x

«داليا مجاهد»: أمريكا لن تستطيع «لي ذراع» مصر بسلاح «المعونة» (حوار)

الجمعة 26-10-2012 23:03 | كتب: بسنت زين الدين |

انتقدت الباحثة داليا مجاهد، المستشارة السابقة للرئيس الأمريكى باراك أوباما، المدير التنفيذى لمركز «جالوب» للدراسات الإسلامية، اللغة التى يستخدمها المرشح الجمهورى، ميت رومنى، فى الحديث عن علاقة الولايات المتحدة مع العالم الإسلامى. وقالت إنه استخدم عبارات لم يعد أوباما يستخدمها فى سياساته مثل «التطرف الإسلامى».

وأوضحت «مجاهد»، فى حوار مع «المصرى اليوم» جرى بواشنطن، أن أوباما نجح فى تحويل مفهوم الصراع الدينى إلى «صراع سياسى».

وأكدت أن سياسات أى رئيس أمريكى لن تختلف كثيراً بشأن علاقات واشنطن الخارجية، وشددت على أن مصر ستظل من أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة فى المنطقة «مهما كان الشخص الموجود داخل مكتب الرئيس فى البيت الأبيض»، وأن واشنطن لن تستطيع «لىّ» ذراع القاهرة بسلاح المعونة، معتبرة أن مصر أصبحت شريكاً مساوياً لأمريكا وليس «عميلا».

وأعربت «مجاهد» عن اعتقادها بأن أداء الرئيس محمد مرسى خلال الـ100 يوم الأولى من حكمه «جيد بشكل عام»، ووصفت الأقاويل بوجود علاقة بين «أوباما» و«الإخوان المسلمين» بأنها «ادعاءات سخيفة».

وإلى نص الحوار:

ما رأيك فى المناظرة الأخيرة بين مرشحى الرئاسة فى فلوريدا والتى تركزت على شؤون السياسة الخارجية؟

- المناظرة الأخيرة بين أوباما ورومنى أظهرت اختلافاً طفيفاً بينهما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط ومصر على وجه الخصوص، مثلما هو الأمر بالنسبة لموقفهما تجاه إسرائيل، لكن الاختلاف الواضح بين المرشحين فى تلك المناظرة هو اللغة التى استخدمها رومنى للتعبير عن مواقفه السياسية، فقد استخدم عبارات لم يعد أوباما يستخدمها الآن فى سياساته مثل كلمة «التطرف الإسلامى».

وما موقف أوباما من تلك العبارة؟

- الرئيس الحالى وإداراته أكدوا أكثر من مرة أن التطرف ليس إسلامياً، ولذا من الصعب أن نصف الإسلام بالتطرف، وأوباما يستخدم لفظ «التطرف العنيف» لأنه يركز على الفعل نفسه وليس الإسلام، لكن رومنى أصر على أن يستخدم نفس أسلوب الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، كما سعى إلى استخدام عبارة «عالم الإسلام» وكأن المسلمين حول العالم عبارة عن كتلة واحدة متجانسة، وليس مجموعة متنوعة من الأفراد يختلفون من شخص لآخر.

إذن ما وجه الاختلاف بينهما فيما يتعلق بالعالم العربى؟

- الاختلاف الرئيسى هو صياغة اللغة المستخدمة أكثر من تغيير سياسات معينة، لأن هناك بعض العناصر فى السياسات الأمريكية لن تتغير بقدوم رئيس تلو الآخر، مثل موقف أمريكا تجاه إسرائيل والحفاظ على أمنها.

وماذا عن مواقفهما تجاه مصر؟

- مصر ستظل من أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة، فى المنطقة مهما كان الشخص الموجود داخل مكتب الرئيس فى البيت الأبيض، لأنها ضمن الثوابت المحددة التى لا تتغير، لكن رومنى يصور أمريكا وكأنها «قوة الخير» وأنها لن تخطئ، على عكس أوباما الذى يتحدث بشكل متواضع.

