x

المستشار حامد الجمل: قانون السلطة القضائية شيطاني ويهدف لـ«أخونة القضاء» (حوار)

الخميس 02-05-2013 18:40 | كتب: أسماء المحلاوي |
تصوير : نمير جلال

استكمالاً للعواصف التي ضربت بالقضاء والنيابة العامة طوال الفترة الماضية، احتدم الصراع بين القضاء والرئاسة ومجلس الشورى وتيارات الإسلام السياسي، ورفض القضاة مشروع تعديل قانون السلطة القضائية وخفض سن تقاعدهم، مما انعكس على الشارع السياسى الذى يتأزم يوما بعد يوم.

المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، في حواره لـ«المصرى اليوم» يحلل المشهد القضائى وأبعاده وتطوراته، مؤكداً أن الاستمرار والإصرار على إقرار مشروع السلطة القضائية الشيطاني -على حد وصفه - تدمير للعدالة ولهيبة القضاء، كما يعرض للآثار القانونية المترتبة على ذلك، وتحدث عن الوضع القانوني لجماعة الإخوان المسلمين الذى تنظره محكمة القضاء الإداري الآن، وإلى نص الحوار:

■ ما تعليقك على الأزمة الأخيرة المتعلقة بقانون السلطة القضائية وتعديلاته وخفض سن التقاعد؟

- هو قانون «تدمير» السلطة القضائية، والمقصود به أخونة القضاء، والمادة الرئيسية فيه تقضى بتخفيض السن من 70 إلى 60 عاما فقط، وبناءً عليه لو تم إقرار ذلك فإنه سيؤدى إلى تقاعد حوالى 4500 قاض، سواء فى القضاء العادى أو مجلس الدولة وكل الهيئات القضائية، وسوف يشمل ذلك مستشارى محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا، وهيئة قضايا الدولة، وباقى المواد عبارة عن إغراء للقضاة لعدم الاعتراض على هذا المشروع الاستبدادى، لأن المطلوب هو إخراج العدد الضخم الذى سبق ذكره من القضاة، واستبدالهم بمحامين من جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم للسيطرة على القضاء، وإخضاع القضاة لمبدأ السمع والطاعة بدلا من سيادة الدستور والقانون، وقد برر من وضع المشروع عملية التدمير والزلزلة للقضاء، بأنه يفرض المساواة بين الموظفين العموميين فى الدولة والقضاة فى سن التقاعد، كما أنه يقرر مساواة القضاة برواتب وبدلات مستشارى المحكمة الدستورية العليا، وكلا الأمرين باطل وليس له سند دستورى أو قانونى ولا عملى، فالقضاة عملهم له طبيعة خاصة تتمثل فى إقامة العدالة، ولابد أن تتوافر فى القاضى شروط معينة، وعدد القضاة لا يزيد على 14 ألف قاضى فى جميع الهيئات، وعدد القضايا فى القضاء العادى 2 مليون قضية، وعددها فى مجلس الدولة ربع مليون قضية، وهناك نقص فى عدد القضاة الذى يتسبب فى البطء فى إصدار الأحكام، والصالح العام للعدالة يقتضى زيادة عدد القضاة فى الدرجات الدنيا لمواجهة هذه الملايين من القضايا مع كفالة اكتسابهم الخبرة القضائية، وبالتالى فهذا القانون الشيطانى يدمر العدالة فى مصر، لأنه لا يجوز أن ينتمى القاضى إلى حزب أو جماعة سياسية، ويجب أن يكون مستقلاً تماماً، عن أى انتماء سياسى، والهدف الذى قصد من هذا المشروع هو أخونة القضاء، وهذا يجعل من يريدون تعيينهم من أعضاء وأتباع الإخوان غير صالحين لتولى العمل القضائى، ويجب أيضاً على من يتم تعيينه فى المناصب السيادية وعلى رأسها القضاء والشرطة والقوات المسلحة والخارجية، ألا ينتمى إلى أى حزب سياسى أو جماعة كالإخوان المسلمين، لأنها مرافق قومية وولاءها للشعب بأكمله، ولا يمكن علاج الاحتقان الذى تعيش فيه مصر منذ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب وحله، وصدور حكم القضاء الإدارى ببطلان الجمعية التأسيسية الأولى وحتى الآن بالضغط على القضاة بمظاهرات الشارع ومحاصرة المحاكم وتهديد القضاة قولاً وفعلاً، وكل ذلك يهدف لتدمير المؤسسة القضائية وأخونتها، ولا علاج للأمر إلا بالتوقف عن هذه الحملة العدوانية على القضاة، وسحب المشروع المشبوه من مجلس الشورى وإعادة الالتزام بالشرعية الدستورية وسيادة القانون، وإنشاء شرطة قضائية تختص بحماية المحاكم والقضاة والقضايا والمستندات القضائية من الاعتداء عليها، على أن تكون تابعة للسلطة القضائية وليس الداخلية.

■ عدد كبير من النواب الإسلاميين فى مجلس الشورى يقولون إن سن التقاعد يجب أن يتم خفضها على مستوى العالم، كيف ترى الأمر؟

- هم يقولون ما لا يفهمون. القضاة لا يحالون إلى التقاعد فى أى سن، وإنما يتركون المنصات القضائية بإرادتهم، وهذا يحدث فى الدول المتمدنة المحترمة، مثل إنجلترا وأمريكا وكندا، وفى باقى الدول تتراوح سن القضاة بين 70 و75 سنة، ولا يحرم القاضى من مباشرة مسؤولية العدالة إلا فى الدول النامية المتخلفة، فعدم تحديد سن القاضى واحترام قدرته على أداء رسالته يعد فرعاً أساسياً من مبادئ استقلال القضاء.

■ وما رأيك فى مطالبات تطهير القضاء؟

- هى شعارات بذيئة، فالقضاء لا يمكن وصفه بالفساد، كما أنه يمتلك آلية التطهير الذاتى من أى انحراف أو فساد، فهو يبتّ فى القضايا فى جلسات علنية، ويصدر الأحكام باسم الشعب ومسببة، وإذا كانت هناك أى أخطاء قضائية فيمكن رد القضاة أو مخاصمتهم أو الشكوى منهم إلى التفتيش القضائى، مما يؤدى إذا صحت الشكوى إلى إقالة القاضى أو إحالته للتأديب أو إلى النيابة للتحقيق الجنائى، وعادة لا يعلن ما يتم فى هذا التطهير حرصا على الثقة بالسلطة القضائية، وهناك عنبر حالياً فى سجن طرة مسجون به منحرفون من أعضاء القضاء والنيابة العامة.

■ كيف قرأت لقاء مرسى رؤساء الهيئات القضائية؟

- الاجتماع بادرة طيبة تؤكد ما صرح به من التزامه باستقلال القضاء وعدم إهانة القضاة والمساس بهم، إلا أن ذلك لابد أن يترجم إلى أفعال وإجراءات واقعية بسحب مشروع القانون المشبوه وتوقف الحملات التظاهرية والإعلامية ضد القضاة، ومعاقبة من يقوم بالسب والقذف وتهديدهم جنائياً لردعهم عن هذه الجرائم.

■ هذا الأسبوع يبدأ التحضير لمؤتمر العدالة.. فى تصورك ما البنود الواجب مناقشتها فيه؟

- لابد أن تتم مناقشة استبدال قانون السلطة القضائية الحالى، بحيث يكون النائب العام ووكلاؤه جميعاً تابعين للسلطة القضائية وليس لوزير العدل، كذلك يجب نقل سلطة الوزير على التفتيش القضائى، وفى تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، وفى حالات النقل والترقية للقضاة، وفيما يتعلق بلجنة الصلاحية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجالس الهيئات المختلفة، كما يجب أن يتضمن التعديل توفير الوسائل والأدوات الضرورية لإقامة العدالة، من بينها إدخال نظام التسجيل الصوتى والفاكس والكمبيوتر، وتوفير المراجع القانونية والفقهية لكل القضاة فى المحاكم، وضمان حماية هذه المحاكم والقضاة والقضايا بواسطة الشرطة القضائية التى يمكن منحها الاختصاص بتنفيذ الأحكام الجنائية الصادرة ضد المتهمين، لتحقيق العدالة وسيادة القانون.

