«أثار انفراد «المصري اليوم» حول التقرير الرسمي لوزارة الزراعة باحتواء أسماك المريوطية النافقة على ديدان وبكتيريا خطيرة، ردود أفعال عالية؛ حيث قررت عدد من المنظمات الحقوقية المعنية بشؤون البيئة ورؤساء لجان البيئة بالمجلس المحلي لمحافظة الجيزة التقدم ببلاغ للنائب العام حول الكارثة، خاصة وأن التقرير يحمل مفاجأة من العيار الثقيل، بعد أن كشفت نتائج العينات التي أجريت على مياه ترعة المريوطية ويتضمنها التقرير، عن احتوائها على كميات عالية جدا من «الكبريتات» وهو ما يسمى بحمض «السلفونيك اسيك» والذي يستخدم في صناعة المنظفات، وهو حمض خطير يتسبب في نفوق أي كائنات حية حتى في وفاة الإنسان إذا تناول هذه المياه.
وكشف مصدر مسئول بمحافظة الجيزة لـ«المصري اليوم» عن الأسباب الحقيقية لنفوق سمك المريوطية، بخلاف الأسباب التي أعلنتها الحكومة، مشيرا إلى وجود صرف صناعي وصحي، وأنه قبل الحادث بيوم سقطت شاحنة نصف نقل في ترعة المريوطية كانت تعلو الطريق الدائري تابعة لشركة الزيوت بمسطرد وتحمل 7 طن من حمض «السلفونيك» الذي يستخدم في صناعة المنظفات؛ بسبب انفجار عجلة القيادة، وكان الحمض محمل على السيارة في براميل وفي طريقها لمجمع المصانع بسوهاج، وتوفي السائق ويدعى «عنتر» فور سقوطه في المياه وتم نقله لمستشفى أم المصريين وتحرير محضر بالواقعة في قسم شرطة أبو النمرس ونيابة 6 أكتوبر، واستيقظ المواطنون في اليوم التالي وجدوا الأسماك طافية على سطح الترعة.
وحصلت «المصري اليوم» على محضر رسمي لشرطة الهرم برقم 49907 جنح الهرم يثبت سقوط شاحنة نقل فجر يوم الحادث في الترعة محملة بسوائل كيماوية وسقط السائق بالشاحنة في ترعة المريوطية وتوفى السائق على الفور، وتضمن المحضر اسم السائق وهو «عنتر فراج إسماعيل» ويعمل بشركة الهدرجة بسوهاج، إلا أن اللجنة التي كلفها مجلس الوزراء ببحث أسباب نفوق الأسماك لم تعلن الأسباب الحقيقية للكارثة.
وقررت عدة منظمات بيئية تقديم بلاغ للنائب العام عن الكارثة، وقال «جمال الدين عبد الحميد» رئيس جمعية حماية المستهلك بدمياط إن ما ورد في التقرير الصادر عن وزارة الزراعة يعتبر كارثة بيئية خاصة وأن الحكومة تعمدت التعتيم على هذه النتائج طوال الأسابيع الماضية ولم تعلن عنها، واكتفت بطمأنة المواطنين من تناول هذه الأسماك التي تسربت للأسواق وأكدت عدم احتوائها على مواد أو ديدان ضارة.
وقال «محمد ناجي» رئيس مركز حابي للحقوق البيئية إن الأجهزة الحكومة تعمدت إخفاء الأسباب الحقيقية لنفوق الأسماك حتى تبتعد عن إحداث أي بلبلة أو ذعر لدى المواطنين وهو ما لن يصمت عليه المجتمع المدني مشيرا إلى أن المركز سوف يبدأ فوراً في جمع توقيعات لمقاضاة الوزراء المسئولين عن الكارثة.
في السياق نفسه، قرر «عدلي راشد» رئيس لجنة البيئة بالمجلس المحلي لمحافظة الجيزة التقدم ببلاغ عاجل للنائب العام حول التقرير الذي نشر بـ«المصري اليوم» ويحمل معلومات خطيرة عن احتواء الأسماك على ديدان واحتواء مياه المريوطية على حمض «السلفونيك» الخطير، متسائلا من أين أتت هذه الكميات الكبيرة من الحمض.
على الصعيد نفسه، كشف الدكتور «حسين يوسف» أستاذ سلامة الأغذية بكلية الطب البيطري جامعة أسيوط عن احتواء 60% من أنسجة الأسماك التي تربى في مياه المريوطية على بكتيريا وطفيليات الصرف الصحي بينما يحتوي 30% من أنسجتها على المعادن الثقيلة الناتجة عن الصرف الصناعي.
وقال يوسف إن الأبحاث التي أجريت على أسماك التي تربى الترع والمصارف والبحيرات في المريوطية والمنزلة وأسيوط تؤكد احتواء الأسماك على نسبة عالية من التلوث الذي ينتقل للإنسان ويسبب له أمراضا قاتلة فهي تصيب الأمعاء والجهاز الهضمي والمخ.
وأضاف أن نسبة التسمم التي يتعرض لها كل من يتناول هذه الأسماك تكون عالية جدا، كاشفا عن أن 90% من أنسجة الأسماك الموجودة في أسيوط تحمل فطريات الصرف الصحي وهو ما يجعلها أسماك مسممة وغير صالحة للاستخدام الآدمي.
من جانبه، وصف الدكتور «أحمد عبد الوهاب» أستاذ علم التلوث البيئي بجامعة بنها احتواء مياه المريوطية على نسبة 560 مليجرام من الكبريتات في المتر الواحد "كارثة بيئية بمعنى الكلمة" لافتا إلي أن حمض السلفونيك اسك الذي يستخدم في صناعة المنظفات، ومعنى وجوده بهذا التركيز في مياه المريوطية يؤكد أنه السبب الرئيسي في نفوق أسماك المريوطية وليس مثلما أدعت الأجهزة الحكومية بأن سبب نفوق الأسماك هو الصرف الصادر عن مصنع سكر الحوامدية.
وأوضح أن مصنع سكر الحوامدية يصرف في الترعة ويلوثها منذ سنوات عديدة وليس من المنطقي أن يستيقظ سكان المريوطية فجأة ليجدوا الأسماك طافية بفعل صرف مصنع السكر، لافتا إلي أن نسبة الـ560 مليجرام على المتر الواحد تعادل حوالي 6 أو 7 طن من حمض السلفونيك تم سكبه على الترعة في وقت واحد.