يرى الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية كمال حبيب أن الشباب الذين يلتحقون بالحركات الجهادية فى ليبيا قادمون من خلفية سلفية جهادية بالأساس. «هذا الفكر أصبح يستهدف تحالف الدول العربية المقاومة لداعش ومنها مصر والإمارات، لذا فإن نتيجة المعركة التى ستحسم فى ليبيا سوف تحدد أولويات جهاد هذه الجماعات، وستكون مصر على رأس هذه الأولويات إن كسبت الجماعات المسلحة الحرب هناك، وهذا ما لا يبدو أنه يحدث. فإعلان النفير على الإنترنت نذير بأن هذه الجماعات تلقى هزائم واضحة فى ليبيا، وهم يخشون من الانكسار».
وعن خطورة سفر هذه المجموعات إلى درنة يقول حبيب: «تكمن الخطورة فى أن 30% من العائدين من هذه الجبهات سوف يقومون بعمليات ضد بلادهم من الداخل، بعد أن تلقوا تدريبات عسكرية».
وعن أسباب اتجاه هؤلاء الشباب لاعتناق الفكر التكفيرى يقول حبيب: «الخطاب الدينى والإعلام من أهم أسباب تطرف هؤلاء الشباب، بعد أن أصبح الإعلام مؤخرا عبارة عن مجموعة من مقاولى الهدم الذين ينافقون الدولة ويهدمون قيما كثيرة فى عقول الشباب الذين يكفرون بالمجتمع عندما يرون نجاح هذه النماذج. كذلك الخطاب الدينى للأزهر والأوقاف الذى يجب أن تعاد هيكلته مجددا بعد أن أصبحت المؤسسات الدينية مترهلة ولا تؤدى دورها».
يتفق معه الدكتور ناجح إبراهيم القيادى السابق بالجماعة الإسلامية والخبير فى شؤون الجماعات الإسلامية فى مصر، حيث يقول: «أصبحت خطب المسجد ميتة ومات دوره معها، بعد أن احتكرت الأوقاف الدعوة. ومن يحتكر شيئا عليه أن يقوم به على وجه صحيح ولكن الواقع يقول إن الخطاب الدينى إما مهترئا وضعيفا وإما متطرفا، وكلاهما يؤدى إلى تطرف الشباب».
وعن استجابة هؤلاء الشباب للسفر إلى ما أطلقوا عليه دولة الخلافة يقول إبراهيم: «إن الدولة لم تقدم لهؤلاء الشباب نموذج دولة العدل الاجتماعى والسياسى، ولا يرى الشاب فى بلده سوى التوريث فى الوظائف والرشوة والمحسوبية والفساد، لذا يبحث عن دولة أخرى تعده بقيم العدالة التى يفتقر إليها، وهى دولة الخلافة. ولكن الواقع أن الشاب حين يذهب إلى ليبيا أو سوريا أو العراق، يجد نفسه فى بحر من الدماء، إما أن يَقتل او يٌقتل، فلا تصفو نفسه بعبادة ولا طاعة، ولا يتعلم سوى القتال والحرب، ويحمل الشباب كلاشينكوف ويتخيلون أنهم يحاربون بها العالم فتأتى طائرة واحدة تبيدهم جميعا».
يشرح إبراهيم: «مشكلة تنظيم داعش فى ليبيا وسوريا والعراق أنه تنظيم متعدد الجنسيات، ليس به عدد كبير من جنسية الدولة ذاتها الموجود بها، لذا فإن هذه التنظيمات محكوم عليها بالفشل، حيث يراها أبناء الدولة كيانات معادية لهم، وخطورة هذه التنظيمات العولمية أنها تتبنى دائما تفكيرا لا يقبل فكر التعددية رغم أن الإسلام جاء بفكر التعددية الفقهية التى انتجت وتقبلت 10 مذاهب فقهية مختلفة، فى حين أن داعش تقتل كل مختلف».
طريقة استخدام الدعوة للنفير عبر وسائل التواصل الاجتماعى يقول عنها أحمد بان، الباحث فى الشؤون الإسلامية: «تستهدف إشعال حدودنا الغربية والجنوبية لإخضاع الدولة المصرية، فنحن أمام تطور فى الأحداث فى أكثر من منطقة ملتهبة، وهذه الطفرة فى وسائل الاتصال الحديثة أتاحت لهذه المجموعات القدرة على تجنيد الأعضاء، ويساعد الإحباط السائد فى مجتمعنا المصرى على تسهيل تجنيد هؤلاء الشباب. فالشباب لم يعد لديهم أمل فى تحقق أحلامهم، ولا يستشرفون مستقبلا قريبا لدولة وطنية عادلة، فيتوجهون للبحث عن دولة دينية. لذا فيجب على الدولة الوطنية استدراك أخطائها بعد أن تراجعت فى كل النواحى، فانعدمت فرص العمل والحياة الكريمة وصار المتاح بوفرة هو القهر، كل ذلك خلق حالة من حالات الكفر بالدولة الوطنية».
من الداخل الليبى يقول مالك الشريف، المحلل السياسى الليبى: «عدد المصريين الذين وصلوا إلى درنة للانضمام لصفوف (أنصار الشريعة) و(مجلس شورى شباب الإسلام) ليس كبيرا حتى الآن، ولكنهم فى زيادة مستمرة خاصة بعد إعلان الجماعات التكفيرية فى سيناء مبايعة داعش، وهم يعيشون فى درنة فى مقار بين الجبال نفس نمط حياة تنظيم القاعدة ويتنقلون منها كل فترة بسبب قصف الطيران على هذه البؤر».
يوضح الشريف طريقة دخول الشباب المصريين إلى درنة: «هناك شخصان مسؤولان عن تسهيل عملية انتقال المصريين فى درنة، أولهما قيادى فى تنظيم أنصار الشريعة كان يقيم قريبا من الحدود يستقبل الشباب المصرى، والآخر مصرى يقوم بتوصيل الشباب إلى الأول».