تباينت آراء الخبراء حول ردود فعل وزارة الداخلية تجاه الأحداث التی مرت بها البلاد خلال الفترة الأخيرة، ففى حين اعتبر البعض أن الوزارة وقفت علی الحياد فی أحداث «الاتحادية»، اتهمها أعضاء حزب الحرية والعدالة بالتواطؤ فی أحداث مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، فيما رأى فريق ثالث أنها جاملت الإخوان فی حصار المحكمة الدستورية، و«صرفت نظرها» عن أنصار حازم صلاح أبوإسماعيل الذين حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامی.
رصدت «المصری اليوم» آراء الخبراء حول الأحداث، ورؤيتهم لـ3 سيناريوهات محتملة، الأول بقاء الإخوان فی الحكم، والثانی تجدد الثورة، والثالث هو الفوضى.
وأجمع الخبراء علی ضرورة احترام القانون، وتطبيقه علی الجميع، حتی لا تتحول مصر إلی دولة فاشلة لا تستطيع حماية أمنها الداخلى، وشددوا على ضرورة أن تقف الداخلية علی الحياد لتحسن صورتها، وتؤكد أن عقيدتها الأمنية تغيرت.
قال اللواء نشأت الهلالی، مساعد وزير الداخلية الأسبق، رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق، أن الجميع لا ينكر أن وزارة الداخلية وقفت على الحياد فی أحداث الاتحادية، فی حين يری البعض الآخر موقفها اتسم بـ«التواطؤ» فی أحداث القائد إبراهيم، لكن لابد من تطبيق القانون علی الجميع، دون مساندة فصيل علی حساب آخر.
وأضاف «الهلالی»: إن هناك سلسلة متصلة الحلقات لابد من توافرها وهى احترام القانون، وهيبة الشرطة والدولة، ولابد من اكتمال هذه الثلاثية، لأن القانون ينفذ عن طريق جهاز الشرطة، وقال: «لا توجد دولة دون قانون، ولا يوجد قانون بلا أخلاق».
وتابع: لا أعتقد أن هناك تواطؤاً من جهاز الشرطة فی بعض الأحداث، حتی يتم تمكين الإخوان من الحكم، كما يردد البعض، فهذا سيناريو «مرفوض»، لأن الإخوان علی رأس الحكم، والداخلية هی الجهة المنوط بها تنفيذ القانون. ويجب أن يكون هناك احترام متبادل بين جميع الأطراف فى إطار القانون وتحقيق المساواة والعدالة.
وحول تعامل الداخلية مع السيناريو الثانی وهو تجدد الثورة قال الهلالی: لابد أن تكون الداخلية استوعبت الدرس من ثورة 25 يناير، وعليها أن تقف علی الحياد، وأن تبتعد عن أی أحداث قد تؤدى لسقوط ضحايا مصريين، وهو ما فعلته فی أحداث مسجد القائد إبراهيم، لكن البعض اتهمها بـ«التواطؤ»، وهو ما حدث أيضاً أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وكانت الاتهامات بـ«غض النظر» عن أنصار أبوإسماعيل، معتبراً أن ذلك الموقف حدث حقنا للدماء، فعلى الشرطة فی هذه الحالة عدم حماية النظام والانحياز للشعب، واتباع القواعد الخاصة بسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.
وعن تعامل الداخلية مع سيناريو الفوضی المتوقع أكد الهلالی: أن هناك من 4 إلی 5 جهات تعمل على تهريب السلاح، وأخشی أن نصل إلی هذا السيناريو الذى لا يمكن معه تحقق الأمن فی الداخل، ودور الوزارة فى هذا الشأن التصدی بكل حزم لأی محاولات فوضى، ومنع أی اعتداء أو ترويع للمواطنين من الخارجين على القانون.
وقال اللواء السيد زايد، مدير مباحث أمن الدولة بالإسكندرية السابق، إنه من الصعب توقع أى سيناريو مقبل فی الوقت الحالى، خاصة فی ظل صدور قرارات وإلغائها بعد دقائق، معتبراً أن موقف وزارة الداخلية كان «متخاذلاً» فی أحداث «مدينة الإنتاج الإعلامی وحصار المحكمة الدستورية العليا» وتابع: «علينا أن نعترف بأن الشرطة هی التی تنفذ قرارات السلطة التنفيذية مثل القوات المسلحة، لكن الداخلية هی المسؤولة عن «الميليشيات» التی تعمل فی الشارع.
