربص ولا أتوقع إلا أن يعود إلى صفائه ويلزم الصف وأرجو ألاّ يستفز فيرد بما يسىء إلى ثباته وماضيه.

■ وماذا عن خروج الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح من مكتب الإرشاد؟

- الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح شخصيته مجمّعة من قبل أن يلحق بالإخوان، وظل كذلك حتى الآن وأسأل الله له دوام النعمة، وساحات العمل الإسلامى فى نظره أوسع من حدود مكتب الإرشاد بقيوده الإدارية وانطلاقه فى الساحات الاجتماعية والسياسية والخيرية والنقابية والطبية وغيرها متشعبة فى مصر وخارجها، ولو كان خروجه من المكتب وافق رغبته إلا أننى أعتقد أنه أخطأ فى ذلك فوجوده فيه كسب كبير للجماعة وثواب كثير فى ميزان حسناته ولو كان انفتاحه على الغير أحسبه من مميزاته إلا أن صراحته قد تحتاج إلى توازن.

■ هل صحيح أن أعضاء المكتب الجديد يحملون أفكار سيد قطب؟

- الأستاذ سيد قطب، رحمه الله، كان ذا علم وتقى ولا يسع سامع لمحاضراته أو قارئ لكتاباته إلا أن يقر بإخلاصه وعلمه وشفافيته، وقد التحق بالجماعة عام 1951 ومنع منها بسجنه عام 1954 واستمر ذلك حتى استشهد عام 1966 فيما عدا بعض الشهور خارج السجون. وكان إذا تحدث لا يسعك إلا أن تتابعه بكل حواسك وإذا قرأت له سبحت فى فضاء أفكاره. وقد أعطاه الإخوان ما يستحقه من التقدير لعلمه وإيمانه وسمو أخلاقه، ولكنه لم يكن يوما ما أحد منظريهم، حيث اصطدمت بعض نظرياته بأسس ثابتة فى التركيب الفكرى والنفسى والحركى لأفرادها تجاه المجتمع والدولة، مما حدا بمرشدها فضيلة الأستاذ الهضيبى الأب أن يصدر كتاب (دعاة لا قضاة) أكد فيه ما يفهم من عنوانه أن مهمة الإخوان هى دعوة الناس إلى الخير لا الحكم عليهم بالجاهلية أو الشر.. ألخ.

■ هل تركيبات قيادات الجماعة ومكاتب الإرشاد لابد أن تكون ممن نشأوا فى التنظيم بصرف النظر عن تحركهم فى الدعوة؟

- تعبير «تنظيم» هو كلمة حق أريد بها باطل أى يراد أن يشار بها إلى ما سمى فى وقته «النظام الخاص» وكانت له مهمات محددة فى فلسطين والقناة وانتهى وحل بانتهاء مهمته. أما الآن فالجماعة كلها هى تنظيم أو منظمة من منظمات المجتمع الدينى والمدنى والقومى وهذه المنظمة تربى على الفضائل الدينية وتنشر العدالة والمساواة بين مختلف أطياف ومعتقدات الوطن. وكل فرد من الإخوان هو عضو فى هذا التنظيم وليس فقط قياداته.
 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية