استبعدت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، الإثنين، احتمالات انقسام الجيش المصري، واعتبرت ذلك «خيالاً»، ولكنها انتقدت في الوقت نفسه «استخدام العنف المفرط من قبل الدولة»، واعتبرته «كارثة».
وصفت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، الإثنين، مصر بأنها «الآن في نفق مظلم للغاية»، معتبرة عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، إلى منصبه، وهو المطلب الرئيسي لأنصاره «سيناريو غير محتمل وخطير».
ورأت المجلة الأمريكية، في تقرير مطول لها، أن الغالبية العظمى من المصريين يدعمون الحكومة المؤقتة، المدعومة من الجيش بقوة، ويقفون ضد المعسكر المؤيد لمرسي، الذي تُحذر المجلة من أن عودته لمنصبه «ستشكل تحديًا مباشرًا ضد كل مؤسسات الدولة، الأمر الذي ستقاومه كل الأجهزة الأمنية والعسكرية بكل قوة».
وتابعت: «الطريق الوحيد لعودته يقتضي بأن يقوم الجيش بعزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الدفاع، وهو ما يأمل الإخوان فيه، ولكنه لن يحدث، حيث يحظى الأخير بشعبية هائلة في صفوف الجيش، كما أن فكرة انقسام المؤسسة العسكرية خيالية ومشكوك فيها، حيث ستدفع البلاد بسهولة في خضم حرب أهلية حقيقية، ولذا فعودة مرسي أمر غير مطروح على الطاولة، إذا كانت مصر تريد التقدم إلى بر الأمان».
وأوضحت أن الدولة المصرية في خضم أزمة ربما الأخطر في تاريخها الحديث، معتبرة أن فشل القيادة السياسية الكامل، في عهد «الإخوان»، هو ما أدى إلى مواجهة بين الجهات العسكرية والأمنية من جهة والجماعة وحلفائها من جهة أخرى، وهما جانبان غير متساويين، وفقًا للمجلة.
ومضت تقول: «مستقبل السياسة في مصر، إضافة إلى تداعيات الأحداث الإقليمية والدولية، يعتمد بشكل مباشر على كيفية حل هذه الأزمة الراهنة»، مشيرة إلى أن المسار الذي كان مفتوحًا قبل هذا التحول الرهيب في الأحداث، لا يزال مفتوحًا، والخطوط العريضة الأساسية للتسوية السياسية موجودة.
ورأت المجلة أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة يكمن في إجراء انتخابات رئاسية جديدة تحت مراقبة دولية، في أقرب وقت ممكن، مشيرة إلى أن هذا لن يكون سوى نقطة البداية، حيث إن التوافق هو المفتاح لفتح الطريق المسدود في مصر.
ولفتت إلى أنه لا يمكن تأسيس التوافق في الآراء، دون المشاركة الكاملة لجميع القوى السياسية في البلاد، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، بغض النظر عن كونها تحظى بشعبية أو لا، وهو ما أكدت عليه الحكومة المؤقتة عدة مرات، مع الاحتفاظ بالحق في محاكمة الأفراد على جرائمهم بطريقة شفافة وعادلة إلا أن المجلة رأت أن الحكومة ترسل رسائل مختلطة في هذا الصدد تمامًا، مشيرة إلى إمكانية حل الجماعة ووصف أعضائها، دون تمييز، بـ«الإرهابيين»، قائلة إن «استبعاد مجموعة لديها دعم حوالي 15% من السكان ليس شيئًا ينبغي أن ينظر إليه باستخفاف».
وشددت المجلة على ضرورة وضع إصلاح وإعادة هيكلة وزارة الداخلية كأولوية بالنسبة للحكومة في الوقت الحاضر، فضلاً عن حماية المسيحيين وكنائسهم، معتبرة أن استخدام الدولة للقوة المفرطة، الأمر الذي أدى إلى قتل المئات، على مدى الأيام القليلة الماضية، أمر «كارثي»، ولذا فإن «إصلاح قطاع الأمن ليس خيارًا بل هو ضرورة ماسة»، حسب المجلة.
واختتمت المجلة تقريرها قائلة، إن القضية الآن تكمن في هوية من يستطيع جمع كل الأطراف في مصر للعمل وفق هذه المبادئ، معتبرة أنهم قليلون، إن وجدوا، ورأت أن «الأمر لن يكون سهلاً ولكنه يتطلب تقديم جميع الأطراف لتنازلات، فالشيء الأكثر أهمية في الوقت الحاضر هو استقرار مصر ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح، ولذا فالطريق الوحيد للمضي قدمًا في هذا الصدد هو الحوار والتفاوض، فثمن الفشل السياسي سيكون الدم».