أبدى الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة واستصلاح الأراضى مخاوفه من الآثار السلبية لنقص الوقود على حصاد محصول القمح الذى تعول عليه الدولة الكثير لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح، بينما أكد الوزير أنه تم توفير اعتمادات مالية تصل إلى 12 مليار جنيه لتوريد المحصول، بالإضافة إلى 10 مليارات أخرى لتطوير منظومة التخزين.
وشدد عبدالمؤمن، فى حوار مع «المصرى اليوم»، على أن التعدى على الأراضى الزراعية «جريمة » تهدد الأمن الغذائى لمصر، رغم أنه استبعد حدوث ثورة جياع بسبب الأحداث السياسية لمصر، فى حين تمسك بأن خلط الدين بالسياسة يعد أمرا «جيدا» فى العمل الحكومى، رغم اعترافه بأهمية الدور الفنى لوزارته فى إدارة الملف الزراعى.
ولفت الوزير إلى عدم ممانعة الدولة للتصالح مع مخالفات الطريق الصحراوى، طبقا للآليات التى وضعتها الحكومة، لتحصيل حقوق الدولة فى أراضيها، بينما أبدى مخاوفه من تأثير أزمة نقص الوقود على مستقبل الموسم الزراعى الحالى، فى حين كشف عن خطط جديدة لتحرير أسعار الأسمدة قريبا.
وإلى تفاصيل الحوار:
■ ما رأيكم فى طريقة عمل حكومات ما بعد ثورة 25 يناير، خاصة حكومة الدكتور «قنديل»؟
- الحكومة مخلصة للبلد، وهى تتمتع بالجانب الفنى قبل السياسى.
■ هذا الرد يقودنا إلى علاقة التوجهات السياسية بعمل الوزير!
- ليس بالضرورة أن تؤثر هذه التوجهات على العمل الوزارى، وخلط الدين بالسياسة سيكون جيدا للعمل الوزارى، بينما يؤثر الانقسام السياسى على كل شىء فى مصر وعلى حالة الاستقرار فى البلاد وعلى اتخاذ القرار السليم وعلى القوى السياسية أن تنسى خلافاتها وتركز فى مصلحة مصر، وليس فى المصالح الخاصة، وما يراه رجل الشارع أن التركيز على المصلحة العامة قليل، بينما التركيز على المصلحة الخاصة أكثر، وهو ما يترجمه المواطن العادى فى صورة مليونيات بمختلف الميادين.
■ ما حقيقة التصالح مع مخالفات الطرق الصحراوية؟
- اتخذنا حزمة من الإجراءات لتقنين مخالفات المنتجعات السياحية بالطرق الصحراوية، طبقا للقواعد التى أقرتها هيئة التنمية الزراعية، بما لا يخل بحقوق الدولة فى أراضيها، وفيما يتعلق بالقضايا المحالة لقاضى التحقيق نقترح فقط بعض الحلول والنصائح دون التدخل فى قرارات قاضى التحقيق، بينما لدينا من الآليات التى تمكننا من الحصول على حقوق الدولة بالطرق القانونية الصحيحة أو القرارات التنفيذية التى يقرها مجلس إدارة هيئة التعمير والتنمية الزراعية التى تضم 8 وزراء وممثلين عن الوزارات المعنية بالأراضى لضمان الشفافية فى التعامل مع ملف الأراضى التابعة لولاية الهيئة.
■ ما الموقف الحالى فيما يتعلق بالجراد الصحراوى وتهديده للأراضى الزراعية فى الدلتا؟
- حتى الآن موقف الجراد «آمن»، وهى تجمعات، وليست أسرابا، ولن يتكرر سيناريو عام 2005، لأن منظومة المكافحة اختلفت عن الفترة السابقة، ولدينا إتصالات يومية مع فرق المكافحة فى المناطق الحدودية، لحماية الزمام الزراعى فى الدلتا ووادى النيل.
■ هناك دائما ما يثار عن عدم دقة مواقع استصلاح الأراضى، وأن مناطق معينة تم عرضها للاستثمار الزراعى، رغم عدم وجود مصدر مائى لها. ما تحليلكم لهذا الأمر؟
- نقوم حاليا بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة «فاو» بإعداد أول خريطة مائية وأرضية لمصر، بهدف تطابق مناطق الاستصلاح مع الموارد المائية، بما يحقق التنمية الزراعية وعدم العشوائية فى قرارات استصلاح الأراضى الجديدة، وضمان كفاءة الرى فى هذه المناطق.
■ البعض يثير أن الأزمة الاقتصادية فى مصر ستنعكس على عمليات توريد القمح، ما حقيقة ذلك؟
- تم اعتماد 12 مليار جنيه لشراء القمح من المزراعين بهدف تشجيع الإنتاج المحلى من القمح، والاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذى منه، رغم أن أهم محاور هذا الاكتفاء هو منظومة التخزين، وهو ما يرتبط بتطوير الشون وزيادة سعة صوامع التخزين، ويجرى حاليا تنفيذ خطة لتطوير الشون التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى بتكلفة تصل إلى 10 مليارات جنيه.
■ ولكن الخبراء يوضحون أن أزمه الاكتفاء الذاتى ترتبط بتوفر صوامع إضافية تستوعب الإنتاج المحلى من القمح؟
- بالتأكيد، لأن الطاقة الحالية للتخزين فى مصر لا تتجاوز 3.8 مليون طن، ونستهدف الوصول إلى زيادتها مليون طن إضافية، ليصل إجمالى القدرة على التخزين إلى 4.8 مليون طن قمح تقلل من الفاقد فى المحصول، وتساعد الدولة فى توفير القمح اللازم لإنتاج الخبز المدعم، ومصر حققت زيادة كبيرة فى مساحات القمح العام الحالى بلغت 3.4 مليون فدان، ومن المتوقع أن يغطى الإنتاج المصرى من المحصول احتياجات البلاد من الخبز المدعم.
■ هل تتوقعون حدوث ثورة جياع فى مصر؟ وما رؤيتكم لدعم خطط الأمن الغذائى؟
- لا أتوقع ذلك، ولا يمكن تصور حدوث ثورة جياع فى مصر، لسبب بسيط، وهو أن الفلاح المصرى يتمسك بأرضه، بغض النظر عن الأحداث السياسية التى تدور حوله، لأنه يؤمن بعقيدة: «لا تغضب على ابنك أو زرعك»، بينما نتغلب على الفجوة الغذائية فى المحاصيل الغذائية بزيادة الإنتاج الزراعى، عبر تقنيات التوسع الرأسى فى الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20 % من الإنتاج الحالى.
■ ما حقيقة الوضع الحالى للأسمدة؟
- لابد من الاعتراف بوجود أزمة، ولكن من المهم، أيضاً، تفهم أبعاد الأزمة، وهى البحث عن حلول واقعية تحقق الوفرة فى سوق الأسمدة، ونبحث حاليا عدداً من الحلول، ومنها تحرير أسعار الأسمدة، ووضع آليات لضم أكثر من مليون فدان يتم صرف الأسمدة لها بدون حيازة وبطاقة الحيازة الإلكترونية الجديدة تحل مشاكل الأسمدة والتعديات.
■ هل يعنى ذلك إلغاء الدعم عن هذه السلعة الاستراتيجية اللازمة لتطوير القطاع الزراعى؟
- لا، لن يتم إلغاء الدعم عليها، ولكن تحرير أسعارها يرتبط بفرض رسوم على تصدير الأسمدة إلى الخارج، على أن يتم دعم الفلاح من خلال الرسوم التى يتم توريدها من صادرات الأسمدة لتوفير الدعم اللازم للفلاح، عند شراء الأسمدة، وهو ما يعنى تحقيق الوفرة فى أسواقها بأسعار مناسبة للفلاح المصرى، بدلا من اللجوء إلى السوق السوداء لتلبية هذه الاحتياجات.
■ وماذا عن تأثير أزمة الغاز على مصانع إنتاج الأسمدة؟
- الحكومة تسعى لتوفير الغاز لهذه المصانع فى التوقيت المناسب لضمان توفير الكميات التى تطلبها الأسواق المحلية، خلال مرحلة التداول، ومنع أى محاولات للادعاء بعدم وجود حصص من الإنتاج وقت الحاجة إليها.
■ كثيرون يؤكدون أن محدودية مواردنا المائية تستلزم قيام الدولة بملاحقة المخالفين فى زراعات الأرز. ما هى أطر منع تكرار هذه المشكلة؟
- سيتم تطبيق مخالفات الأرز فى حالة تكرارها فى الموسم الزراعى الجديد، لأن وعد الرئيس مرسى مرتبط بإعفاء المواطنين من مخالفات الأرز فى حالة عدم تكرارها، ولن تتم أى تنازلات جديدة من الحكومة لإلغاء مخالفات الأرز، لأن ذلك يهدد مصالح المزارعين الجادين والملتزمين بعدم الانخراط فى هذه المخالفات، وعلى المواطن أن يعى أن التوسع فى زراعة الأرز خارج منظومة القرارات الحكومية- يشكل تهديدا لمواردنا المائية.
■ ننتقل إلى ملف التعديات على الأراضى الزراعية. ما حلول الأزمة التى شهدت تزايداً شديداً بعد الثورة؟
- عرضنا على مجلس الوزراء مشروع قانون لمصادرة أراضى المتعدين على الأراضى الزراعية، لأن التعدى عليها «جريمة»، ونحن متمسكون بأهمية صدور القانون لصالح مستقبل الأجيال القادمة، واستمرار التعديات عليها يهدد الأمن الغذائى للمصريين.
■ لكن الكثيرين يؤكدون أن التشدد الحكومى يستتبعه اللين لأهداف انتخابية!
- لن تحدث أى تنازلات، ولن تؤثر الانتخابات البرلمانية على قرارات ملاحقة التعديات على الأراضى الزراعية، لأن الأصل أن العملية السياسية لا تؤثر على القرارات الفنية التى هى من «صلب » العمل الأصلى لوزارة الزراعة، لأن ذلك يجعلها تنحرف عن دورها الحقيقى فى حماية الأراضى الزراعية التى هى ملك لنا كمصريين فى إطار المصلحة العامة للدولة.
■ تفعيل التعاون مع دول حوض النيل يبدأ بالقطاع الزراعى؟ ما رأيك؟
- بالتأكيد، وهو ما جعل وزارة الزراعة هى أكثر الوزارات التى لها تعاون وثيق مع دول حوض النيل والدول الأفريقية، ولدينا مزارع مشتركة فى السودان بتمويل مصرى بالإضافة إلى مشروع مكافحة ورد النيل، بالاشتراك مع دول حوض النيل الجنوبى « أوغندا وتنزانيا وكينيا ورواندا وبروندى»، بالإضافة إلى مشروعات للميكنة الزراعية فى إثيوبيا، وجميعها تساهم فى تفعيل التعاون الثنائى مع دول الحوض لمصلحة الشعوب، ونحن مستعدون للتعاون مع السودان دون حد أقصى، وأنسب طريق للاستثمار فى دول حوض النيل هو تشجيع القطاع الخاص والشعبى على الانخراط فى مشروعات تنموية فى هذه الدول.
■ ماذا عن الاستثمار العربى والأجنبى فى النشاط الزراعى بمصر بعد الثورة؟
- للأسف الوضع الأمنى أثَّر على كثير من المستثمرين، واستعادة الأمن هى المفتاح السحرى للاستثمار الداخلى والخارجى فى القطاع الزراعى المصرى، خاصة المشروعات الكبرى.
■ ننتقل إلى ملف القطن المصرى وأزمة تسويق المحصول العام الماضى. ما مستقبل زراعته فى مصر؟
- تم حل مشكلة تسويق 126 ألف قنطار من إنتاج العام الماضى، بالإضافة إلى أن قرار مجلس الوزراء بزيادة الدعم إلى 200 جنيه للقنطار، بدلا من 150 جنيهاً ساهم فى الانتهاء من تسويق هذه الكميات، بينما نقوم حاليا بإعداد خطة لإعداد خريطة صنفية تساهم فى توعية المزارعين بأنسب المحاصيل للتسويق فى كل موسم.
■ وماذا عن ملف المبيدات المسرطنة؟
- المبيدات هى مادة إذا تم استخدامها بطريقة خاطئة تكون هى الطريق للإصابة بالأمراض التى تهدد الصحة العامة، وهو ما يستلزم تقنين استخدامها عن طريق الالتزام بالضوابط التى تحددها لجنة مبيدات الآفات فيما يتعلق بإرشادات وتعليمات الاستخدام، خلال مراحل مكافحة الآفات الزراعية أو خلال مراحل تداول المحصول وتسويقه.