x

رئيس جهاز التعبئة والإحصاء: الانفجار الاجتماعي لا يحدث بارتفاع الأسعار فقط

الأربعاء 16-01-2013 22:38 | كتب: مصباح قطب, أميرة صالح |
تصوير : حسام فضل

موقعا رئيس جهاز التعبئة والإحصاء ووزير التموين يتيحان لصاحبيهما أكثر الرؤى قرباً من أوضاع محدودى الدخل والفقراء، كما يتيحا لهما أن يكونا بمثابة مطلق الصافرة للتحذير من خطر الانفجار الاجتماعى حين تتبدى علاماته فى الأرقام والمعلومات التى تصل إليهما.

«المصرى اليوم» سألت اللواء أبوبكر الجندى، رئيس جهاز التعبئة، عما يثير قلقه أو خشيته مما يرد إليه من معلومات وأبحاث ميدانية سواء عن الفقر أو الدخول أو الإنفاق أو التضخم وعن الظروف التى نخشى معها تكرار يناير 1977 الآن ولو بشكل آخر فقال: «فى يناير 1977 كنت فى المظلات ولا تعلق بذهنى الآن أى صورة عن مظاهرات الخبز والتى سماها السادات – رحمه الله – انتفاضة الحرامية، لكن ما يلفت نظرى أننا بعد أشهر معدودة وفى أغسطس من العام نفسه تقريباً دخلنا فى حرب مع ليبيا، ولو سألنى سائل هل هناك علاقة بين أحداث يناير وبين عملية ليبيا أو هل كانت محاولة من السادات لشد الأنظار إلى الخارج بعد أن واجه أزمة كبيرة بالداخل؟ سأقول لا أعرف فعلا».

وقال اللواء أبوبكر: هناك أرقام تشكل علامة خطر اقتصادى أو اجتماعى أو تدل على خلل خطير و«تخض» أو يجب أن «تخض» أى مسؤول حين تزيد، وأعنى بها معدل الفقر ومعدل البطالة بالتحديد، وقد بلغ الأول نحو 25% حاليا وهو يشمل الذين يعيشون على أقل من 256 جنيهاً للفرد شهريا، وهذا المبلغ هو ما يبقى الإنسان بالكاد على قيد الحياة، أما معدل البطالة فقد قفز إلى نحو13% بعد أن ظل فترة طويلة عند 9٪ قبل أن ينتقل سريعا إلى 11٪ ثم 12٪ وأخيرا 13٪. والجميع يلاحظ الآن أن وزير التخطيط لا يفوت فرصة فى أى لقاء دون أن يتطرق لهذين الرقمين فالخطر يخص الجميع وقد قمنا نحن فى الجهاز بعقد مؤتمر منذ فترة لنعرف كيف يعيش الناس بالدخل القليل، ولن أتحدث عن دور «مية الفول» كغموس وغيرها من الوسائل التى يلجا إليها الناس كى تمضى الحياة.

غير أن هناك أرقاماً أو بيانات أخرى أقل وضوحاً لكن تشد انتباهنا فى الجهاز وتوجب علينا بحثها أو إبلاغ المسؤولين بمغزاهها من ذلك مثلاً أننا لاحظنا أن أطباء العيون والأسنان فى 13 محافظة رفعوا «الفيزيتة» فى شهر ديسمبر الماضى بأكثر من 10٪ ما دعانى للبحث عن السبب خشية أن يكون هناك أمر خطير سيدهمنا ولا نعرفه.. ما الذى استجد على المهنة أو الخامات المستعملة أو الأدوات أو الزبائن أنفسهم، وهل لذلك علاقة بضرائب جديدة – وإن كانت لم تنفذ بعد – أم لا... هل فى الأمر تربيطة؟. إن هذا البند لا يمثل وزناً كبيرا فى معدل التضخم العام لكن لا يجب تجاهله فقد يكون وراءه ما وراءه، ومازلنا نبحث لأننا حريصون على أن نفسر للحكومة شهريا أسباب التغير فى معدل التضخم والعوامل التى وقفت وراءه. أذكر أيضا أنه حدث أيام الدكتور أحمد نظيف أن زاد سعر كيلو الدواجن خمسين قرشا فجأة – وهذه الزيادة تعنى زيادة فى معدل التضخم كله بواقع 0.2٪ للوزن الكبير الذى تمثله اللحوم بنوعيها فى مؤشر التضخم - وبالسؤال عن السبب تبين لى أن سعر كتكوت التربية قفز إلى 7.5 جنيه وكان ذلك أمراً مريباً فالكتكوت فى النهاية هو بيضة ووضعت فى ظروف حرارة معينة لوقت قصير وهذا كل ما فى الأمر.

فلماذا تلك القفزة ولماذا هذا السعر المبالغ فيه بشدة ووجدت أن السر هو احتكار 6 من الكبار لإنتاج الكتاكيت، وأبلغت رئيس الوزراء بذلك لتتخذ الحكومة ما تراه. أيضاً فقد قفز سعر الدقيق فى 2008 قبيل اندلاع الأزمة المالية العالمية إلى مستوى قياسى ومن يومها بدأنا نعرف الرغيف أبوخمسين قرشاً وبعد أسابيع أو أشهر معدودة هبط الدقيق إلى نصف سعره، ومع ذلك ظل الرغيف كما هو، كما ظلت الحلوى التى ارتفعت كما هى أيضا وهذا يبين أهمية الرقابة على الأسواق وضرورة إيجاد حل لمشكلة إن اللى بيطلع ما بينزلش تانى مهما كانت الأسباب.

ويضيف اللواء الجندى: مصدر التخوف من الهبات الاجتماعية هو أسعار الأكل والشرب بالأساس لكنه ليس كل شىء، فهناك عوامل أخرى مثل التكدس والخنقة سواء فى السكن أو فى الشوارع والميادين كالوضع الذى نحياه الآن ولا نظير له فى أى بلد أفريقى، «ده الواحد بيمشى فى الرويعى بسيفه أى بجانبه بشق الأنفس من أمواج البشر الهادرة فيه».

وتابع: ما يفزع أيضا تزايد الميل للعنف والتوتر الناجمين عن الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة، ولا أظن أن الأمر كان كذلك فى السبعينيات، وهناك أيضا ضعف أو تفكك العوائل والأسر تحت ضغط الظروف وغير ذلك، وبالمناسبة نتذكر أن معدل التضخم فى بداية حكومة الدكتور عاطف صدقى كان قد بلغ نحو 23٪ لكن لم يكن هناك مثل القلق الذى نحياه الآن، رغم أن التضخم حاليا يعد منخفضا بكل المعايير (4.7٪) حالياً، وتفسيرى لذلك أن التضخم يأتى أحيانا ليس من كثرة الطلب أو الإقبال على السلع والخدمات ولكن أيضا من ندرة العرض أو ضعف الإنتاج أو يأتى من غياب المنافسة أو التنوع فى الأسواق ومن الاحتكارات، وفى نهاية الثمانينيات لم يكن هناك الانقسام الذى نعيشه أو الخوف من الغد أو الزحام السكانى نفسه، ولم يكن هناك كذلك الاقتراب الغريب للباعة العشوائيين من كل الأحياء وكل المناطق السكنية.

ولهذا فإن الزحام الراهن لا يمنحنا ترف أن نتحمل هبة جياع أياً كان اسمها ولابد من حلول قصيرة وبعيدة المدى والمدخل الأول هو التوافق.. التوافق.. التوافق كما قال كل من تحدثوا فى ندوات الحوار المجتمعى حول الإصلاحات مؤخراً، وأقترح أيضا أن ننفق 8 مليارات جنيه للتنمية فى سيناء كتلك التى أنفقناها فى توشكى فسيكون لذلك منافع لا حصر لها فى التشغيل والتوطين وتفكيك التكدس وحماية الأمن القومى والاستقرار مع عمل مستشفيات متميزة مجانية ومدارس فاخرة مجانية وملاعب رياضية كعناصر جذب.

وقال الجندى إن الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء الحالى سأله مرتين عن دلالة أرقام بعينها، فى المرة الأولى عن تكلفة التعليم ولماذا ترتفع فى شهر واحد (سبتمبر شهر دخول المدارس) كارتفاعها فى العام كله والثانية عن رقم التضخم الذى قلنا إنه الأقل منذ سبع سنوات وقد قال لنا هل أذعتم ذلك؟.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية