x

نادين عبدالله «حرية نقابية..عدالة اجتماعية» نادين عبدالله الثلاثاء 17-03-2015 21:44


هو الشعار الذى أطلقته العديد من النقابات الجديدة فى المؤتمر المنعقد فى نقابة الصحفيين يوم 12 مارس الماضى، احتفالاً بذكرى إعلان الحريات النقابية فى نفس اليوم من سنة 2011، وتدشينًا لحملة الخمسين يوم التى تم إطلاقها خلال هذا المؤتمر. فهذه الأخيرة ستشمل عدة فعاليات من بينها ما يهدف للضغط من أجل إصدار قانون يضمن الحريات النقابية. فالمشكلة فى مصر تكمن فى وجود قانون مؤطر للعمل النقابى، وهو القانون 35 لسنة 1976، يجعل من اتحاد نقابات عمال مصر الكيان القانونى الوحيد الممثل للعمال. والحقيقة هى أن أزمة هذا القانون لا تكمن فقط فى كونه منافيا للاتفاقيات الدولية الضامنة للحريات النقابية - والتى وقعت عليها مصر منذ عام 1957- بل أيضًا فى كونه مخالفا للمادة 76 من الدستور التى تكفل حق إنشاء العمال لكيانات نقابية ممثلة لهم. ولا تزال المعضلة قائمة! فقانون الحريات النقابية الذى تم إعداده برعاية وزير القوى العاملة السابق د. أحمد البرعى ظل لشهور عديدة أسير أدراج المجلس العسكرى، كما رفضه أيضاً وزير القوى العاملة الإخوانى السابق. وحتى كمال أبوعيطة، القيادة النقابية الشهيرة، لم ينجح فى إصداره حين عين وزيرًا للقوى العاملة. واليوم، مازال هذا القانون قيد النقاش الذى تديره الوزيرة الحالية.

والحقيقة هى أننا نتفهم مخاوف البعض من هذا القانون، ومع ذلك لا نرى أن الحل يكمن فى عدم صدوره من الأساس. هناك قلق موضوعى لدى بعض رجال الأعمال أو بعض الهيئات الإدارية من صدوره خوفًا من إعطاء شرعية الحديث باسم العمال لنقابات وليدة قد تكون نسبة تمثيلها ضعيفة فى مكان العمل بما يجعلها غير معبرة بشكل كاف عن العمال، وبالتالى غير قادرة على التفاوض مع صاحب العمل باسمهم. كما يوجد نوع من التوجس من تكوين عدة نقابات فى المنشأة الواحدة بشكل فوضوى لن يساعد على تنظيم العلاقة بين طرفى العمل، بل ربما يزيد من تعقيدها. فوجود عدة نقابات فى مكان واحد أمر قد يصعب من عملية تفاوضها مع صاحب العمل، فقد يتشتت الأخير بين ممثلين مختلفين للعمال لكل منهم مطالبه ولكل منهم مجموعة مختلفة من العمال يمثلها. إلا أن هذه التخوفات تعنى ضرورة تنظيم حق العامل فى اختيار نقابته بنص القانون، وليس منع هذا الحق من الأصل بحجب القانون. ففى كل الأحوال، لا يعقل أن تواجه القيادات العمالية الممثلة لقواعدها هذا الكم من العراقيل والضغوط رغم أن تواجدها بشكل منظم هو الضمانة الوحيدة لعدم انفجار الوضع الاجتماعى فى مصر بشكل عشوائى. لذا فإن قناعتنا هى أن الحل الوحيد لهذه المعضلة يكمن فى التفاوض على صيغة قانونية تعبر عن حل وسط يضع مخاوف أصحاب الأعمال عين الاعتبار ولا يهمل حقوق العاملين بل يحميها.

وأخيرا، دعونا نعترف أن منطق الدولة «المتفرجة» أحيانًا و«الحاضنة» فى أحيان أخرى لابد أن ينتهى سريعًا، كى يحل مكانه منطق الدولة «المنظمة» وليس بالضرورة «المتدخلة». فالوضع فى مصر لم يعد يحتمل أسلوب «المسكنات»، بل بالأحرى يحتاج إلى إصلاحات بنيوية أكثر جذرية، ولعل من أهمها ما يتعلق بالإطار التنظيمى لعلاقات العمل.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية