تحفّظ الأردن، الخميس، على عرض وصف بأنه «نادر» لإيران يضمن «إنقاذ» المملكة من ضائقتها المالية، بعد أن وصل عجز الموازنة العامة لديها نحو 21 بليون دولار.
وعلى وقع احتجاجات متصاعدة تعيشها المدن الأردنية منذ نحو أسبوعين ضد قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، فجّر السفير الإيراني في عمّان، مصطفى زادة، مفاجأة لم تكن متوقعة عندما قدّم عرضًا باسم الجمهورية الإسلامية يكفل دعم الأردن بنفط «مجاني»، قائلًا إن بلاده «مستعدة لتزويد المملكة بالنفط والطاقة لمدة 30 سنة في مقابل تبادل تجاري وسياحة دينية بين البلدين».
وفي تصريحات وصفت بـ«غير المسبوقة» في عمّان، اعتبر «زادة» أن العلاقات الإيرانية - الأردنية «قائمة»، وأن بلاده تسعى إلى تطوير العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الأردن. وأضاف: «عدونا واحد، والكل يعرف ذلك»، في إشارة بدت واضحة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأثار العرض جدلاً واسعًا في العاصمة الأردنية، حيث لم تمر ساعات على إعلانه حتى امتلأت الصحف والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي بالمقالات والتحليلات التي رأى بعضها في قبول العرض الإيراني «مجازفة كبرى» وتحولًا «غير مسبوق» في طبيعة الدولة الأردنية واستراتيجيتها.
وفي حين، قال الناطق باسم الحكومة الأردنية، الوزير سميح المعايطة، لـ«الحياة»، الجمعة، إن «الأردن يدرس أي عرض يقدم إليه، ويتعامل بإيجابية مع جميع الدول»، أكدت مصادر أخرى رفيعة المستوى على «تحفظ» المملكة تجاه العرض الإيراني، واعتبرت أن العرض المقدم «ليس سهلاً كما يتوقعه الآخرون»، وأن طهران «تريد ما هو أبعد من صفقات التبادل التجاري والسياحة الدينية».
وأشارت المصادر إلى أن الأردن «لن يتخلى عن تحالفاته التاريخية، خصوصًا مع السعودية وبقية دول الخليج».
وأضافت أن العرض المذكور «قد يكون رسالة موجهة إلى حلفاء المملكة».
وكان لافتًا عقب إطلاق «زادة» تصريحاته «المثيرة»، الهجوم الذي شنه المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية الشيخ همام سعيد على العرض المذكور، حيث قال إن «الشرط الذي تضعه إيران لدعم الأردن يخالف شرع الله»، في إشارة إلى «السياحة الدينية» الخاصة بالمذهب الشيعي.
وشهدت العلاقة بين «إخوان» الأردن والجمهورية الإيرانية خلال الأشهر الماضية توترًا متناميًا، بسبب موقف الأخيرة من الأحداث في الجارة سوريا.
وعادة ما يزور آلاف الشيعة الإيرانيين مقامات دينية جنوب الأردن، وتحديدًا في مدينة الكرك الجنوبية، لكن السلطات الأردنية تقنن هذه الزيارات الجماعية وتراقبها أمنيًا.
يأتي ذلك فيما تواصلت الاحتجاجات في الأردن لليوم التاسع على التوالي، إثر رفع الحكومة أسعار بعض أنواع المحروقات بنسب متفاوتة تراوحت بين 10- 53%.
وكان رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور أكد أن رفع أسعار المحروقات «كان قرارًا لا يمكن تفاديه لمواجهة عجز الموازنة».