x

رجب جلال قانون إلهى لتقسيم الدوائر رجب جلال الخميس 26-03-2015 21:27


كما كان متوقعاً، صدر حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ولو كانت هناك طعون أخرى على كل مواد القانون لصدر الحكم ببطلانها أيضاً، ذلك أن القانون حرص على تطبيق مواد الدستور بحسب التفسير الذى رأته لجنة إعداد القانون، وهى معذورة لأن النصوص الدستورية تحكمها، وهى لم تكن نصوصاً قانونية، بل استعراضاً لغوياً وتلاعباً بالألفاظ غير مبرر، فما الفرق بين «التمثيل العادل» و«التمثيل المتكافئ»، لكن يبطل العجب إذا تذكرنا أن لجنة الخمسين كانت «تنقط فى فرح» لا تعد دستوراً، انظر كيف حيرت الجميع فى كيفية تمثيل المرأة والشباب والأقباط والمعاقين والعمال والفلاحين والمصريين فى الخارج.

لكن فى زمرة اللغط والصراخ الذى أحاط بالحكم، ربما لم يلحظ كثيرون أن الحل الذى قدمته هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا، لعلاج العوار الذى أصاب القانون، هو أيضاً ليس حلاً دستورياً، لأنه يحرص على تحقيق التكافؤ بين الناخبين من حيث عدد ممثليهم فى البرلمان، بطريقة حسابية بحتة يستحيل تطبيقها على أرض الواقع فى أى مكان فى العالم، فالقاعدة التى يتم على أساسها تحديد عدد المقاعد بكل دائرة، هى نائب لكل 131 ألف ناخب (حاصل قسمة إجمالى الناخبين على المقاعد الفردى)، وبالتالى فإننا إذا أردنا تطبيق العدل المطلق بين جميع دوائر الجمهورية، فلابد أن يكون عدد الناخبين فى كل دائرة 131 ألف ناخب بالضبط لتحصل على مقعد، أو 262 ألف ناخب لتحصل على مقعدين، وهو أمر مستحيل الحدوث إلى يوم القيامة، بسبب تباين الأعداد من منطقة إلى أخرى، إلا إذا أراد الله عز وجل أن ينقذ مصر من مصيبتها الدستورية، بأن يقرر (وهو الذى يقول للشىء كن فيكون) مساواة جميع الدوائر ببعضها، بأن يميت كل ما يزيد على 131 ألف ناخب ومضاعفاته بجميع أنحاء الجمهورية، وفى نفس الوقت تنجب كل نساء الدوائر التى يقل عدد ناخبيها عن معيار القياس، ما يكفى ليصل العدد 131 ألفا ومضاعفاته، بشرط أن يلدن شباباً وفتيات أكبر من 18 سنة حتى يكون لهم حق التصويت!!

هذه هى الحالة الوحيدة التى تحقق العدل المطلق فى تقسيم الدوائر، أما دون ذلك فهى مجرد محاولات للاقتراب من العدالة النسبية، فإحدى دوائر الإسكندرية مثلاُ، عدد ناخبيها 400 ألف، مخصص لها 3 مقاعد، بينما دائرة حلايب وشلاتين بها 18 ألف ناخب فقط، ومع ذلك خصص لها مقعد لأسباب سياسية واعتبارات أخرى منها الأمن القومى، وعلاج آثار تهميش قديم، وغيرها.

فلا تتصورا أنه بعد تعديل قانون تقسيم الدوائر سيصبح محصناً من الطعن عليه بعدم الدستورية، أو يعنى أنه سليم، فكل الارتباك السياسى الذى حدث طوال الأسبوع الماضى، كان بسبب مادة واحدة فى القانون من إجمالى 4 مواد، و28 جدولاً، بواقع جدول لكل محافظة، إلى جانب جدول القوائم، فماذا إذا تم الطعن على مادة أخرى أو أكثر، أو جدول أو أكثر، ولن أكون متشائماً إذا قلت إنه يمكن الطعن على 73 مادة فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، و51 مادة فى قانون مجلس النواب، ولو أراد المرشحون أو المحامون من محترفى تحريك الدعاوى، تعطيل الانتخابات إلى يوم الدين، فلديهم 155 فرصة للطعن على مجموع مواد القوانين الثلاثة، وهذا يعنى كما ذكرت فى مقال سابق أن مجلس النواب مثل البالونة يمكن أن ينفجر من أى نقطة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية