اختار الرئيس عبدالفتاح السيسي فايزة أبوالنجا، وزير التعاون الدولي الأسبق، مستشارًا له لشؤون الأمن القومي، على نحو يعيدها إلى صدارة المشهد مرة ثانية ويجعلها تضطلع بمهام اعتبرها البعض شبيهة بدور كونداليزا رايس، مستشارة الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، قبل أن تصبح وزيرة للخارجية فيما بعد.
«المصري اليوم» تجري مقاربة بين المرأتين «الحديديتين» اللتين أثرتا في سياسيات مصر والولايات المتحدة، وتحاول استكشاف أوجه الشبه والاختلاف بينهما.
1ـ «أبوالنجا ورايس» من مواليد مطلع حقبة الخمسينات في نفس الشهر وبفارق يومين فقط من يوم الولادة، فالأولى ولدت في بورسعيد 12 نوفمبر 1951، والثانية ولدت في 14 نوفمبر 1954.
2 ـ كلاهما تعرض لأزمات في سن الطفولة، فـ«أبوالنجا» كان عمرها خمس سنوات عندما وقع العدوان الثلاثي على بورسعيد في 1956، واضطرت إلى النزوح منها مع أسرتها إلى الإسكندرية، فيما عانت «رايس» من العنصرية في طفولتها، وانتقلت مع أسرتها من مدينة برمنجهام بولاية ألاباما إلى مدينة دنفر في ولاية كولورادو في 1967.
3 ـ بدأت «أبوالنجا» مشوارها بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي في 1975، وكانت أولى مهامها في الخارج عضوية البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث مثلت مصر في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي، وكذلك في اللجنة الثالثة المعنية بموضوعات الحقوق الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وفي نفس العام، حصلت «رايس» على درجة الماجستير من جامعة «نورتي ديم»، فيما حصلت على البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة دينفر في 1974، ولدى «رايس» شهادة دكتوراة في شؤون روسيا الشيوعية، وعملت عميدة لجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وفي الفترة ما بين (1989 و1991) أصبحت مديرة لإحدى وحدات البحث في عهد الرئيس جورج بوش الأب، ثم مديرة لقسم شؤون الاتحاد السوفياتي وشرق أوروبا.
4 ـ اختيرت «أبوالنجا» كمستشار خاص للدكتور بطرس بطرس غالي، بصفتها الدبلوماسية المصرية الوحيدة للعمل معه عندما تم انتخابه أمينًا عامًا للأمم المتحدة عام 1992، وفي الفترة من 1997 إلى 1999 شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية، حيث لعبت دورًا بارزًا في تحسين علاقات التعاون بين مصر والدول الأفريقية، فيما عملت كوندا ليزا رايس باحثة في مجلس العلاقات الخارجية كمساعدًا خاصًا لمدير هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي في 1986، وفي 1997 عملت مستشارة لشؤون الأفراد في إدارة التدريب المشتركة في القوات المسلحة.
5 ـ من 1999 حتى نهاية 2001 تولت «أبوالنجا» منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف وكافة المنظمات الدولية، كما شغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية في سياتل 1999 وبانكوك 2000 والدوحة 2001، ومؤتمر نزع السلاح في نيويورك 2000..
في حين تولت «رايس» منصب مستشارة للأمن القومي من 2001 إلى 2005، وسبق أن تولت عضوية مجالس إدارات مؤسسات كبيرة، مثل «شيفرون، ويليام آند فلورا».
6 ـ بتولي «أبوالنجا» منصب مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة وتمثيلها في المنظمات العالمية تصبح أول سيدة تتولى هذه المناصب، ومثلها «رايس» أيضًا فاختيارها مستشارة الأمن القومي جعلها أول إمرأة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة تتولى ذلك.
7 ـ في 2001 أصبحت فايزة أبوالنجا رئيسة للجنة القومية لنزع الألغام وتنمية الساحل الشمالي، وأتمت المرحلة الأولى من ذلك، حيث تم إزالة أكثر من 315000 لغم من 31250 فدانًا.
وفي 17 يوليو أعلنت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، أن أن «رايس» التقت مدير وكالة المخابرات المركزية جوروج تينيت لنقل موافقة إدارة جوروج بورش على استخدام أسلوب التعذيب (الإيهام بالغرق)، ضد أحد زعماء القاعدة أبوزبيدة، وفي 1 أغسطس وافقت وزارة العدل على استخدام ذلك سرًا.
8 ـ تولت وزارة التعاون الدولي في نوفمبر 2001 لتصبح أول سيدة يتم تعيينها في مثل هذا المنصب في مصر، فيما أصبحت «رايس» وزيرة للخارجية خلفا لكولن باول، في يناير 2005، لتحقق رقم قياسي ثاني باعتبارها أول سوداء تتولى المنصب.
9 ـ في كتابه «حوار مع قيادات نسائية أفريقية قوية: الإلهام، والدافع، والإستراتيجية» اختار الدكتور شارون فريمان فايزة أبوالنجا كواحدة من القيادات النسائية الـ 11 الأكثر قوة في أفريقيا، ومثلها احتلت كونداليزا رايس صدارة قائمة «فوربس» لأقوى وأكثر 100 سيدة نفوذَا وتأثيرًا في مختلف مناحي الحياة حول العالم بعامي 2004 و2005.
10 ـ بقيت «أبوالنجا» في منصبها بعد اندلاع ثورة 25 يناير خلال وزارتي عصام شرف وكمال الجنزوري، فيما قررت «رايس» مواصلة طريقها نحو السلطة بقبول منصب وزير الخارجية، خلفا لكولن باول الذي رفض البقاء بمنصبه في الفترة الرئاسية الثانية لجورج بوش.
11 ـ «التمويل الأجنبي» و«الفوضى الخلاقة» أيقونات مميزة لمشوار المرأتين والعلاقات بين البلدين، فـ«أبوالنجا» أثارت أزمة مع واشنطن بسبب القضية الأولى في 2012، حيث قالت في شهادتها «إن الإدارة الأمريكية استغلتها كواجهة لخدمة أجندتها في مصر وسعت لوأد أو إجهاض الثورة بخلق حالة من (الفوضى) تتمكن من خلالها القوى المناوئة لمصر من إعادة ترتيب أوراقها في التعامل مع التطورات بعد ثورة يناير».
أما كوندا ليزا رايس فإن كان هناك شىء يذكره لها العرب والمصريون خاصة، فهي سياساتها، بحكم منصبها، ضد قضايا المنطقة العربية وبقاء القوات الأمريكية في العراق، حيث يقال إن الجميع كان يصغي لها في البيت الأبيض، وأنها كانت «صوت الرئيس»، إضافة لمصطلح «الفوضى الخلاقة» الذي ينسبونه لها دائمًا، التي بشرت بها في حوار مع صحيفة «واشنطن بوست» منتصف 2005.
12 ـ تحب فايزة أبوالنجا أدب طه حسين، وتوصي بقراءة كتبه، خاصة كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، الذي تعتبره أفضل تشخيص لمشاكل مصر، خاصة التعليم، وتنمية المجتمع.
بينما تأثرت كونداليزا رايس بكتاب هينس مورجنتاو «بين سياسات الأمم»، أحد العواميد الفقرية للتفكير «الواقعي»، الذي يؤمن بأن علاقات الدول يجب أن تقوم على أساس المصالح وليس على الأيديولوجيا، وتعد من أشهر وأمهر عازفي البيانو حيث يطلق عليها «السياسية الموسيقية»، وتجيد الرقص على الجليد.