x

مسلمو ميانمار.. «أموات بلا قبور»

الجمعة 29-03-2013 23:54 | كتب: فاطمة زيدان |
تصوير : other

يصف العديد من مراقبي الشؤون الدولية لمسلمي «الروهينجا» في ميانمار، الذين تعرضوا، على مدى العقود الماضية، لانتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية، وللتطهير العرقي، والقتل والاغتصاب، والتهجير الجماعي المستمر بعد حرمانهم من حق المواطنة بأنهم «أموات بلا قبور».

وتعتبر ميانمار، بورما سابقاً، من أفقر بلدان جنوب شرق آسيا لكنها ضمن الدول الأكثر حضوراً على ساحة الأحداث الدولية بفعل العنف الطائفي، فالسلطة والأكثرية البوذية تمارسان كل أشكال التمييز العنصري والديني ضد الأقلية المسلمة، ويدفعونهم للهجرة، أو القبول بأدنى الحقوق في مأساة إنسانية لا تضاهيها مأساة في العالم، حتى إن الأمم المتحدة تصف هذه الأقلّية بـ«الأكثـر اضطهاداً في العالم».

وبدأت ممارسات «التطهير العرقي» ضد الروهينجا، الذين يستوطنون شمالى إقليم راخين في عهد الاستعمار البريطاني، الذي قام بتحريض البوذيين، وأمدهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحة عام 1942 وفتكوا خلالها بحوالي 100 ألف مسلم.

وبعد أن نالت ميانمار استقلالها عام 1948 تعرض الروهينجا لأبشع أنواع القمع والتعذيب، وتدني وضعهم بعدما أغلق دستور 1974 كل الأبواب أمامهم ليصبحوا مواطنين بحجة أن أسلافهم لم يعيشوا هناك، وترتب على الدستور حرمانهم من تملك العقارات، وممارسة التجارة، وتقلد الوظائف الرسمية، وحق التصويت، وتأسيس المنظمات، وممارسة الأنشطة السياسية.

وفرضت الحكومات المتعاقبة ضرائب باهظة على المسلمين، ومنعتهم من مواصلة التعليم العالي، وفرضت عليهم قيودا تحد من تنقلهم وسفرهم، وحتى زواجهم، وتشير تقارير إلى أن السلطات قامت في 1988 بإنشاء ما يسمى «القرى النموذجية» في راخين، لتشجيع أُسر البوذيين على الاستيطان فيها محل المسلمين.

ولم يكن الجانب الديني والعقائدي بمنأى عن تلك الإجراءات القمعية، حيث قامت سلطات ميانمار بهدم المساجد والمدارس الدينية في مناطق الروهينجا، وتجبر الحكومة الروهينجا على العمل القسرى لدى الجيش، وشق الطرق والسدود سخرة دون مقابل، كما يُحرم أبناء المسلمين من مواصلة التعليم في الجامعات.

ومع مرور السنوات لم يستطع الكثير من المسلمين في ميانمار تحمل أنواع التعذيب والاضطهاد من قبل الحكومة والسكان ففروا بحراً إلى الدول المجاورة، وأدت موجات العنف إلى هجرة نحو أكثر من 2 مليون مسلم خلال العقود الـ3 الماضية، حيث ذهب أغلبهم إلى بنجلاديش وماليزيا وباكستان، وبعض دول الخليج لكنهم عانوا العديد من المشكلات في الدول التي هربوا إليها

وتجدد قمع المسلمين في ميانمار هذا الشهر، بسبب مشاجرة بين مسلمين وبوذيين قتل خلالها 40 شخصا في اشتباكات دامية استمرت لـ3 أيام، وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في 3 مدن، ويعتبر هذا الحادث هو الأسوأ منذ اشتباكات العام الماضى، التي قتل خلالها 180 شخصاً، وتشرد فيها 15 ألفا، وأحرقت عشرات من قرى المسلمين.

وحسبما ذكرت منظمة «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» فإن قوات الأمن في ميانمار نفذت اعتقالات جماعية بحق المسلمين، ودمرت آلاف المنازل، ولم يحرك رئيس الدولة، ثين سين، ساكناً، وإنما طالب الأمم المتحدة بإيوائهم في مخيمات، أو طردهم كحل وحيد.

ويرى محللون أن مسلمي ميانمار يتعرضون لاضطهاد مباشر من النظام بفعل ضغوط الكهنة البوذيين، وتعتبر منظمة «هيومن رايتس» أنهم يقتلون في صمت دولي غير مسبوق.

وبينما يلقي النظام دعماً كبيراً من الغرب، بسبب التجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد بعد عقود من الديكتاتورية العسكرية فإن الجميع يتجاهل محنة المسلمين، بينما تجد المعارضة نفسها في مأزق كونها تحاول تقديم نفسها كوجه موحد للأقليات العرقية.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن مسلمي الروهينجا يتعرضون لممارسات ترقي إلى «التطهير العرقي تدعمه الدولة»، ووصفت الديمقراطية في البلاد بـ«الوردة المتعفنة» حتى وهي تتفتح.

وانتقدت الصحيفة الأمريكية، دول العالم لعدم الضغط لوقف مأساة المسلمين، فيما يرى محللون أنه يجب على العالم ألا يبدي إعجابه بديمقراطية دولة تترك آلاف الرجال والنساء بلا مأوى، وجثثهم تطفو على شواطئ المياه بعد إذلالهم، وطردهم من أرض عاشوا فيها لقرون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية