x

«جمال الغيطانى».. سطور الإقامة

الخميس 31-12-2009 16:35 | كتب: محمد الكفراوي |

علاقة فريدة ينسجها الروائى «جمال الغيطانى» بين الأماكن والأشخاص فى الجزء السابع من دفاتر التدوين، الذى صدر مؤخرا عن دار الشروق ويحمل عنوان «من دفتر الإقامة»، فى محاولة لعقد صلة خفية بين الراوى، الذى يأتى فى العمل بصيغة المتكلم، وبين الأماكن التى يزورها ويقيم فيها لفترة ويتعرف فيها على أشخاص جدد، أو يعانى الوحدة ويفتقد المشاعر القديمة المليئة بالحماس والحيوية التى كان يختبرها فى أسفاره القديمة: «ها أنا ذا أبدأ إقامتى بالاستفسار عن مصطلح الطوارئ، بدلا من ملهى ليلى، أو مقهى يمكننى التعرف فيه إلى من أتعلق بها. هكذا حاد أمرى مع التقدم فى المسار، والوهن المصاحب، بل إننى أصغى متوقعا ولوج الأبدية ليلا».
الحيرة والقلق والإحساس بالغربة الذى يسيطر على الراوى فى البداية يحمل هماً وجوديا ينطلق من ظروف تبدو شخصية ليفضى إلى مشاعر إنسانية عامة، ويسيطر إحساس الراوى بالأماكن وملمس السكنى الجديدة التى يقيم فيها خلال إحدى سفرياته إلى الصين، حيث يستضيفه أحد المعاهد المتخصصة بصفته خبيرا فى المخطوطات، على العديد من الأحداث، من وصف المبنى القصر الذى تحول إلى معهد إلى وصف المقاهى وغيرها من الأماكن التى زارها فى محاولاته الدائبة لإبعاد شبح الوحدة والإحساس بالغربة والاغتراب عن روحه، محاولا تجاوز عدم التأقلم بالربط بين الذكريات القديمة والمتخيلة عن الأمكنة وواقع المكان فى اللحظة الراهنة.
ولا يخلو العمل من الحس الإيروتيكى الذى يطل فى أكثر من مشهد، بقوة أحيانا ممتزجا برغبة شخصية، وبفتور أحياناً أخرى مقترنا بزهد أو حالة نفسية غريبة، أو فى أحيان أخرى بنوع من اللعب بالتفاصيل الجنسية باعتبارها طارئا على الأحداث ونتيجة للفهم الخاطئ، « كل قوام له حدان، مبتدأ ومنتهى عداها هى، عند رؤيتى المعاينة، وعند استعادتى التواقة، لا يمكننى حدها أو حصرها أو تحديدها، سارحة متجاوزة إلى ما بعد المدى، حضورها موقد لدفء غامض ينفذ إلى الدفائن المحجوبة حتى عن أصحابها، عن أدق القدرات نفاذا. جسد مطواع، فاره، لا قدرة لثوب أن يحجبه، أن يستر استداراته وتفاصيله، مسفر عما لا يبين».
 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية