المسلة هي عامود من الجرانيت، رباعي الأضلاع، ذو قاعدة مربعة، ممدود ويضيق تدريجيًا إلى الأعلى، حتى ينتهي بطرف مدبب يشبه الهرم.
ويرجع تاريخ إنشاء المسلات في مصر إلى حوالي 5 آلاف سنة، إذ أقيمت أمام المعابد وكتب على أوجهها الأربعة اسم الملك، والسبب الذي دعاه إلى تشييدها ومعظم الحقائق والإنجازات وملامح الحياة وقتها.
وكانت مدينة أسوان هي مصدر حجر الجرانيت، الذي استخدمه الفراعنة في تشييد المسلات، وارتفعت المسلات في أيونو وهليوبوليس والفيوم، وتانيس في الدلتا، وبمعبدي الأقصر والكرنك.
كان المصريون القدماء يقومون بقطع صخور من قطعة واحدة ضخمة من محاجر الجرانيت، ثم ينقلونها إلى حيث تقرر أن تقام، ويصقلونها وينقشونها ثم يرفعونها بدقة على قواعدها.
وفي أحد هذه المحاجر تركت مسلة غير كاملة الصقل، ولو كان أُكمل هذا العمل لوصل ارتفاع المسلة إلى 41.75 مترًا، في حين أن وزنها يقدر بحوالي 1168طناً، وبذلك تعتبر من أضخم المسلات المصرية، إذ أن أطول مسلة موجودة في العالم توجد في مدينة أسوان، ويبلغ ارتفاعها 39 متراً.
وسميت المسلات في مصرالفرعونية بـ«تخن» أي «الإصبع ذو الشعاع المضيء»، وعندما جاء اليونانيون إلى مصر شبهوها بالرمح، أما التسمية العربية فكانت «إبر الفراعنة»، واسمها الحالي، مسلة.
ويظل مسلسل اختفاء المسلات المصرية مستمر في عصور مختلفة، لتظهر بعدها في عواصم العالم، وكان في مصر ما لا يقل عن 100 مسلة لم يبق منها سوى 5 مسلات.
وبدأت هجرة المسلات من مصر إلى الخارج قبل الميلاد، حيث تشير المصادر المكتوبة إلى أن آشور بانيب الملك آشور، استولى بعد فتحه لمصر سنة 665 ق.م على مسلتين مكسوتين بالبرونز نقلهما من طيبة إلى نينوي، عاصمة المملكة الآشورية.
وكذلك عندما حكم الرومان مصر قاموا بالسطو على المسلات المصرية، ويوجد في روما وحدها 8 مسلات مصرية، عدا ما هو منصوب في غيرها.
وترصد «المصري اليوم» عدد من أهم المسلات المصرية الموجودة في العالم.
1. مسلتي لندن ونيويورك «تحتمس الثالث»
أقامهما الملك تحتمس الثالث قبل أكثر من 3500 سنة، أمام معبدعين شمس، ثم نقلهما الإمبراطور أغسطس إلى أمام معبدقيصر في السنة العاشرة ق.م.
وعُرفت المسلتان خطئًا بمسلتي «كليوباترا»، وربما كان السبب في ذلك أن كليوباترا كانت البادئة في بناء معبدقيصر، ثم بعد وفاتها قام «أغسطس» بنقل المسلتين فنسبتا إليها.
نقلت إحدى المسلتين إلى لندن، ونقلت الأخرى إلى نيويورك، ويبلغ ارتفاع مسلة لندن 20.78 مترًا ووزنها حوالي 187 طناً، وأهداها محمد على باشا إلى بريطانيا عام 1831.
وتحيط مسلة لندن حكاية أسطورية عن لعنة الفراعنة، فبعد أن بقيت بعد إهدائها ملقاة على الأرض لصعوبة نقلها حتى عام 1877، نُقلت على ظهر سفينة تجرها باخرة، وفي الطريق اصطدمت بباخرة أخرى، ما أدى إلى فقدان عدد من رجالها، ثم سقطت في لندن فوق عمال كانوا يعملون على تركيبها ونجت بطريقة غريبة.
2. مسلات باريس «رمسيس الثاني»
هم 4 مسلات، المسلة الأهم ترجع إلى الملك رمسيس الثاني الذي شيدها أمام معبدالأقصر، ونقلها الفرنسيون إلى فرنسا عام 1833، وأقامها المهندس الفرنسي، ليباس، في وسط ميدان «الكونكورد» بباريس في احتفال صاخب في أكتوبر 1836.
ومازالت المسلة المصرية تتوسط الميدان الفرنسي حتى الآن، تقف شامخة بالنص الهيروغليفي المكتوب عليها «رمسيس... قاهر كل الشعوب الأجنبية السيد على كل من لبس تاجًا، المحارب الذي هزم الملايين من الخصوم والأعداء والذي خضع العالم كله لسلطانه، ومعترفًا بقوته التي لا تُقهر».
انتقلت إلى باريس 3 مسلات أخرى قبل مسلة الكونكورد، واحدة تتوسط ساحة الونتابلو انتقلت مع نابليون أثناء الحملة الفرنسية، والثانية في فنسان، والثالثة في أرل، وتقل جميعها من الناحية التاريخية وفي الحجم عن مسلة رمسيس الثاني.
3. مسلة القسطنطينية «تحتمس الثالث»
هي إحدى مسلات الملك تحتمس الثالث السبعة، نقلها الامبراطور تيودوروس من طيبة، وهي في الواقع الجزء الأعلى من مسلة مماثلة في الطول لمسلة اللاتيران في روما.
وتنص النقوش المحفورة على جوانبها «من خبر رع..رب النصر قائم على كل البلاد الذي جعل حدوده تصل إلى قرون الأرض ومياه النهرين، بقوة وظفر على رأس جيشه الظافر موقعاً مذبحة عظيمة».
4. مسلات إيطاليا
مسلة اللاتيران «تحتمس الرابع»: كان تحتمس الرابع هو الملك الوحيد الذي أقام مسلة منفردة، وتعتبر من أعلى المسلات المصرية, حيث يصل ارتفاعها إلى 30.70 مترًا، ونقلت إلى الإسكندرية عام 330م ومنها إلى بيزنطة، وفيما بعد إلى روما، حيث استقرت في مكانها الحالي أمام كنيسة القديس جيوفاني في روما.
-مسلة الفاتيكان «أمنحتب الثاني»: يبلغ ارتفاعها 25.5 مترًا مدعومة بأسود برونزية وصليب في أعلاها وتقع في ساحة القديس بطرس، وكانت قائمة في مدينة هليوبليس عاصمة مصر، قبل أن تنقل إلى روما.
-مسلة فلامينيو «سيتي الأول- رمسيس الثاني»: يبلغ ارتفاعها بالقاعدة 36.5 مترًا، وتقع في ساحة بوبولو، وأحضرت من هليوبوليس إلى روما.
- مسلة سولاري «بسامتيك الأول»: يبلغ ارتفاعها بالقاعدة 33.97 مترًا وتقع في ساحة مونتتشيتوري، وأحضرت من مكانها الأصلي في هليوبليس بواسطة «أغسطس» سنة 10 قبل الميلاد، وعثر عليها في القرن الـ16.
- مسلة دوجالي «رمسيس الثاني»: يبلغ ارتفاعها 6.34 مترًا وهي قائمة في حمامات ديكولتيان، وفي الأصل هي واحدة من مسلتين كانتا متشابهتين في هليوبليس، والأخرى موجودة الآن في حديقة بوبولي الشهيرة في فلورنسا بايطاليا ونقلت إلى معبدإيزيس في روما.
- مسلة ماتشوتيو «رمسيس الثاني»: يبلغ ارتفاعها 6.34 مترًا وارتفاعها بالقاعده 14.52 مترًا، وتقع في ساحة روتوندا، وفي الأصل هي واحدة من مسلتين كانتا متشابهتين في معبدرع في هليوبوليس، وأحضرتا إلى روما، والأخرى نقلت إلى معبدإيزيس بروما.
- مسلة ماتيانو «رمسيس الثاني»: يبلغ طولها بالقاعدة 12.33مترًا، وتقع في فيلا كليمونتانا، وهي إحدى مسلتين كانتا بمعبدالاله رع في هليوبليس قبل أن تفترق الأخرى وتستقر بمعبدإيزيس في روما.
- مسلة مينيرفيو: يبلغ ارتفاعها حوالي 5.47 مترًا، وارتفاعها بالقاعدة 12.69 مترًا، وتقع في سانتا ماريا سوبرا مينرفا، وهي واحدة من مسلتين متشابهتين مكانهما الأصلي في مدينة سييس، على الضفة الغربية لنهر النيل.