لو مازلت داخل إدارته كمستشارة الرئيس لشؤون الأديان، ماذا كنت ستقولين لأوباما بعد تلك المناظرة تحديداً؟

- أداء أوباما كان جيدا فى تلك المناظرة، وأوضح موقفه من الثورة المصرية وأكد انتخاب الحكومة المصرية الجديدة بشكل ديمقراطى، ثم تحدث عن دور أمريكا فى التأكد من ضمان حقوق الأقليات والمرأة فى البلاد، مشدداً على ضرورة الحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

وبالتالى كنت سأقول له بعد ذلك أنه حافظ على الموقف الصحيح لأمريكا فى تلك اللحظة من الزمن.

فى حالة إعادة انتخاب أوباما لولاية رئاسية ثانية، ماذا ستكون نصيحتك له فى التعامل مع مصر؟

- إذا انتخب لـ4 سنوات رئاسية أخرى، عليه أن يعلم جيداً أن مصر أصبحت شريكا مساويا، وليس عميلا، وهذا يتطلب قائدا أمريكيا يستطيع استخدام الدبلوماسية لتحقيق ذلك المفهوم، لأن الولايات المتحدة لم تعد تملك نفوذاً كبيراً للحفاظ على مصالحها فى مصر كما كان الأمر من قبل.

وفى حالة انتخاب رومنى؟

- الرئيس الجديد عليه أن يخلق سياسة جديدة للدبلوماسية فى القرن الواحد العشرين، وليس القرن الثامن عشر أو حتى القرن العشرين، ولكن ما طرحه المرشح الجمهورى رومنى فى المناظرة الثالثة عن مواقفه بشأن السياسة الخارجية يؤكد أن مستشاريه مازالوا عالقين فى حقبة أخرى من الزمن ولايستطيعون النزول على أرض الواقع.

لكن المرشح الجمهورى استخدم سلاح المعونة الأمريكية تجاه مصر أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية؟

- أرقام استطلاع «جالوب» تظهر أن 82% من المصريين لا يريدون تلقى المعونة الأمريكية، لأنهم يعتقدون أن تأثيرها سيئاً للاقتصاد المصرى، المعونة لم تعد تهديداً لكى تطيع مصر أمريكا، فالقيادة الأمريكية عليها أن تعلم أنها لو قطعت المعونة ستتجه مصر إلى دول أخرى لتحقيق مصالحها مثل الصين. أمريكا عليها أن تدرك أنها لن تستطع «ثنى» ذراع مصر بسلاح المعونة.

ماذا عن أعضاء الكونجرس الذى يلوحون للرئيس بقطع المعونة كلما اندلعت أزمة مع مصر؟

- الكونجرس لن يستطع قطع المعونة عن القاهرة، وهناك سياسيون لن يوافقوا على ذلك نهائياً، والتحدث عن هذا الأمر يتعلق بأمور السياسة الداخلية بشكل خاص، لكن الولايات المتحدة تريد منح المعونة إلى مصر أكثر مما تحتاجها مصر، لأنها تدرك جيداً أن قطع المعونة سيضرها بشكل أكبر، وبالتالى هى مجرد تهديدات غير حقيقية.

هناك من يردد أن انتخاب رومنى كرئيس للولايات المتحدة سيكون كابوساً بالنسبة للشرق الأوسط، هل تؤيدين هذا الرأى؟

- لا أعتقد أن انتخاب رومنى سيكون كارثة للعالم الإسلامى، فلن يكون هناك اختلاف كبير، ولكن انتخابه سيكون أمراً سيئاً بالنسبة لموقف أمريكا تجاه الشرق الأوسط.

تحدث الرئيس الأمريكى عن تحسن وضع أمريكا حول العالم أكثر مما كان عليه منذ دخوله البيت الأبيض عام 2008، بالنظر إلى العالم العربى، هل تعتقدين أن ذلك صحيحاً؟

- دور الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط أصبح أفضل مما كان فى 2008، ربما ليس الوضع المنشود، ولكنه أفضل فى ظل المشاكل الحالية، وطبقاً لأرقام استطلاعات «جالوب»، فإن الشعب الأمريكى أبدى ردود فعل إيجابية تجاه إدارة أوباما رغم الكثير من الانتقادات تجاهه.

وفى رأيك، ما أهم تلك التطورات؟

- خلال عهد الرئيس السابق جورج بوش، شعوب الشرق الأوسط كانت ترى سياسات الولايات المتحدة وكأنها «حرب ضد الإسلام» قائمة على مبدأ الدين، ولكن الناس تحكم الآن على مواقف الولايات المتحدة على أساس «سياسى» وليس «دينيا»، وهذا من أهم التطورات التى حدثت على مدى الأربع سنوات الماضية، والدليل أنه لم يتهم أى أحد الرئيس أوباما بشن حرب ضد الإسلام، وهذا ما يؤكد أن مفهوم «الحرب الدينية» تحول إلى «اختلافات سياسية» من الممكن حلها، ولذلك أستطيع القول أن أوباما نجح فى تحويل الصراع الدينى إلى صراع سياسى فى تلك المنطقة.

فى ذلك السياق، تعالت أصوات المرشح الجمهورى ميت رومنى وغيره من السياسيين الأمريكيين بالكونجرس بوجود علاقة سرية وقوية بين الرئيس أوباما وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، مما دفعها إلى تولى مقاليد الحكم، هل لديك أى معلومات عن ذلك؟

- هذا الأمر غير صحيح بالمرة، وتلك الاتهامات مجرد ادعاءات سخيفة، وتم انتشارها قبل وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم، ويجب هنا الإشارة إلى أن الرئيس أوباما لم يلتق أو يجتمع مع الرئيس محمد مرسى منذ توليه منصب الرئاسة قبل شهور.

وفى رأيك ما الدافع لقول مثل تلك الاتهامات؟

- حقيقة وجود جد مسلم لأوباما تتيح الفرصة للعديد من الأمريكيين إلى استخدام تلك الفرصة للهجوم عليه وعلى توجهاته، لأن هناك اعتقاداً عند بعض الجماعات بأنه لايمكن أن تكون مسلماً وأمريكياً فى نفس الوقت، وهو ما دفع أوباما إلى القول على صفحته للحملة للرئاسية «أنا لست مسلماً» لأن الشعب الأمريكى وضع حملته فى موقف دفاعى أكثر من موقف تصحيح المعلومة.

بعد مرور الـ100 يوم الأولى على حكم الرئيس مرسى، ما تقييمك لأدائه؟

- أعتقد أن تلك المدة قصير جداً، ولكنه قام بدور جيد بشكل عام، ومن الصعب الحكم على رئيس يحكم بلاد من دون دستور أو برلمان، رغم أنه يتمتع بسلطة كبيرة لكنه لم يستغلها لصالحه كاملة، مرسى استطاع تغيير صورة فكرة الرئيس الذى يستخدم قوته فى القهر والفساد.

بعد أربع سنوات ستنتهى مدة رئاسة مرسى، ماذا تتوقعين منه؟

- عليه أولاً أن يترك منصبه ويسمح بالمنافسة الحقيقة على الرئاسة، وثانياً والأهم هو ألا يأخذ أى مميزات من المنصب كرئيس لمصر ليخدم البلاد فقط.

قابلت مرسى أثناء زيارته إلى نيويورك مؤخراً، وسألته كيف غيرت تفكيرك بين كونك ناشطاً سياسياً سجيناً تتبع جماعة الإخوان المسلمين، وكونك رئيساً لجمهورية مصر العربية، فأجابنى بالقول: لا تحاسبينى على الماضى، وحاسبينى على المستقبل فقط.

وهنا تأكدت أنه لم يفهم سؤالى جيداً، بأن هناك فرقاً كبيراً بين الموقفين، لأنه من الصعب أن تتصرف كرئيس لمصر وكأنك ناشط داخل الإخوان المسلمين، فالأدوار مختلفة والمسؤوليات أيضاً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية