بالرغم من مرور أكثر من شهر على الحملة الدولية ضد تنظيم «داعش»، والتي بدأت في 23 سبتمبر، إلا أن فاعلية التحالف الدولي في القضاء على هذا التنظيم، باتت محل تساؤلات وشكوك، خاصة أن قوة «داعش» لا تزال كما هي، رغم الضربات الموجعة التي لحقت بها.
وإذا كان ثمة نتائج ملموسة، حققتها قوات التحالف ضد «داعش» في سوريا والعراق، أهمها تقويض نفوذ التنظيم، وإعاقة تحركه في مناطق واسعة بسوريا، وتجفيف مصادر تمويله إلى حد كبير، التي تتمثل بشكل أساسي في عائدات النفط الذي يبيعه، إلا أن ثمة خبراء عسكريين يؤكدون أن تلك النتائج غير كافية، وثارت التساؤلات حول فاعلية الأداة العسكرية في مواجهة هذا التنظيم.
وفي السطور التالية يرصد هذا التقرير، أسباب إخفاق التحالف الدولي في القضاء على «داعش».
1- محدودية الضربات العسكرية للتحالف
ولعل من بين العوامل التي كانت سببًا في إخفاق التحالف الدولي، في القضاء على «داعش»، هي محدودية الضربات العسكرية للتحالف، وعدم فاعليتها وإصابتها أهداف أخرى غير المحددة لها، فقد نفذ الجيش الأمريكي، نحو 4100 طلعة جوية، منذ بدء الضربات التي تشنها قوات التحالف على مقاتلي تنظيم داعش في العراق وسوريا، بجانب 40 طلعة جوية قامت بها مقاتلات تابعة للدول العربية، التي انضمت إلى التحالف بقيادة واشنطن.
وتؤكد معلومات، أن طائرات التحالف الدولي، نفذت أكثر من 260 غارة جوية في سوريا خلال شهر، تركز أكثر من 130 منها على أهداف للتنظيم في مدينة كوباني، عين العرب، التي تسكنها أغلبية كردية، ومحيطها، منذ مطلع أكتوبر الحالي، ووصل عدد الضربات في ليلة واحدة، إلى 20 ضربة أحيانًا، إضافة إلى ضربات بصواريخ «توما هوك» التي استهدفت مقرات، وتحصينات لتنظيمات متشددة، في أول ضربة لقوات التحالف ضد المتشددين في سوريا، في 23 سبتمبر الماضي.
ومن الواضح، إذن أن ضربات التحالف الدولي ضد «داعش» خلال شهر، كان محدودًا بالمقارنة مع الضربات التي نفذها حلف «الناتو» في ليبيا، خلال 2011، إذ نفذ نحو 16 ألف طلعة جوية فوق ليبيا، مما أسهم في تحقيق نتائج مهمة على الأرض، كما مكّن القوات البرية التي كانت تؤازرها الضربات الجوية من التقدم ميدانيًا.
وفي حقيقة الأمر، قد تنجح القوة العسكرية في القضاء على جزء كبير من قوة وإمكانات تنظيم «داعش» على الأرض، ولكن القوة العسكرية ستخفق في مواجهة الإطار الأيديولوجي والعقائدي، الذي مكن التنظيم من تجنيد آلاف المؤيدين له، من كافة الدول بما فيها الدول الغربية، الأمر الذي يُشير إلى أن نجاح التحالف في القضاء على «داعش» سيكون وقتيًا، مما يفرض ألا تقتصر جهود التحالف على الضربات العسكرية للتنظيم، ولكن صياغة استراتيجية متكاملة تمكن من القضاء على أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة، التي لن تقتصر تبعاتها على المنطقة، ولكن على الدول الغربية ذاتها.
ويرتبط نجاح التحالف في حربه على داعش، بمساعدة العراقيين على تشكيل حكومة عراقية معبرة عن التنوع السياسي والعرقي، تكون قادرة على تحمل مسؤوليتها، ومساعدة الدول العربية على بناء أنظمة سياسية قادرة على تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لمواطنيها.
2- غياب قوة عسكرية برية
ويعود إخفاق الضربات الجوية في القضاء على داعش، إلى غياب قوة عسكرية برية، تؤازرها الضربات على الأرض، لأن الضربات لم تجبر «داعش» على التراجع عن مواقع تقدمه في كوباني، كما لم تجبره على الانكفاء في مواقع سيطرته في شمال وشرق سوريا، ومن هنا فإن نفوذ التنظيم لا يزال على حاله، إذ يسيطر على المدن والقرى التي كانت بحوزته، ولم يفقد سيطرته عليها.
وبالتالي لابد أن يدعم القوات الجوية، بقوات برية على الأرض، كما أنه يمكن تدعيم قوات الجيش السوري الحر الذي يحتاج إلى تسليح لكي يتمكن من تحقيق مكاسب على الأرض، ومن ثم تزويد مقاتلي هذا الجيش بالأسلحة النوعية.
3- التخبط والارتباك في السياسة الأمريكية
التخبط والارتباك الواضح منذ البداية في الإدارة الأمريكية، بشأن كيفية مواجهة قوات «داعش»، إذ أن سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط القائمة على تقليل الانخراط الأمريكي في أزمات المنطقة، وعدم سيطرتها على أولويات إدارة الرئيس باراك أوباما كالإدارات السابقة، والذي انعكس في قرارها بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وعدم التدخل العسكري مجددًا في المنطقة، ونقل مركز القوة والتأثير الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط إلى آسيا باعتبارها المنافس والمهدد المستقبلي للولايات المتحدة، عادت إدارة الرئيس الأمريكي إلى الاهتمام مرة أخرى بالمنطقة، وإعطاء قضاياها أهمية على أجندتها بتشكيل تحالف دولي بمشاركة قوى إقليمية ودولية لمواجهة الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد سيطرتها على أراضٍ في سوريا والعراق لتكون نقطة الانطلاق إلى تأسيس الدولة الإسلامية.
4- شكوك العراقيين حول جدوى الضربات الجوية الدولية ضد «داعش»
شيوع حالة من الشكوك لدى الأوساط السنية العراقية، بشأن جدوى الضربات الجوية الدولية ضد «داعش»، ووقوع بعض أخطاء من قوات التحالف الدولي ، إذ يعود ذلك لتداخل المناطق والقوات مع مقاتلي داعش، فمع التسليم بأهمية الدعم الذي تقدمه قوات التحالف الدولي للقوات العراقية، ولفك الحصار عن بعض المدن، لكن هناك أهدافًا تتداخل، وليس من السهل الفصل بين وجود قوات «داعش» أو المدنيين أو مقاتلين محليين ضد داعش فضلاً عن أن الإدارة الأمريكية لم تسلح سوى ما نسبته 1% من الأسلحة الثقيلة لمسرح العمليات القتالية للقوات العراقية.