قال أحمد الجربا، رئيس ائتلاف المعارضة السورية، إنه يبارك الضربة الأمريكية المرتقبة على نظام بشار الأسد، مؤكدا أن موافقة الائتلاف على الضربة العسكرية مشروطة بالحفاظ على أرواح كل المدنيين السوريين سواء كانوا مؤيدين أو معارضين.
واستبعد «الجربا» في حواره لـ«المصري اليوم» وصول «الإخوان المسلمين» في سوريا إلى الحكم، مؤكدا أن قوى المعارضة لديها خريطة طريق لمدة عام تشتمل تشكيل حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات، واتهم الرئيس السوري بشار الأسد بأنه من يوظف المسلحين المتطرفين والتكفيريين من «جبهة النصرة» كما استخدمهم من قبل فى العراق.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى الأزمة السورية الآن؟
ـ الأزمة السورية تتصاعد منذ أن بدأت قبل عامين ونصف العام، ووتيرة العنف مستمرة من طرف تحالف النظام السورى والحرس الثورى الإيرانى وحزب الله والمتطرفين الشيعة العراقيين، وعدد من المقاتلين اليمنيين، وكل هؤلاء يفترض أنهم أشقاء للشعب السورى، ويفترض أن يساندوه فى ثورته ضد هذا النظام القمعى الجزار فى المقابل هناك صمت غربى مريب وصمت إقليمى كل هذا جعل رئيس النظام المجرم يسرف فى القتل، لأنه لا يجد من يمنعه أو يردعه، فصورت له حاشيته أنهم على صواب فيما يفعلون.
والنظام بدأ بضرب الرصاص الحى، ثم وجد العالم صامتاً، فتمادى واستخدم المدفعية ثم ضرب شعبه بالطيران، واستخدم صواريخ سكود، والعالم صامت، وأخيراً استخدم الكيماوى ضد شعبه لأنه لديه ثقة فى أن أحداً لن يتدخل لإنقاذ الشعب السورى من تلك المجازر، ولكن بعد مجزرة الضربة الكيماوية يوم 21 أغسطس تغيرت تلك الأمور.
■ هناك تصعيد حقيقى بتوجيه ضربة عسكرية، كيف ترى ذلك؟
ـ أقول لكل العالم وللدول العربية إن لسان حال الشعب السورى الآن يقول «أضاعونى.. وأى فتى أضاعوا»، والأكيد أن هناك تحذيرا من ضربة عقابية ضد هذا النظام، وسيتم تنفيذها خلال أسبوع على الأكثر، بهدف تأديب بشار الأسد وإحداث شلل لنظامه وآلياته العسكرية.
■ هذا يعنى أن الائتلاف موافق على توجيه ضربة عسكرية غربية ضد النظام السورى؟
ـ نعم، ولكن موافقتنا مشروطة بالحفاظ على كل أرواح المدنيين سواء كانوا مؤيدين أو معارضين، هذه الضربة ستكون محدودة وموجهة ضد مواقع عسكرية تقع تحت سيطرة النظام، ونحن نبارك تلك الضربة، لأنها ستدمر تلك الآليات العسكرية التى تقتل الشعب السورى دون رحمة.
■ النظام السورى بدأ تحريك معداته العسكرية لتغيير أماكنها، وهذا قد يسبب أرباكا للضربة الوشيكة فتصيب أماكن بها مدنيين، أليس كذلك؟
ـ هناك أقمار صناعية ترصد كل تحركات النظام وتعرف أين سيكون بشار نفسه وقت الضربة، وبالتالى أعتقد أن خطوة تحريك الآليات العسكرية من قبل النظام لتغيير أماكنها وتضليل تلك الضربة، ستكون مجهودا ضائعا، لأن أجهزة التخابر والأقمار الصناعية لديها معلومات بكل جديد، وأعتقد أن الوقت قد حان ليقول المجتمع الدولى كلمته بخصوص المسألة السورية.
■ هل ترى أن اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب تأخر فى اتخاذ قرار سياسى لحل الأزمة السورية؟
ـ لا أعتقد أنه تأخر، بل الاجتماع حدث فى وقته المناسب تماماً، وقد حرصت على حضور الاجتماع وطلبت من الإخوة وزراء الخارجية العرب أن يتخذوا موقفا قوميا تجاه الشعب السورى.
■ فى حال نجاح المعارضة السورية فى عزل بشار الأسد وإنهاء حكم حزب البعث، كيف ستواجهون الأجنحة العسكرية المختلفة مثل جبهة النصرة والأكراد وغيرهم؟
- نحن لنا ذراع عسكرية شرعية وحيدة هى الجيش الحر، بينما الجهاديون والتكفيريون لا يحاربون تحت مظلة الجيش الحر، وهذه مشكلة طبعاً، وأحب أن أوضح أن هؤلاء الجهاديين والتكفيريين كانوا يعملون مع النظام السورى فى فترات سابقة، وكان يستخدمهم بإرسالهم للعراق أيام الاحتلال الأمريكى، وهذه الجماعات فجرت الكثير من المواقع العراقية، وهناك علاقة قوية بينها وبين قوات النظام الذى يستخدمها لإدخال سوريا فى مرحلة الفوضى حتى يقال إن الجيش الحر يمارس القتل والتفجير بأهداف تكفيرية، لكنها مؤامرة مكشوفة، ونحن كائتلاف معارضة لدينا خطة للتعامل مع تلك الجماعات، لكن ليس الآن، دورهم قادم بعد أن نتخلص من تلك الجرثومة الكبيرة المسماه بنظام بشار الأسد، وأتصور أن القضاء على نظام الأسد سيعنى التخلص من 75% من تلك الجماعات، لأن النظام هو من يستخدمها، وسنتعامل مع الباقين منهم.
■ كيف ستتعاملون مع تلك الجماعات فيما بعد، هل سيكون التفاوض أم المواجهة المسلحة؟
ـ سوف نستخدم أساليب اللين والشدة أيضا حين يستدعى الأمر ذلك، أود أن أوضح أن هؤلاء ليسوا كلهم سوريين، هناك بينهم من جنسيات عربية وغربية مختلفة، وأقول للدول العربية والغربية التى تعتبر نفسها صديقا حقيقيا للشعب السورى إن سوريا لا تحتاج إلى رجال وإنما تحتاج إلى سلاح ومال ووقفة حقيقية فى وجه هذا النظام القاتل الذى تجاوز كل الحدود فى حق شعبه الأعزل.
■ البعض يرى أن أغلبية صفوف المعارضة من الإخوان المسلمين السوريين، ما مدى صحة ذلك؟
- هذا غير صحيح،الإخوان موجودون كفصيل سورى، ولكنهم ليسوا أغلبية، وأنا مسؤول عن هذا الكلام، على سبيل المثال فى المجلس الوطنى السورى الذى كان يمثل المعارضة قبل تشكيل الائتلاف، كان هناك وجود قوى للإخوان، لكن فى الائتلاف نرى أن وضع الإخوان طبيعى جداً وتمثيلهم لا يثير القلق، خاصة بعد توسعة الكتلة الديمقراطية، وكتلة الحراك الثورى وكتلة الجيش الحر، كل هذه التكتلات هى قيم مضافة للائتلاف، ولا تضم تلك التكتلات أى عناصر إخوانية، والإخوان فى سوريا يختلفون عن الإخوان فى باقى المناطق، بالإضافة إلى أن سوريا بلد معتدل ويضم عددا كبيرا من الأقليات التى تقدر بثلث الشعب السورى، ونحن ميثاقنا فى الائتلاف هو «دولة مدنية تعددية تداولية، أغلبية تحكم وأقلية تعارض، والإخوان طيف من أطياف الشعب السورى وموجودون فى الائتلاف بشكل يمثلهم بواقعية.
■ هذا يعنى أن احتمالية وصول الإخوان لحكم سوريا هى احتمالية ضعيفة؟
- نعم، هى احتمالات ضعيفة جداً، والخريطة السياسية لسوريا بما تشمله من أقليات كثيرة تؤكد ذلك.
■ هل هناك دعم قوى من الاتحاد الأوروبى للمعارضة السورية أم لا يزال الأوروبيون يرون أن المعارضة منقسمة على نفسها؟
ـ موقف الأوروبيين اختلف كثيراً بعد الضربة الكيماوية الأخيرة، وانتهيت مؤخراً من جولة شملت الولايات المتحدة وعددا من دول أوروبا، وعلمت أنهم بصدد دعم الجيش الحر ودعم الائتلاف بشكل كبير.
■ إعادة إعمار سوريا يحتاج لجهد ووقت كبيرين، هل تفكر المعارضة السورية فى ذلك الأمر الآن؟
ـ نعم نفكر فى ذلك الأمر، ولدينا مشروع إماراتى ألمانى لإعادة إعمار سوريا، وقد وقعت العقد مؤخراً فى ألمانيا، كما أن هناك صندوقا دوليا لإعادة الإعمار تشارك فيه دول كثيرة منها كوريا الجنوبية واليابان والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة ودول الخليج، لكن التنفيذ على أرض الواقع مرهون باستقرار الأوضاع أولاً.
■ هناك أصوات تدين كلا الطرفين النظام والمعارضة وتعتبرهما سببا فى سفك دماء ذكية لمواطنين أبرياء، ما ردك؟
ـ تلك الأصوات تعانى سوء فهم لحقيقة الأزمة، لأنها تساوى بين الضحية والجلاد، وتقارن بينهما، وهذا أمر عجيب طبعاً، الثورة السورية ظلت سلمية لأكثر من 9 أشهر ثم اضطر الثوار إلى حمل السلاح رغماً عنهم دفاعاً عن الأطفال والنساء وباقى الثوار العزل الذين كان يحصدهم النظام يومياً فى مجازر بشعة، فالنظام ارتكب جرائم ضد الإنسانية فى مدن مثل حماة ودير الزور بعدها اضطر الثوار لحمل السلاح.
■ لكن تسليح المعارضة جعلها محل اتهام أيضاً؟
ـ لا تنسى أن تسليح المعارضة فى البداية كان تسليحا ضعيفا جداً، وهو سلاح فردى عادى يواجهون به ترسانة عسكرية يمتلكها النظام المجرم، من طائرات وصواريخ باليستية وصواريخ سكود، وغير ذلك من المعدات العسكرية، واستخدم النظام كل تلك الآليات فى ضرب شعبه، وهذا لم نره فى أى دولة بالعالم.
■ النظام يتهم جبهة النصرة بأنها من قامت بالضربة الكيماوية فهل هناك أدلة جديدة لدى لجنة الأمم المتحدة؟
ـ الضربة الكيماوية فعلها النظام، وهذا لا يحتاج إلى أدلة لأنه ببساطة الوحيد الذى يمتلك تلك الأسلحة، لكنه نظام جبان لذلك يلصق التهم بغيره، وهذا كذب ودجل ونفاق سياسى، الغرب والروس والكل يعرفون أن المنطقة التى استهدفت بالسلاح الكيماوى هى ريف دمشق وهى منطقة قريبة من المدينة، والنظام خشى اختراق الجيش الحر للمدينة فنفذ ضربته الكيماوية، وظن أن بإمكانه الإفلات من العقاب، ولا يزال ينكر، بل لم يصدر بيان إدانة ولم يترحم على الشهداء وأغلبهم من الأطفال والنساء، وهذا يجعلنى أذكر عبارة «يكاد المريب أن يقول خذونى».
■ هل هناك خارطة طريق وضعتها المعارضة السورية لمرحلة ما بعد بشار؟
ـ نعم لدينا خارطة طريق مدتها عام، يبدأ بسقوط النظام وتتشكل خلاله حكومة انتقالية تمثل أطياف الشعب السورى، تنفيذ هذا سيكون من خلال مؤتمر وطنى عام يقام بمجرد سقوط النظام، وهذا المؤتمر تنبثق منه جمعية تأسيسية تعمل على إنشاء دستور جديد للبلاد، ويشكل المؤتمر حكومة انتقالية لمدة عام تشرف على الانتخابات، وأهلا بمن يفوز عن طريق صندوق الاقتراع، لكننا لن نقبل أن يرغمنا أحد على شىء، الشوارع موجودة والميادين مستعدة للمظاهرات، نحن خرجنا ضد بشار ومستعدون للخروج ضد أى شخص أو نظام آخر يريد أن يجبرنا على شىء دون أن يكون حكمه هو صندوق الاقتراع.