وأضاف «زايد»: إن الشرطة لا تستطيع ممارسة مهامها الأساسية، لأنها «خائفة» من تكرار الدرس «القاسی» فی 25 يناير، لهذا تلجأ إلى الوقوف علی الحياد، تطويعاً للجهاز الأمنی لخدمة مصالح الإخوان.
وتابع «زايد»: فی حالة تجدد الثورة مرة أخرى، فإن الشرطة ستقف لتنفيذ قرارات رئيس الجمهورية، رغم ما تعرض له الجهاز الأمنی من هجوم عقب الثورة، وستنفذ هذه القرارات مثلها مثل القوات المسلحة، رغم أن عقيدتها تغيرت وأصبحت تهتم بالمواطن، لكنها لن تتعامل بقسوة مع أبناء الوطن، لأنها تحاول جاهدة أن تكون بعيدة عن الشبهات، وموقفها أمام مسجد القائد إبراهيم كان «متخاذلا» ولهذا يتم توجيه الاتهامات إليها من جميع الأطراف.
وعن سيناريو الفوضی قال «زايد»: إن الجهاز لديه مهمة فی الشارع هى تحقيق الأمن، وهناك جهات أخری مهمتها جمع المعلومات ونقلها إلی صانع القرار، وهو الدور الذى كان يؤديه جهاز مباحث أمن الدولة المنحل، ومهمته نقل نبض الشارع إلی صاحب القرار، بجانب حفظ الأمن والنظام فی مصر، عن طريق تطبيق القانون، وستنفذ الشرطة قرار مرسی فی حالة حدوث «فوضی»، وإذا خالفت هذه القرارات سوف تذهب قياداتها «فی ستين داهية»، وتتعرض لهجوم من كل القوی السياسية.
وقال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية السابق: إن الاستقرار فى مصر لن يتحقق إلا بتعافى جهاز الأمن، لأنه يتدخل فى كل شىء، ولكى يحدث ذلك يجب أن تتحقق 4 محاور أولاً القضاء على التخبط السياسى الذى يؤدى إلى العنف والانقسام لذا يجب الوصول إلى توافق وطنى.
أضاف إبراهيم: والمحور الثانى هو نجاح المحور السياسى حيث يقودنا إلى استقرار الاقتصاد الوطنى،والمحور الثالث هو تنشيط السياحة والاستثمار وهو ما ينعكس على المواطن فيبعده عن العنف من أجل تحقيق احتياجاته، أما عن المحور الأخير فقال: يجب أن نساعد الداخلية كى تتعافى وتسترد قوتها للقضاء على العنف والانقسام بين القوى السياسية. واستبعد سيطرة تيار بعينه على مصر أياً كان هذا التيار، لأن هناك قوى تعرف بالمعارضة تنتقد الأداء المتخاذل الضعيف، وفی حالة عدم تحقيق هذه المحاور فكل السيناريوهات متوقعة.
وقال اللواء مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية السابق: إذا سيطر الإخوان على البلد ستعم الفوضى والعنف، لأنهم سيلجأون إلى الديكتاتورية والقوانين الاستثنائية، والشعب لن يقبل بهذا، وسيقوم بثورة ثانية وحينها سيلجأ الإخوان إلى حماس لأنها تساندهم، وتدخل البلاد مرحلة من العنف والفوضى.
أضاف البسيونى: إن الإخوان يجب أن يحكموا عقولهم فى تقلد المناصب المهمة ويبتعدوا عن استفزاز الشعب حتى لا يثور ضدهم. وقال إن الداخلية فى موقف صعب لأنها لا تستطيع أن ترضى جميع الأطراف، فقد تعرضت لمخاطر كثيرة فى المرحلة السابقة وعندما تصدت للمتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع اتهموها بالعنف، وعندما وقفت محايدة ولم تتدخل اتهموها بالسلبية.
وتابع: هناك ضلعان فى مصر هما الشرطة والقضاء، فإذا شرخ أحدهما انهارت الدولة، وستصبح البلاد بلا قانون وتعم الفوضى، ويصبح البقاء للأقوى، وهذا لا يبشر بالخير.