قال الكاتب والمحلل البريطاني روبرت فيسك إن قبول إعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك يمكن أن يثير تعاطف الناس بدلا من كراهيتهم، إلا أن مبارك ليس رجلا محظوظا كما ظهر في اليومين الماضيين، مؤكدًا أن الرئيس الذي أطاحت به ثورة 25 يناير 2011 «سوف يظل خلف الأسوار».
وأضاف فيسك في مقاله المنشور الاثنين في صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن إعادة المحاكمة لا تعني نجاح الاستئناف، وإذا نجح القضاء المصري، فمن الممكن أن يتم تأكيد حكم سجن مبارك أكثر لبقية حياته بمجرد وقوفه مرة أخرى أمام القضاة.
وأوضح فيسك أن «حكومة محمد مرسي لا ولن تجرؤ على إطلاق سراح ذلك العجوز المشاكس ليتقاعد في شرم الشيخ بعد أن قتل أكثر من 800 متظاهر في ثورة 2011»، في إشارة إلى مبارك، مضيفًا أن القوانين في عهد مبارك كانت فاسدة، لكن أعيد بناءها الآن لتعيق الفساد، الذي يتضمن مبارك نفسه، في شبكة من الحجج القضائية والأدلة القوية وتأجيلات لا نهائية للمحاكمة وبالتالي فترات أطول في السجن.
وأشار إلى أهمية «نيابة حماية الثورة»، المختلفة عما يثيره اسمها الناصري، والتي أنشئت في ديسمبر الماضي، وإلى ضرورة أن تقوم بدراسة التقرير الجديد الذي أصدرته لجنة تقصي الحقائق بشأن ثورة 2011، واصفًا تلك اللجنة بأنها ستكون ضد مصلحة قوات أمن مبارك على العكس من تلك التي قدمت أدلة للحاكمة التي انتهت منذ سبعة أشهر.
وقال فيسك إن إعادة محاكمة مبارك تحمل دائما خطر إثارة التعاطف معه بدلا من كراهيته، مشيرًا إلى اهتمام الإعلام بالغيبوبات المزعومة لمبارك، والسوائل الموجودة في رئتيه وسقطاته في الحمام، متسائلا: «كيف تتوقع أن يكون مصير رجلا عجوزا عمره 84 عاما؟»، موضحًا أن «المصريين متسامحون وإذا مات مبارك قبل أن يقف أمام القضاة مرة أخرى، فلن يلق أحد بحجر في جنازته».
وعاد ليوضح أن القضاء يحمل لمبارك الكثير في جعبته، فهناك مقاطع فيديو جديدة، وشهود عيان جدد وأدلة على إطلاق «حمقى مبارك» رصاص متعمد على المتظاهرين، وقد جمعت تلك الأدلة على مدار الشهور الماضية، وقال إن هناك ما قيل بشأن تلقي مبارك، الرئيس وقتها، بث حي لقتل المتظاهرين، وهو ما يؤكد أنه أمر بقتل متظاهري ميدان التحرير بالتغاضي عن قيام قوات أمنه بذلك.
وذكر فيسك أن كل ذلك لا يمثل لحبيب العادلي، وزير الداخلية المحكوم عليه بالسجن المؤبد وتعاد محاكمته أيضا، أية أخبار جيدة، فالقضية مختلفة قانونيًا الآن، خاصة وأن تلك العملية القضائية لن تكون في مصلحة النظام القديم.
وأعاد الكاتب البريطاني التذكير بأن أعداء مبارك قبل الثورة، الإسلاميين الذين حاولوا اغتياله ووقفوا أمام المحكمة العسكرية، هم الذين يحكمون مصر الآن ويحاكمونه، مؤكدًا أن العدالة في مصر تأخذ منحى جاد طوال الوقت.
وقال إن هناك دائما فرصة خروج مبارك من السجن باستئناف غير عادي، حتى لو ظل العادلي خلف الأسوار، فمازال «أشباح مبارك» في السلطة، كبار الضباط، وبلطجية وزارة الداخلية الذين يريدون أن يروا مبارك نظيفًا، فسوف يساعدهم ذلك على غسل خطاياهم نفسها، لكن الآن عليهم الانتظار ليروا البشاعات الجديدة التي سيكشف عنها في ملفات وزارة الداخلية، وتفاصيل التحقيقات، وربما نكتشف من الذي أمر بتعذيب المسلمين العرب الذين سلمهم الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلى القاهرة لانتزاع استجوابات.
لكن فيسك عاد ليقول إن هناك أسرارا أكثر قدسية من الكشف عنها، ومنها الكثير من مليارات المساعدات الأمريكية التي وصلت لمصر، وللجيش المصري، لإخفائها، فقد هرب بن علي، الرئيس التونسي السابق، بأمواله، كما فعل هياكل النظام اليمني، وليبيا القذافي التي اختار الغرب دعم الجانب الخطأ فيها، وملك البحرين.. كل هذا يجعلك تتعاطف مع مبارك.