x

أنور الهواري حماقةُ العاصمة الجديدة أنور الهواري الأحد 22-03-2015 22:08


تحت هذا العنوان، كتب الدكتور جمال حمدان كلاماً جديراً بالقراءة، فى المجلد الرابع من موسوعته: شخصية مصر، دراسة فى عبقرية المكان.

أولًا: عن منشأ الفكرة كتب يقول:

«دعا البعضُ- علناً بل وعلى المستوى الرسمى- إلى عاصمة جديدة، حيث استيقظ المصريون ذات صباح عجيب، فى منتصف عقد السبعينيات من القرن العشرين، ليطالعوا- بكل بساطة- خبراً مُقتضباً وأمراً مُقتضباً بقرار حكومى، بإنشاء عاصمة جديدة لمصر».

«وكأنما قد فرغت مصرُ المحروسة من جميع مشاكلها وأزماتها وأوزارها. وكأنما كان هواة التخطيط وأحباب التعمير فى انتظار إشارة البدء، فإذا حُمّى البحث تنطلق من عقالها- غرب البلاد وشرقها وفى الوجهين البحرى والقبلى- وراء تلك العاصمة المُنقذة. إما كمدينة تنشأ بكراً، أو كمدينة قائمة تُنقلُ إليها العاصمة. وذلك كحل جذرى وتخلصاً من متاعب القاهرة التراكمية وصعوباتها المُثبطة المُحبطة».

ثانياً: عن المواقع المُقترحة للعاصمة الجديدة كتب:

«فأما المشروع الحكومى، فقد اختار هضبة صخرية، شمال الصحراء الغربية، على بُعد مائتى كيلومتر من كل من القاهرة والإسكندرية، وقريباً من وادى النطرون ومنخفض القطارة».

بحيثُ تخدم هذه العاصمة الجديدة التوسع العمرانى لذلك القطاع من الصحراء فى المستقبل، وتساهم فى تنشيط الحركة السياحية بها.

ويحل المشروع مشكلة المواصلات بإنشاء الطرق والمطارات الحديثة. ومن السهل- بعد هذا- تسوية وتمهيد الهضبة واستغلال كثبانها الرملية فى التشجير وجماليات اللاندسكيب.

تقسيم أراضى الهضبة غير المحدودة وطرحها للبيع يمكن- وحده- أن يمول المشروع.

أما عن المياه، فيمكن- كما جاء فى المشروع- توصيل مياه النيل إليها، من خلف السد العالى، لتكون المياه محملة بالطمى لتستزرع الوادى الجديد فى الطريق.

ثالثاً: عن فشل هذا المقترح الحكومى وظهور المقترح بمدينة السادات يقول:

«يبدو أن هذا المشروع الحكومى، وقد استشعر فداحة شططه، بعدما لقى- على الفور- من مقاومة شعبية وعلمية رادعة، تراجع عن موقعه الأول، إلى موقع آخر أقل تطوحاً وخللًا، دون أن يتخلى فى الوقت نفسه عن مبدأ العاصمة الجديدة. فمنذ مات المشروع المُعلن ميتة طبيعية، يبدو أن هُناك نية مُبيتة مُضمرة، تتم فى تكتم وصمت كالمؤامرة على إعداد ما يسمى «مدينة السادات الجديدة» لتكون العاصمة الجديدة لمصر يوماً ما وكأمر واقع. وقد تقرر- بالفعل- نقل بعض الوزارات إليها- بالقطاعى- تمهيداً للانتقال بالجملة، وضعاً للشعب أمام الأمر الواقع، كل ذلك لأمر ما لسنا نعرفه، ولمصلحة مَنْ، لا ندرى».

رابعاً: لم تقف حُمّى الاقتراحات عند ذاك المشروع الحكومى الفاشل، ولا عند مدينة السادات، كتب يقول:

«حُمّى البحث حملت البعض إلى المنطقة الصحراوية، ما بين الفيوم ووادى النطرون، تجاه غرب المنوفية، وعلى طريق القاهرة- الإسكندرية.

بينما اقترح البعضُ نقطة الساحل الشمالى الغربى، حوالى مطروح وأمثالها.

وذهب البعضُ- باقتراحاته للعاصمة الجديدة- خارج حدود الوادى، بل خارج حدود العقل، فاقترحوا الفرافرة لتكون عاصمة لمصر كلها وليست عاصمة لمحافظة الوادى الجديد فقط، لتوسط موقعها، واعتدال جوها، ووفرة مياهها الباطنية.

مثلما ذهب البعضُ الآخر إلى قلب مثلث: القاهرة- السويس- الإسماعيلية الصحراوى، على بُعد 35 كم من مطار القاهرة الدولى، وعلى بُعد 80 كم من البحيرات المُرة، ويقترحون شق قناة بين تلك العاصمة والبحيرات المرة، لتصبح العاصمة الجديدة متصلة بقناة السويس، ومن ثم تكون بمثابة ميناء عالمى عند ملتقى الشرق والغرب، تدخلها السفن من اتجاهين، من الشمال: أمريكا وأوروبا والبحر المتوسط. ثم الجنوب: آسيا وأفريقيا والبحر الأحمر.

العاصمة فى هذا المثلث- حسب الاقتراح- ميناء عالمى، عاصمة سياسية وإدارية، منطقة صناعية كبرى، وتعمل محافظة الشرقية كحقل غذاء فى خدمة هذه العاصمة الجديدة».

خامساً: إلى جانب الاقتراحات السابقة- وكلها تبحث عن عاصمة فى الأراضى البكر، كان هناك اقتراح بأن تكون العاصمة الجديدة فى المنيا، يقول:

«أما من المواقع القائمة، فقد رشح البعض المنيا، نظراً- لما قال- لتوسط موقعها بين الشمال والجنوب، ولوفرة الأراضى الصحراوية إزاءها على الضفة الشرقية، ولحُسن مُناخها».

آخرُ الكلام: مشكلة كل هذه المقترحات القديمة، مثلها مثل كل المقترحات الجديدة، لم تستطع الإجابة عن هذا السؤال: ما هى فلسفة العاصمة الجديدة؟

الحديثُ مُستأنف.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية