x

الأمين العام لحزب العمال التونسي: نعاني مع مصر من حكم الاستبداد باسم الدين (حوار)

الإثنين 14-01-2013 22:55 | كتب: صوفية الهمامي |

مع حلول الذكرى الثانية لباكورة ثورات الربيع العربى، ثورة الياسمين، كما عرفت عربياً ودولياً، تتداخل آمال وآلام قطاعات كبيرة من الشعبين المصرى والتونسى، فكما تقاسم البلدان أولى نسمات الحرية، مع رحيل نظامى «بن على» و«مبارك»، مر كلاهما بفترات صعود وهبوط، وصلت بهما إلى نفق مشترك، تعانى فيه المعارضة، هنا وهناك، مما تصفه بـ «استبداد الدولة الدينية».

هذا ما شكا منه حمة الهمامى، الأمين العام لحزب «العمال» التونسى، الناطق الرسمى باسم الجبهة الشعبية المعارضة، لـ«المصرى اليوم». «الهمامى» يُوصف بأنه مناضلٌ قضى حياته فى عهدى الحبيب بورقيبة، ثم زين العابدين بن على، سجيناً أو مطارداً، واليوم يقود تحالف الجبهة الشعبية المعارضة، التى قال إنها تتعاطى مع الأزمات السياسية والاقتصادية الحالية رغم رفضها التعاطى مع حكومة «النهضة».. وإلى نص الحوار:

يسود الإحباط الشارع التونسى، بعد عامين من الثورة، كيف ترى ذلك؟

- لا أعتقد أن البلاد تعمها حالة إحباط. ما يعمها، ولو نسبيا، هو حالة غضب. ليس أدل على ذلك من التحركات الاحتجاجية المستمرة فى مختلف جهات البلاد.

المقارنة أصبحت عفوية بين ثورتى مصر وتونس، هل ترى تشابها، الآن، بينهما؟

- مؤكد، تتشابه الحالتان فى إسقاط رأسى الاستبداد، ولكن نظام الاستبداد ذاته لم يسقط سياسياً، ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً، بسبب غياب القيادة الثورية فى كلا البلدين، وهو ما يفسر استمرار حالة الصراع والغليان، التى تتمحور حول استكمال مهام الثورة. يضاف إلى ذلك، أن الحكومتين اللتين فازتا فى الانتخابات فى تونس ومصر لا علاقة لهما بالثورة، التى لا تمثل رؤية وبرنامجاً وسلوكاً لديهما. كلتا الحكومتان فى مصر وتونس محافظتان، وتدافعان عن منظومة استبدادية، بشكل جديد فقط، فى إطار اختيارات رأسمالية ليبرالية وحشية، وتبعية تكاد تكون مطلقة، للمراكز الرأسمالية العالمية.

إذن، ما إيجابيات ثورتى اللوتس والياسمين؟

- الإنجاز الوحيد الملموس، الذى حققه الشعبان، هو الحرية المنتزعة بالدم، وترجمت فى حرية الإعلام والتعبير والتظاهر. وما عدا ذلك فإن الانتقال الديمقراطى المنشود مازال محل صراع بين الشعبين والقوى الديمقراطية من جهة، وبين الحكام الجدد الذين يريدون الالتفاف عليها بإقامة دولتين دينيتين استبداديتين من جهة أخرى، وهو ما تشهد عليه كل المناورات حول مشروعى الدستور والقوانين المنظمة للحياة السياسية والاجتماعية وغيرها. وانتشار الميليشيات، والقوى الموازية للسلطة، لضرب الحريات وفرض نمط حياة وسلوك وتفكير معين على الشعبين اللذين لم يثورا من أجل دولة دينية استبدادية، لتعويض نظامى «بن على» و«حسنى مبارك»، بل إنهما حددا فى ثورتيهما، وبوضوح، التحديات التى يريدان مجابهتها وحسمها، وهى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. هذا يقتضى وضع الأسس لجمهورية ديمقراطية حقيقية، مدنية عصرية وشعبية، وهو ما يتناقض كلياً مع ما يطرح اليوم فيهما.

الوضع الاقتصادى هو الفارق دائما فى أى دول، وهو أيضاً يشهد تردياً خطيراً، يلمسه القارئ المصرى، كيف تراه فى تونس؟

- الاقتصاد التونسى يمر بذات الخطورة. نسبة البطالة عالية، ونسب النمو والاستثمار منخفضة. هناك تضخم فى الأسعار وضعف فى المقدرة الشرائية، مع تفاقم عجز ميزانية الدولة وميزان المدفوعات الخارجية.

فى كلا البلدين يتحدث النظامان الحاكمان عن تركة ثقيلة، خلفها النظامان المخلوعان، لا يد لهما فيها!

- هذا عزف على نغمة القضاء والقدر، وهو ليس صحيحاً. حالنا فى تونس الآن، نتيجة لإمعان الحكومة الحالية فى تطبيق نفس الاختيارات التى ثار ضدها الشعب، ولم تجد حكومة «النهضة» علاجاً لها سوى إغراق البلاد فى مزيد من التداين وفى تكبيد العمال المسؤولية، وهو ما ينذر بأزمة مالية خانقة فى ظرف 5 - 6 أشهر. ما يفسح المجال للمؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولى، للانقضاض على تونس من جديد، وإحكام السيطرة عليها. وساهم الأداء السياسى، للائتلاف الحاكم، بما فيه من غموض نهاية الفترة الانتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة، وانتشار للعنف السياسى المبرمج، والغياب الكلى للإصلاحات فى الإعلام والقضاء والإدارة، فى تعميق المشاكل الاقتصادية.

وما بديلكم كمعارضة؟

- الجبهة الشعبية تتعاطى مع وضع تونس على مستويين، مباشر ومرحلى. فى المباشر، تقدمنا بمقترح واضح، بجدول زمنى منضبط، للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية، ولإنهاء الفترة الانتقالية وتنظيم انتخابات جديدة. طرحنا حل الحكومة، الفاشلة والعاجزة، واستبدالها بـ«حكومة أزمة»، صغيرة العدد، من كفاءات وطنية، لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة. تتولى إجراء انتخابات حرة، وتتابع الانتهاء من الدستور.

كما حدث فى مصر، هناك دعوات لكم للانضمام لجبهة مدنية أوسع تضم كل القوى الليبرالية!

- الجبهة الشعبية تولى كل أهمية، فى تحالفها، لاتفاق البرامج، على تحقيق الأدنى من مطالب الشعب. وهذا لا يتوافر إلا مع أطراف مثل الحزب الجمهورى والمسار الديمقراطى الاجتماعى وغيرهما. أما نداء تونس، الذى تقصدينه، فهو لم يفصح بعد ببرنامجه وأهدافه، كما أن تركيبته لاتزال غامضة ولا يعرف الناس حدود تأثير الحزب الحاكم القديم فيها.

وماذا عن السياسة الخارجية للنهضة؟

- حكومة النهضة فشلت داخلياً وخارجياً، فلم تخرج من التبعية للمنظومة الاستعمارية الغربية، لا اقتصادياً ولا سياسياً، وتقدم لها التنازل تلو الآخر، إرضاء لها، حتى تقبل استمرارها فى الحكم. الجديد، وهو الأدهى، أنها تريد أن تجعل تونس ذيلاً لحكام الخليج، وتحديداً نظامى قطر والسعودية المستبدين بشعبيهما، والمرتبطين عضوياً بالمشاريع الصهيونية الهادفة، لإجهاض الثورات العربية وتمزيق وحدة شعوب المنطقة على أسس طائفية. نحن نطمح إلى بلد عصرى ديمقراطى متقدم، يحافظ على مكاسبه التى حققها على مدى العصور، ويدعمها بمنجزات جديدة. لا نريد أن نقع فريسة للجهل والتخلف باسم الدين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية