x

الوجه الآخر لحياة مصطفى محمود الباحث عن الله

الخميس 31-12-2009 16:08 | كتب: أحمد رجب |
تصوير : other

المؤلفون تسابقوا فى تدوين سيرته حتى فى حياته.. وأبرز ما صدر فى الثلاثين سنة الأخيرة: «سؤال الوجود»، و«قضايا فى حياتى»، و«شاهد على عصره».. وحواره مع «محمود فوزى» يعاد نشره صحفياً فى هيئة مذكرات.
بنظارات طبية عريضة تخفى عيونا حائرة، و«لزمات»: «أهلا بكم» و«سبحان الله»، قدّم المفكر «مصطفى محمود» نفسه للمرة الأولى إلى المشاهد، كان وجهاً جديداً: طبيب «مخ وأعصاب» سابق، و«باحث عن الله» دائم، مطرب هاو فوق أسطح المنازل، ونابش لأحد القبور فى محاولة لاكتشاف «الموت»، وجه يحمل فى حيرة عيونه وذبذبات صوته المرتعشة مفكراً كبيراً، استمرت رحلته طوال 88 سنة، بحث خلالها عن النغمة الموسيقية، ونقّب عن الموت.. سافر بحثا عن الله، ثم كتب عن 55 مشكلة فى حب.. هجر الشك إلى الإيمان، وكشف كيف يحكم الشيطان العالم، رحلة لم تنته بالموت، وكتابات وإسهامات فكرية كانت وستبقى ثروة لكل الباحثين.
رحلة طويلة، توّجها «مصطفى محمود» بحب هائل من جمهور عريض تربى على نغمة ناى تتر «العلم والإيمان» الحزين، وتعلم أن يسأل ويبحث فى كتبه ومقالاته.. جمهور استقبل مذكراته التى تنشرها «المصرى اليوم» بحفاوة تليق بمكانة الرجل، وجعل من الكتابة عنه جائزة خاصة، نالها العديد من الكتاب والمفكرين، الذين كتبوا عنه فى حياته أو بعد مماته، فى محاولة شخصية من كل منهم، قد تنجح أو تفشل، لفهم شخصية المفكر الكبير، وكشف أسراره وأفكاره للجمهور، قبل أن يفعل هو ذلك فى المذكرات.
وتعرض «المصرى اليوم» هنا 4 من أهم الكتب التى نُشرت عن المفكر الكبير، قبل وبعد وفاته، تقديرا لكُتابها الذين حاولوا تسجيل سطور قليلة من حياة المفكر الراحل، والكتب الأربعة هى: «مصطفى محمود سؤال الوجود» للدكتورة لوتس عبدالكريم، و«قضايا فى حياتى» للمحامى طارق نجيدة، و«مصطفى محمود شاهداً على عصره» للكاتب جلال العشرى، وأخيراً «اعترافات مصطفى محمود» للكاتب محمود فوزى، وهو حوار صحفى طويل صدر فى كتاب عام 1994، وتنشره الزميلة «الدستور» الآن نقلاً عن الكتاب.
تتناول الدكتورة «لوتس عبدالكريم» فى كتابها «مصطفى محمود سؤال الوجود»، الذى صدر عن دار «أخبار اليوم» عام 2008، فى 220 صفحة من القطع المتوسط، شخصية المفكر الراحل كصديق، عاشت بجانبه لفترة من الزمن فى محاولة منها لكشف أفكاره وأسراره التى تصفها بــالــ«صعبة» وتقول: «كنت أخشى أن يخوننى المنطق ويجانبنى الصواب، وأخشى الإساءة إليه حين أهدف إلى الإبحار فى مكنوناته وتلافيف أحاجيه وألغازه وانا أكتب هذا الكتاب، كنت أخاف من نفسى ألا أحسن التعبير عنه وعن عمق وجدانه».

وتمضى «عبدالكريم» فى الكتاب، الذى صدّرته بإهداء «إلى أستاذى وصديقى الذى أضاء بفكره ظلام حيرتى، وأشعل بإيمانه جذوة الأمل فى طريق أرحب، طريق الله، إلى الدكتور مصطفى محمود»، فى محاولة لرسم شخصية للمفكر الراحل فتـصـفـه فى مقدمة الكتاب «حين أقدمتُ على محاولة الكتابة عنه، شعرتُ للمرة الأولى بعجزٍ شديدٍ، فتوقفتُ تمامًا لمدةٍ ليست قصيرةً. لماذا؟ لأنه عملاق فريد فى شخصه، فى خصاله، فى أدبه، فى تفكيره، فى عقليته، فى نظرته إلى الحياة وفلسفته، ثم تكمل محاولتها لرسم الشخصية داخل صفحات الكتاب فتعود لوصفه قائلة: «دائمًا ما يحفظ المسافة بينه وبين أقرب الناس إليه، إنه يصفعك بنظرةٍ ويربت كتفك بيدٍ حانية»، ويضم الكتاب أيضاً مجموعة المقالات التى كتبها الراحل فى مجلة «الشموع»،بالإضافة لقصيدة له تحت اسم «لا تسألى»، نشرتها الكاتبة للمرة الأولى فى فصل «مصطفى محمود شاعراً»، وهو ما وصفه البعض مثل الشاعر أحمد الشهاوى بـ«الكشف الأدبى».
وفى كتابه «قضايا فى حياتى»، الصادر عام 2009 عن دار «هلا»، يرصد «طارق نجيدة»، المحامى الشخصى للمفكر الراحل، بعض جوانب شخصيته، من خلال احتكاكهما الذى بدأ عام 1988، عندما اتصل الدكتور «مصطفى محمود» بالكاتب لتوكيله فى قضية تخص عقاراً سكنياً متنازعاً عليه، وكانت بداية رحلة وصف فيها «نجيدة» لقاءهما الأول بالتفصيل فى معظم أحداث الفصل الأول، فيصف منزل الراحل «لم يدر بخلدى أن تكون هذه الشقة البسيطة مقرا لإقامة الدكتور «مصطفى محمود»، وإن كانت من أول وهلة تعبر عن حياة زاهد متصوف، فهى عبارة عن...»، ثم يمضى الكاتب فى وصف الشقة بشكل تفصيلى، قبل أن ينتقل إلى تفاصيل لقائهما، مسجلاً انطباعه عن شخصية المفكر الكبير.
ويستمر الكاتب خلال 240 صفحة من القطع المتوسط، فى رواية بعض أجزاء من حياة الراحل، من وجهة نظره الشخصية، فيصف الفترة التى تولى فيها الرئيس السادات الحكم فى بداية الفصل الثانى «كانت مفارقة غريبة أن يبدأ الدكتور مصطفى محمود رحلته فى حوار مع الماركسية، فى واقع يبدأ فى تصفية القوى التقدمية التى كانت تقف فى وجه حكم السادات.. الذى بدأ فى تأسيس ما يسمى بالشرعية الدستورية.. ولكنه فى حاجة إلى قوات ومساندين ومنظرين للثورة، فكان صديقه الذى لم ينقطع عنه الدكتور «مصطفى محمود».
أما كتاب «مصطفى محمود شاهداً على عصره» تأليف الكاتب جلال العشرى، وإصدار دار المعارف عام 1989، فيحاول الإبحار بشكل إنسانى فى عقل المفكر الراحل، فيناقش طريقة تفكيره، وقدرته على التحليل، من خلال نظرة نقدية لـ«العشرى»، الذى كتب على الغلاف الخلفى للكتاب «إن أى محاولة لمعرفة مصطفى محمود.. إنما هى فى حقيقتها محاولة لمعرفة الله والإنسان والعالم»، واستطاع الكتاب أن يدخل إلى أعماق المفكر الكبير بشكل أثار إعجابه شخصياً، حسب ما كتبته لوتس عبدالكريم فى كتابها، حيث أكدت أنه رغم المكانة الكبيرة للدكتور مصطفى محمود فى مسيرة الفكر المصرى والشهرة الواسعة التى نالها، ورغم العدد الكبير من الكتب االتى تتناوله بالدراسة والتحليل فإن كتاباً واحداً منها حظى بإعجاب مصطفى محمود، وكان دائم الحديث عنه وهو كتاب «مصطفى محمود شاهداً على عصره».
وكعادته، أعاد الإعلامى «محمود فوزى» صياغة حوار صحفى طويل، أجراه مع المفكر الكبير ونشره فى عدد من الصحف، ليصدره فى كتاب عام 1994، تحت عنوان «اعترافات مصطفى محمود»، ولم يغير الكاتب صيغة الحوار، فبقى على هيئة سؤال وإجابة، طاف من خلاله «فوزى» سريعاً على المحطات الرئيسية فى حياة مصطفى محمود، بخفة دم، سيطرت على روح الكتاب، فافتقد إلى العمق، ولكنه لم يخل من معلومات متناثرة عن حياة الكاتب الكبير الراحل.
 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية