فرحة عارمة سادت الشارع التونسى فى مثل هذا اليوم منذ عامين ابتهاجاً بنجاح «ثورة الياسمين» فى الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن على الذى هرب إلى السعودية فى 14 يناير 2011 بعدما حكم البلاد بقبضة من حديد على مدى 23 عاماً، الأمر الذى جعل من تونس «أيقونة» لثورات «الربيع العربى». لكن نشوة الانتصار سرعان ما خبت لتحل محلها مشاعر السخط والقلق، حيث اصطدمت آمال الشعب العريضة فى قيام دولة ديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية والعيش الكريم لمواطنيها بعدة عراقيل. فالائتلاف الحاكم، الذى تقوده حركة «النهضة» الإسلامية، يواجه اتهامات بالتراخى فى مطالبة السعودية بتسليم بن على، فضلاً عن التخاذل فى تعويض أهالى شهداء ومصابى الثورة، وذلك فى الوقت الذى وقعت فيه الدولة فريسةً لتراجع الاقتصاد وارتفاع نسب البطالة التى كانت محركاً رئيسياً لقيام الثورة، فيما تواجه الدولة أيضاً بروز مجموعات إسلامية عنيفة تعوق فرض الأمن، وذلك بالتوازى مع انتهاج وزارة الداخلية أساليب العهد البائد من قمع وتعذيب. ومع تصاعد نبرة التناحر السياسى بين مؤسسة الرئاسة وحركة «النهضة»، التى تصنف على أنها فرع جماعة «الإخوان المسلمين» فى تونس، وبين الترويكا الحاكمة والمعارضة، التى تتهمها «النهضة» بإذكاء «ثورة مضادة»، لم تتمكن حتى الآن القوى السياسية من تحقيق واحد من أهم أهداف الثورة، وهو صياغة دستور جديد للبلاد أو تحديد جدول سياسى وانتخابى للبلاد، فى حين تتصاعد الاتهامات بحق «النهضة» بالسعى لتكميم الأفواه وتقييد حرية الرأى والتعبير، وهى مجموعة أزمات قد تنذر بعودة عقارب الثورة إلى الوراء.
«نهضة السياسة».. اتهامات متبادلة بالتخوين وكراهية تشعل العنف فى تونس «الإسلاميون يحتكرون الحياة السياسية» و«المعارضة تقود ثورة مضادة على الشرعية»، تلك هى أبرز الاتهامات التى تتبادلها القوى السياسية التونسية حتى المتحالفة مع بعضها. فقد سيطرت موجة من التخوين والتشكيك على المشهد السياسى خلال العام الثانى للثورة بعد عام من التفاؤل الذى لم يستمر بتحالف المتنافسين من اليساريين والإسلاميين..المزيد...
«العدالة».. حقوق ضحايا الثورة ما زالت «ضائعة» و«بن على» مقابل «ود» السعودية «ابنى ضحى بحياته مقابل لا شىء.. لم يتغير أى شىء.. فالبطالة منتشرة وأغلب الوعود ذهبت سدى.. حتى ملفات الشهداء والجرحى مازالت فى انتظار إجراءات حاسمة من قبل الحكومة».. بهذه الكلمات تلخص منوبية البوعزيزى، والدة محمد البوعزيزى، الذى فجر «ثورة الياسمين»، حال أسر ضحايا الثورة..المزيد...
«الاقتصاد».. الدولة على حافة الإفلاس ..و«البوعزيزى» يواصل الانتحار
يبقى «تدهور الاقتصاد والفقر والبطالة» عنواناً عريضاً فى ثورة «الياسمين»، التى أطاحت بالرئيس زين العابدين بن على. ومع تغير الوجوه على المسرح السياسى، ظل البعد الاقتصادى كلمة السر عند الحديث عن الأزمات التى تواجهها حكومة «النهضة» الإسلامية منذ فوزها بانتخابات أكتوبر 2011، بعد وعود بالتغيير والازدهار الاقتصادى لم تتحقق حتى الآن..المزيد...
«الإعلام».. حرية مخنوقة بطوق السلطة
يعيش الإعلام التونسى حالة من الشد والجذب ما بين رغبته فى الحفاظ على مكتسبات الثورة التى أكملت عامها الثانى، وبين تطلعه لجنى المزيد من الحرية وسط مخاوف القائمين عليه من تقييدها من قبل حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة..المزيد...
«الدستور».. جنين يحمل مواصفات «الديكتاتورية الدينية».. و تحصين الرئيس وطبيعة النظام والشريعة.. خلافات تنذر بولادة متعسرةبعد مرور عامين على هروب زين العابدين بن على، لايزال التونسيون يتطلعون لإنجاز واحد من أهم أهداف ثورتهم، وهو إقرار دستور توافقى جديد للبلاد. فرغم أن القوى السياسية وقعت وثيقة تلتزم فيها بإنجازه فى مدة سنة تنتهى فى 23 أكتوبر الماضى، بدأت مسودة الدستور تظهر إلى النور بعد شهرين على الموعد المحدد سلفاً، فيما تعالت الأصوات المنتقدة للمسودة التى اعتبرتها «تكرس لديكتاتورية دينية على أنقاض الدولة المدنية..المزيد..»،
«الأمن».. الإسلاميون ينتقلون من عصر التغيير بـ«القلب» إلى «اليد» ..والشرطة تزداد قمعاً انتفض الشارع التونسى قبل عامين لإسقاط دولة الرئيس زين العابدين بن على «البوليسية»، وضد الآلة القمعية التى بناها لتأمين حكمه، إلا أنه مع دخول «ثورة الياسمين» عامها الثالث يبقى الملف الأمنى أحد التحديات الكبرى التى تهدد مستقبل تونس، ليس فقط بسبب غياب الأمن واستمرار عنف الشرطة ضد المتظاهرين، ولجوء وزارة الداخلية إلى التعذيب، وإنما أيضاً بعد تنامى خطر السلفيين المتشددين، وظهور ميليشيات «رابطة حماية الثورة»، المحسوبة على حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة..المزيد...