بالتزامن مع احتدام المواجهات بين الحركات الإسلامية والجيش الوطنى الليبى، انتشرت الدعوات للنفير إلى ليبيا عبر مواقع التواصل الاجتماعى. الدعوة لنصرة الدولة الجديدة انتشرت سريعًا مستهدفة شبابا من معظم الدول الإسلامية، ولكن نشاط الشباب المصرى فى هذه الدعوات لافت للنظر، فبعضهم قد «نفر» بالفعل وأعلن انضمامه إلى الولاية الجديدة التابعة لـ «دولة الخلافة»، والبعض الآخر يطلب النصح والإرشاد كى يلحق برفاقه السابقين.
«المصرى اليوم» ترصد وسائل الانضمام باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى الجديدة للخروج إلى درنة الليبية أو ولاية الخلافة الإسلامية على الحدود المصرية الغربية، حيث يتعلم الشاب المصرى استخدام السلاح وإطلاق الرصاص وتفخيخ السيارات.
بينما ينشغل متابعو شبكات التواصل الاجتماعى بمشاركة أخبار التفجيرات الإرهابية مقابل الانتصارات المعلن عنها لقوات الجيش والشرطة فى مواجهة «الإرهابيين»، ويهتم آخرون بكتابة تعليقات مطولة حول الشأن السياسى فى الداخل، يجلس «محمد» الطالب الجامعى الذى فقد فرصه فى استكمال التعليم عقب فصله بقرار من رئيس جامعته- إلى الكمبيوتر باحثًا عن فرصة للخروج.
يتابع ما يكتب عن تقدم قوات داعش على الأراضى السورية والعراقية، والمواجهات المحتدمة بين الحركات الإسلامية والجيش الوطنى الليبى، يمنى نفسه بأن يكون من بين المنتصرين. وجد محمد أو «أبوقسورة المصرى» كما سمى نفسه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى، وعشرات غيره من الشباب- ضالتهم فى دعوة النفير وما يمسى نصرة الإسلام فى ليبيا. المصطلحات التى يستخدمها الساعون لحشد الشباب لحمل السلاح والقتال فى ليبيا كانت جاذبة لمحمد وأقرانه. فهناك سيصبح من «المهاجرين» ويلحق بأقرانه الليبيين من «الأنصار». وهو الاسم الذى يطلقه أفراد الجماعات المسلحة فى درنة الليبية على أنفسهم. «محمد» الطالب الجامعى الذى صار «جهاديًا» وافق على التحدث لـ «المصرى اليوم» بشرط إخفاء اسمه وكل المعلومات المتعلقة به، كان اسمه على الفيسبوك «أبوقسورة المصرى» عاملا مشتركا فى كل دعوات النفير والجهاد، أصبح مثالا وقدوة لطالبى الهجرة ممن لم يعودوا يعترفون بما أطلقوا عليه «جهاد المظاهرات».. ينشر «محمد» على صفحته على الفيسبوك صوره مع بندقية «كلاشينكوف» يدعوها «حبيبته الروسية». تتبادل تلك الحبيبة الروسية المواقع مع أمنيات محمد بفتح مصر ورفع راية الإسلام بها على صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعى. محمد واحد ممن اجتذبتهم المشاركات على هاشتاج «#متى_ تنفر» الذى يستخدمه مؤيدو ما تسمى الدولة الإسلامية المعروفة إعلاميًا باسم «داعش». على هذا الوسم المجمع المنتشر على شبكات التواصل الاجتماعى، يحكى الشباب الذين خرجوا من بلادهم لتحقيق «حلم الجهاد» عن «غزواتهم» وانتصاراتهم ضد الجيش الوطنى الليبى، القوات شبه النظامية التى يقودها اللواء خليفة حفتر، ويتغنون بقرب اليوم الذى تتحقق فيه أحلامهم بإقامة أرض الخلافة فى العالم العربى كله. على هاشتاج «#متى_تنفر»، ومنذ تحولت الدعوة من النفير باتجاه ليبيا بدلا من سوريا، برزت تدوينات قصيرة يكتبها «أبوقسورة» يتحدث فيها عن ذكرياته فى الجهاد من أجل إقامة الدولة الإسلامية، ورحلته الصعبة من مصر إلى درنة فى ليبيا.المزيد
يرى الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية كمال حبيب أن الشباب الذين يلتحقون بالحركات الجهادية فى ليبيا قادمون من خلفية سلفية جهادية بالأساس. «هذا الفكر أصبح يستهدف تحالف الدول العربية المقاومة لداعش ومنها مصر والإمارات، لذا فإن نتيجة المعركة التى ستحسم فى ليبيا سوف تحدد أولويات جهاد هذه الجماعات، وستكون مصر على رأس هذه الأولويات إن كسبت الجماعات المسلحة الحرب هناك، وهذا ما لا يبدو أنه يحدث. فإعلان النفير على الإنترنت نذير بأن هذه الجماعات تلقى هزائم واضحة فى ليبيا، وهم يخشون من الانكسار».
وعن خطورة سفر هذه المجموعات إلى درنة يقول حبيب: «تكمن الخطورة فى أن 30% من العائدين من هذه الجبهات سوف يقومون بعمليات ضد بلادهم من الداخل، بعد أن تلقوا تدريبات عسكرية».
وعن أسباب اتجاه هؤلاء الشباب لاعتناق الفكر التكفيرى يقول حبيب: «الخطاب الدينى والإعلام من أهم أسباب تطرف هؤلاء الشباب، بعد أن أصبح الإعلام مؤخرا عبارة عن مجموعة من مقاولى الهدم الذين ينافقون الدولة ويهدمون قيما كثيرة فى عقول الشباب الذين يكفرون بالمجتمع عندما يرون نجاح هذه النماذج. كذلك الخطاب الدينى للأزهر والأوقاف الذى يجب أن تعاد هيكلته مجددا بعد أن أصبحت المؤسسات الدينية مترهلة ولا تؤدى دورها».المزيد