■ كيف رأيت حيثيات الحكم ببطلان عزل «عبدالمجيد» وعودته لمنصبه؟

- بداية يجب الإشارة إلى أن الإعلان الدستورى الذى تم بموجبه عزل النائب العام السابق، وتعيين النائب العام الحالى لم يكن إعلاناً دستورياً ولم يكن صحيحاً قانونياً، فليس سليماً أن نضع أسماء للتصرفات القانونية وهى غير مطابقة للموضوع الذى فى حقيقته عبارة عن قرارات إدارية من رئيس الجمهورية بعزل «عبدالمجيد» وتعيينه سفيرا، وبتعيين «عبدالله» الحالى، ورغم أننا لم نقرأ بعد حيثيات الحكم، فهو بالدرجة الأولى قام بتكييف هذين الإعلانين الدستوريين ليخدما مصالحه، رغم أنها مجرد قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء، وبالتالى تم إصدار الحكم بإلغاء قرار تعيين «عبدالله».

■ ما الحل لتجاوز هذه الأزمة، خاصة بعد تقديم النائب العام الحالى طلبا برد هيئة المحكمة التى أصدرت الحكم؟

- نحن أمام مشكلة كبيرة، لم يكن يجب تجاهلها على الأقل منذ 30 يونيو 2012 ومنذ تاريخ إعلان انتخاب رئيس الجمهورية، فنحن أمام صرا ع بين ما يريده «مرسى» بقراراته وإعلاناته الدستورية وغير ذلك، وبين السلطة القضائية، فهو يريد إلغاء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، وقد أصدر قرارا بالفعل بإرجاع المجلس، وبعد أن قضت المحكمة ببطلان هذا القرار وعدم وجود أى أثر له، عاد ولم يحل المجلس، وبعدها أصدر الإعلان الدستورى الذى حصّن فيه الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وقراراته السابقة واللاحقة والمستقبلية، وهذا كلام لا سند له فى الشرعية الدستورية، ومن ثم حوصرت المحكمة من مجموعة من التابعين لتيار الإسلام السياسى، وأهينت بأوصاف لا تليق بقضاة مصر، وتم تنظيم مظاهرات واعتصامات ضد الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية، كل ذلك يؤكد مع الحملة ضد الإعلام التى يقودها الرئيس فى خطبه وتصريحاته وتصرفاته مع حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، أن هناك معركة شديدة بين السلطة القضائية ووسائل الإعلام وبين النظام الحاكم، وقرار إبعاد النائب العام السابق أو عزله، وتعيين النائب العام الجديد، بالطريقة التى سبق أن ذكرتها، والذى ألغاه الحكم الصادر من محكمة الاستئناف يؤكد هذا المنهج، فلا يمكن أن تستقيم الأمور إلا لو احترم رئيس الدولة والنظام الحاكم الشرعية الدستورية، وتوقفت هذه السياسة العدوانية على سلطات الدولة، وبالطبع كل الكلام الذى يقال فى المظاهرات والاعتصامات عن تطهير القضاة، وأن جميعهم معينون أيام مبارك، وأحكامهم تأتى ضد الثورة، لا أساس له من الصحة، إلا الأساس السياسى الغوغائى الذى يعبر عن هذا الصراع، لأن كل هذه الأوصاف غير حقيقية، ولابد أن يتمتع القضاء بالاستقلال والإمكانيات اللازمة لأداء العدالة.

■ ما مدى شرعية قرارات النائب العام الحالى التى سبقت الحكم أو التى أصدرها بعده؟

- قبل الحكم كان «عبدالله» موجودا فى منصبه شكلاً أمام المجتمع والقضاء، وإذا كانت القرارات التى أصدرها تتفق مع أحكام الدساتير فهى صحيحة، فيما عدا أنها صادرة عنه وهو مطعون فى شرعيته، أما إذا كان قد أصدر قرارات مخالفة للقوانين وللدستور وللتقاليد التى تسير عليها النيابة العامة، فإن هذه القرارات تكون باطلة، والقرارات التى صدرت عنه بعد نفاذ الحكم باطلة كاملة سواء كانت صحيحة أو لا.

■ العرف القضائى يؤكد أن القاضى لا ينتظر الفصل فى قرار تنحيته عن نظر أى دعوى، ويتنحى بمجرد طلب أحد الخصوم ذلك.. لماذا لم يفعل «عبدالله» ذلك رغم الرفض الشعبى والقضائى له؟

- حسب تاريخ القضاء الذى أعرفه فى مصر منذ وُجد القضاء الوطنى، وألغيت اتفاقية مونترى للامتيازات الأجنبية عام 1937، لم نر ولم نشهد كالذى نراه الآن، بأن يوجد نائب عام يعين بما سُمى إعلانا دستوريا ويبقى فى منصبه، ورغم أن هناك مطالبات من أعضاء النيابة أنفسهم بعدم شرعيته وخروج الشعب كذلك فى اعتصامات، ويوجد حكم صادر من محكمة الاستئناف ونافذ، وهو مُصر على البقاء، فـ«دا أغرب راجل أنا قابلته فى حياتى، وشاغلنا بشخصه عن كل البلاوى اللى فى البلد، الناس كلها مش عاوزاه لكنه برضه مصمم مع إنه راجل قانون وفاهم كويس فى القانون»، وهذا أمر ليس له سابقة فى تاريخ مصر، وليس مفهوماً بالطبع.

■ وهل يستمد ذلك الإصرار من الأغلبية الحاكمة من تيار الإسلام السياسى والرئاسة؟

- طبعاً، الأمر كذلك، لكن يمكن أن يكون هناك احتمال آخر وهو أن تقديره للأمور، بحسب رؤيته، أنه لا يعترف بأحكام القضاء ولا باعتراض الناس ولا ببطلان الإعلان الدستورى الذى عينه.

■ هل النزاع حول نائبين عامين يؤدى إلى حدوث فرقة فى صف النيابة العامة، مما ينعكس سلباً على قضايا الشارع؟

- بالطبع لا، فهذا من ضمن الأخطاء التى تُصور للناس فى الشارع عما يجرى، القضاة ورجال النيابة العامة طبعاً فى حالة غضب وثورة، لأن ذلك فيه اعتداء على السلطة القضائية وعلى الحصانة المقررة لهم بأنهم غير قابلين للعزل أو النقل بالطريق الإدارى، وبناء على ذلك فإنه لو أُقر مبدأ أن يعزل النائب العام السابق كما حدث ودون أن تصدر المحكمة حكمها التاريخى بعودته لمنصبه، فكل قاض فى مصر لا يعجب الرئيس أو جماعته أو حزبه بأحكامه سيتم نقله وعزله، وبالتالى لن يتوفر فى مصر قضاء مستقل مسؤول عن إقامة العدل، فالأمر هنا لا يتعلق بشخص «عبدالمجيد» ولا بشخص «عبدالله» الذى حل محله بطريقة غير دستورية، إنما يتعلق بشرعية النظام نفسه، واستقلال القضاء فى أداء مهمته ورسالته فى إقامة العدالة كما هو الشأن فى المبادئ الدستورية العامة، وأيضا كما يفرض الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مونتريال لاستقلال القضاء.

■ كيف يتم تنفيذ الحكم بعودة «عبدالمجيد» دون الاصطدام بالدستور الذى أُقر بعد قرار إقالته؟

- قرار الإقالة صدر فى ظل وجود الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، وللأسف الشديد أن «الجماعة»وحزبها والجمعية التأسيسية التى شكلوها بالمخالفة للمبادئ السليمة، وضعت فى هذا الدستور مواد باطلة تهدد الشرعية الدستورية والقانونية، منها تحديد مدة النائب العام وعملية تأكيد مسألة تحديد تشكيل المحكمة الدستورية، كل هذا مطعون ببطلانه بالنسبة للدستور شكلاً وموضوعاً، وبالتالى من المحتمل أن يفسر القضاء هذه المواد، وهذا فى الغالب ما قد تم بالنسبة للحكم محل البحث، لأنه سيكيف هذه الأمور على أنها مجرد تصرفات ليست لها قيمة دستورية، وإنما إدارية للتحايل على الاعتداء على السلطة القضائية، وفصل أعضاء من المحكمة الدستورية، وفصل النائب العام السابق، وفرض نائب آخر جديد.

■ هل يعتبر الدستور نافذاً على ما سبقه من مراكز قانونية مستقرة أم ينفذ فقط بداية من الاستفتاء عليه؟

- الأصل أن الدستور ينفذ بداية من تاريخ الاستفتاء عليه، ومن الممكن أن ترد فيه نصوص لها أثر رجعى، لكن يجب ألا تعتدى هذه النصوص على أى حق من حقوق الإنسان، ولا على حرية أساسية من الحريات المسلمة فى هذا الإعلان، ولا ما هو مقرر فى الاتفاقيات الدولية، ومنها على الأخص الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، و«مونتريال» لاستقلال القضاء، لأن هذا جزء من النظام القانونى الداخلى منذ أن انضمت مصر وصدقت على هذه الاتفاقيات مع باقى أحكام القانون الدولى العام الإنسانى، وتتقيد به إرادة السلطات المختلفة فى الدولة، وإلا أصبحت دولة فاشلة وخارجة على القانون الدولى.

■ بماذا تفسر عدم احترام الرئيس القضاء؟

- لا أستطيع تفسير ذلك، وهذا يعتمد على معرفة ثقافته ومنهجه فى التفكير وتحليله الأمور، لكن من الجائز أن يكون هذا رد فعل لكونه سجينا سابقا، والذى أدخله السجن أحكام القضاء والشرطة، أو بسبب عدم إيمانه بالشرعية الدستورية، فمن يحكم يجب أن يكون لديه إيمان بسيادة القانون، وفكرة الانتقام هذه وعدم اليقين يؤديان إلى احتقان الشارع، وسنتوجه تماماً إلى حرب أهلية مع ثورة للجياع، خاصةً إذا استمر هذا الأسلوب فى رفض القانون، وفرض الأمر الواقع، وعدم تنفيذ الأحكام، واحتقار القضاء.

■ هل حدث فى تاريخ القضاء المصرى أن يكون القاضى موالياً للسلطة الحاكمة؟

- اختراق الأنظمة الحاكمة المستبدة والديكتاتورية للقضاء أمر مسلم به فى العالم كله، وكل هذه الأنظمة تستخدم وسائل إغراء واختيار أهل الثقة بدلاً من أهل الكفاءة بالنسبة للسلطة القضائية، كما تستخدم العنف السياسى والتشريعى فى تغيير قادة القضاء لكى تأتى بآخرين ينفذون سياسات الأنظمة، وأظن ما نحن فيه الآن يرجح أن هناك اتجاها للاستبداد وميلا إلى أخونة الدولة، وعلى رأسها مؤسسة القضاء، فقد تم، ومازالت تتم، عملية أخونة للنظام المحلى والشرطة والإعلام وغيرها، ومثل هذا النظام لا يطمع إلا فى السيطرة على كل أجهزة الدولة وسلطاتها لتكون تحت سيطرة رجل واحد يقود هذا النظام.

■ هل يضطر القضاة إلى إصدار أحكام بعينها استجابة لضغوط ومواءمات سياسية؟

- المفروض أن القضاة لا يتأثرون لا بالرأى العام، ولا بالشارع ولا بالإعلام، فهم يحكمون فى القضايا المنظورة أمامهم وفقا للأوراق التى بين أيديهم، سواء كانت هذه الأدلة مادية أو بشهادة شهود عن تحقيقات، وحسب أحكام القانون، لكن إذا خرجت أقاويل بأن هذا الحكم فى القضية «الفلانية» عشان يرضى الشارع، فيكون استنتاجا ليس له سند فى طبيعة عمل القضاء، وبالطبع الأحكام التى صدرت فى قضايا مثلاً كالتى تتعلق بقتل المتظاهرين وإصابتهم، مبنية على أساس أن القضاء ينظر فقط للمسؤولية الجنائية التى أمامه والتى تحكمها مبادئ أساسية عالمية ليست مصرية فحسب، والمتهم برىء حتى تثبت إدانته، بحيث يجب أن تكون هناك أدلة يقينية لتثبت تهمة معينة لمتهم معين، والشك يفسر لصالح المتهم ومن حقه أن يدافع عن نفسه وتندب له المحكمة محاميا إذا لم يكن لديه محام للدفاع عنه، والقضايا التى تكون فيها أعداد كبيرة من الناس، وفيها إطلاق للنار والخرطوش، الأدلة فيها تكون صعبة، فهى ليست مثل قضية سرقة وإشهار سلاح فى وجه شخص، لذلك نجد أن الأحكام فى هذه الحالة تصدر بالبراءة، لأنه من الصعب إدانة شخص وتعريضه لحكم الإعدام لمجرد كلام ظنى وإنشائى ومرسل أو من شهود غير أمناء.

■ الدستور اعتبر هيئة قضايا الدولة «هيئة قضائية».. فهل ترد الجميل للنظام بالموالاة له؟

- الهيئة دورها لا يزيد على الدفاع عن السلطة التنفيذية وعن الحكومة أمام المحاكم المختلفة، وبالطبع هنا لابد أن نطرح سؤالاً مهماً: هل فى الوضع الخاص بالحكم الصادر أخيرا من محكمة الاستئناف ببطلان تعيين النائب العام الموجود سوف تقيم طعنا أو لن تقيم؟، هى لا تحتاج إلى توجيه فى كل حالة لأداء واجبها فى الطعن على الأحكام، وفى الغالب هى تتقيد بصفتها نائبة ووكيلة بإرادة السلطة التنفيذية التى تقوم بالوكالة عنها، فإذا صدر عن الرئاسة مثلما حدث فى الحكم الصادر بوقف الانتخابات من مجلس الدولة أنها لم تطعن، فيكون من المفترض أن تأتى هيئة قضايا الدولة بما يفيد بعدول الرئاسة عن عملية طلب عدم الطعن أو الطعن فى الحكم.

■ ما مدى قانونية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة استجابة لمطالبات البعض الآن؟

- هذا يعود للوضع القائم فى البلاد، والحاجة لضرورة تعديل السياسات التى تتبع، والاهتمام بالمشاكل الجدية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبناء على طلب جبهة الإنقاذ، فإنها تدعو إلى تشكيل حكومة جديدة من أهل الخبرة، أيضاً رئيس الجمهورية يساعد على حل هذا الاحتقان بأن يعيد طرح الثقة به للشعب، ولكنه دفع بالإخوان لكى يضعوا مادة فى الدستور تبقى عليه 4 سنوات فى الحكم، وهى فرضت فرضاً على إرادة الشعب الذى لا يقبل ذلك، ومن الصحيح سياسياً ودستورياً أنه بعد أن يتم صياغة دستور جديد إذا كان قوامه صحيحاً أن يعاد تشكيل الحكومة، وأن يعاد انتخاب رئيس الجمهورية ومجلسى الشعب والشورى، لتكون هناك دولة بكل مؤسساتها وسلطاتها الـ3 منسجمة لخدمة الشعب.

■ ما مدى قانونية التوكيلات التى تطالب برجوع القوات المسلحة للشارع مرة أخرى؟

- ليس لها تأثير قانونى. تأثيرها فقط سياسى وإعلامى، فالدول لا تدار هكذا، ولا بالطريقة التى يدير بها تيار الإسلام السياسى الدولة، بتصوراته وسياساته، حيث الهتافات فى الميادين والشوارع، وكلها تنحصر فى طرق للتعبير عن الرأى فقط، ومن بيدهم السلطة الشرعية هم من يقررون، والقوات المسلحة تؤدى دورها فى المحافظة على الأمن العام وعلى مصالح المواطنين ليعاد بناء الدولة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية