x

سعد الدين إبراهيم: إذا مرّ «30 يونيو» بسلام على الإخوان فسيزيدون من توغلهم في الدولة (حوار)

الإثنين 24-06-2013 13:18 | كتب: أسماء المحلاوي |
تصوير : أحمد المصري

قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن الرئيس مرسى سيذعن للضغط الشعبى لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، خشية نزول الجيش للشارع، وقال إن الإخوان يخشون من حدوث فوضى أو عنف حتى لا تُستفز القوات المسلحة.

وأضاف: لو أن الثوار نجحوا فى فرض إرادتهم فسيكون على المعارضة أن تطرح بديلاً قوياً عن «مرسى»، لكن إذا مرَ يوم 30 يونيو بسلام على الإخوان فسيزيدون من توغلهم فى كل شرايين الدولة. وإلى الحوار:

■ كيف يمكننا رسم سيناريو 30 يونيو فى ظل احتشاد المؤيدين والمعارضين للرئيس مرسى؟

- هناك سيناريوهان: الأول الضغط الشعبى لتحقيق ما يريده الثوار والشباب وهو استرداد ثورتهم التى اختطفت منهم، ومعيار استعادتها هو تنفيذ مطالبهم «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، ولكن ازداد عليها وأصبح على قمتها الآن مطلب «انتخابات رئاسية مبكرة»، وهذا السيناريو الضاغط إذا كان بالكثافة والحجم الذى يريده الثوار، فسيُضطر نظام الحكم والرئيس مرسى إلى الإذعان والموافقة على عمل انتخابات رئاسية مبكرة، حتى لا يتدخل الجيش. وهذا ليس من مصلحتهم، لأنه سينحاز للشعب، إضافة إلى أن أمريكا سترفع يدها عن «الإخوان» إذا تكرر سيناريو 25 يناير فى 30 يونيو.

أما السيناريو الثانى الخاص بالإخوان ومن يؤيدهم فهو أنه ليس لديهم مانع من إجراء الانتخابات النيابية فى أى وقت ولكنهم يعترضون على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة اعتراضا شديدا، وحينما قلت من حوالى 8 أشهر فى أحد السجالات مع صبحى صالح، أحد قيادات الإخوان، بأن تجرى انتخابات مبكرة، انتفض وكأن ثعبانا لدغه، وقال «لا، أبدا، الرئيس انتخب مدة الـ4 سنين، والدستور قال 4 سنين».

■ لو تحقق السيناريو الأول وأذعن الرئيس.. ما الذى ينتظرنا من خسائر؟

- على القوى المدنية والمعارضة أن يتحملوا مسؤولية تقديم بديل قوى عن مرسى والإخوان، وهذا معناه أنهم سيلجأون لكل من يمكن أن يمد لهم يد العون لإنجاحهم، وهذا جزء من الفاتورة، خاصة أنهم تعودوا على إلقاء القذائف السلبية والشتيمة للغرب ولدول الخليج، فعليهم تخفيف ذلك وأن يعودوا لجلب المساعدات فى الاقتصاد وإدارة المجتمع والسياسة وغيرها.

■ لا يبدو أن جماعة الإخوان تتحرك لامتصاص الغضب الجماهيرى، وأخيرا شهدنا ذلك فى حركة المحافظين الجدد.. هل ذلك ثقة بقدارتهم، أم سوء تقدير؟

- هذا التجاهل لأن مكتب الإرشاد هو الذى يدير الشأن العام، ولديه أجندة السيطرة الكاملة وتحويل مصر إلى إمارة إسلامية فى دولة خلافتها مزعومة، لكى تحقق أستاذية العالم، فبعد السيطرة على الوضع فى مصر تسيطر على جيرانها من العرب والمسلمين ثم يسيطرون على العالم، وهذا هو ما تعنيه كلمة «أستاذية العالم»، وهذا ما قاله حسن البنا، ولا يصرحون بذلك، ويتعاملون بقدر كبير من الاستعلاء والاستكبار والإحساس بأن لديهم فعلا ما ينقذ العالم بما يعتقدون أنه شرور وفساد وتسيب، فلديهم هذا الفهم، كما أن لديهم غرورا أخلاقيا، ويتربون عليه منذ صغرهم، ويرون أن كل من خارجهم إسلامه منقوص، فالمسلم الحق لابد أن يكون أخا فى الجماعة، وهذا الكلام قاله جمال البنا، الشقيق الأصغر لمؤسس الجماعة، رحمه الله، وهو الذى نبهنى لكل ذلك، عندما سألته: لماذا لم تنضم لجماعة الإخوان؟ فقال لى إن هذه الجماعة تحولت إلى أيقونة تعبد نفسها من دون الله، فاندهشت جدا، كما وصفها بأنها جماعة «ماسونية» «لينينية»، والكلمة الأولى تعنى السرية، والثانية تعنى التنظيم الحديدى «السمع والطاعة»، وحينما يصف جمال البنا الجماعة التى أسسها شقيقه بهذا الوصف، فهذا أمر خطير، وذلك كان سببا فى بعده عنها، فقد كانت ميوله نقابية عمالية.

■ نذهب للاحتمال الآخر وهو استمرار الإخوان فى الحكم، وتحول 30 يونيو إلى مجرد مظاهرة عادية.. ما الذى يمكن أن تفعله «الجماعة» فى هذه الحالة؟

- سوف تستبشر وتهنئ نفسها بمرور 30 يونيو على خير، وأن المظاهرات لم تحدث فرقا فى الشارع ولم تؤثر أو تهدد وجودها، وأنهم امتصوا هذا الحدث وسيمضون فى مخططهم الذى رسمه لهم مكتب الإرشاد وهو أستاذية العالم، والسيطرة وربما تعقب كل معارضيهم بأسلوب أو بآخر من خلال التهديد والوعيد، وسيتوغلون فى كل شرايين الدولة المصرية، ورأينا ذلك فى حركة المحافظين، وكان هذا بمثابة بالونة اختبار، وستكون كل المؤسسات بيد الإخوان، وهذا جزء من مخطط السيطرة لديهم.

■ كيف استقبلت خطاب مرسى فى استاد القاهرة، وهل ترى أنه استعراض للقوة قبل 30 يونيو كما قرأه كثيرون.. وهل أراد من خلاله توجيه رسائل بعينها للمعارضة؟

- بالطبع استعراض للقوة، بعد أن أتى بكل أنصاره، خاصة أنهم ملتزمون بالسمع والطاعة وعددهم 750 ألفا، وهم الذين أخذوا البيعة، وهم يحتشدون فى أى وقت، وبعضهم مدرب على أعمال قتالية أو ما يسمى الميليشيات، وبالطبع أراد أن يشعرهم بروح الجماعة والقبلية، مما يزيد من عزيمتهم ويلهب حماستهم، فالفرد منهم يذوب فى الجماعة، وهذا معروف فى السلوك الجمعى. المشهد فى الاستاد كان محاولة لاستنفار الروح الجمعية، وهم ردوا بـ«وإسلاماه وإسلاماه»، وبالطبع حمل خطاب مرسى عبارات للتحدى والتهيؤ للمعركة المنتظرة يوم 30 يونيو.

■ هل تتوقع أن تبادر التيارات الإسلامية بالعنف للتصدى للمظاهرات، وتلصق تهمة ذلك بالمعارضة؟

- لا، لكن من خلال معرفتى بالإخوان أنهم سيحاولون تثبيط الهمم فى الذهاب والمشاركة فى يوم 30 يونيو، كما أنهم يدركون تماما أن أى عنف سيحدث سوف يستفز القوات المسلحة وسيدفعها للنزول للشارع، ولذلك تلجأ الإخوان للضغوط المعنوية والحرب النفسية لتحجيم المظاهرات، أو بخروج مظاهرات معارضة، مثلما فعلوا مسبقا عندما خرجوا فى مظاهرات عند جامعة القاهرة، ومثل هذا الأسلوب هو لعب على أعصاب الناس للتقليل من شأن ما سيحدث فى هذا اليوم، وتخويفهم بأنه سوف يحدث عنف، حتى لا ينزلوا للشارع، فيؤثروا السلامة ولا يخرجوا، لكن واقعيا الناس لن تخاف وسيخرجون للتظاهر.

■ قلت إن مرسى أطاح بـ«طنطاوى وعنان»، وأتى بدلا منهما بقيادات شابة مثل السيسى، وأنها بالطبع سيكون لها ولاء لمرسى.. ماذا كنت تعنى؟

- الولاء فى القلوب، إنما ما نحن قادرون عليه كعلماء، هو أن نتابع ونرصد السلوك، لكن هناك ترقبا حذرا من قبل المؤسسة العسكرية، وآية ذلك العسكريون المتقاعدون، فهم يتكلمون بأريحية أكثر من الموجودين فى الخدمة العسكرية، وقد استمعت لهم أكثر من مرة فى أماكن عدة، وجلست مع الفريق حسام خيرالله المرشح الرئاسى السابق مؤخرا، وتحدثنا فى كثير من القضايا وشرح لى برنامجه الانتخابى وأنه سيعيد ترشيح نفسه مرة أخرى.

■ علام كانت تراهن أمريكا فى دعم الإخوان حتى تصل إلى الحكم؟

- لم تكن تراهن على شىء، الإخوان قدموا كل مطالبهم على طبق من ذهب، بين جولتى الانتخابات الرئاسية الأولى والثانية، وأرسل الإخوان لأمريكا 30 من أفضل كوادرهم المدربة والتى تجيد اللغة الإنجليزية لكى تطرق أبواب كل من يهمه الأمر فى واشنطن ونيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس وكل المدن الأمريكية الرئيسية، لكى يؤكدوا لأمريكا أن مصالحها لن تمس إذا أتى الإخوان فى الحكم، والسلفيون فعلوا مثلما فعل الإخوان بعد وجودهم بسنة، واختارونى لأحمل رسالتهم لكى يرسلوا كوادرهم مباشرة إلى أمريكا، وأرادوا أن يروا إذا كان الأمريكان سيتقبلون رسالتهم أم لا.

■ فى حوار سابق للسفيرة الأمريكية بالقاهرة، قالت إن المصريين إذا أرادوا أن يغيروا مرسى فعليهم أن يفعلوا ذلك بالصندوق.. هل هذه إشارة لتركه حتى يكمل مدته، أم إشارة لرفض مظاهرات 30 يونيو؟

- لا طبعا..هى من يتم سؤالها عن ذلك، وقراءتى ليست وفقا لما قالته السفيرة فقط، وإنما لما سمعته أيضا من شخوص ومسؤولين أمريكيين آخرين.

أولا: أمريكا من حيث المبدأ تريد أن يكون الفيصل فى حسم أى تنافس أو سباق سياسى فى مصر أو أى من البلدان العربية بوسيلة ديمقراطية سلمية، أو بتعبير آخر لكلمة «الصندوق».

ثانياً: لو خرجت مظاهرة حاشدة وقامت برد الاعتبار للمؤسسة العسكرية المصرية التى تشعر بأنها مجروحة، منذ كان يردد المتظاهرون «يسقط يسقط حكم العسكر» واحتشدوا على وتيرة 25 يناير 2011، يطالبون ويرفعون الشعارات نفسها: «الجيش والشعب إيد واحدة»، ورأى الجيش أن فى ذلك رد اعتبار له من الإهانة التى لحقت به ويشعر بها بعض الضباط، وكانت القوات المسلحة راغبة وقادرة على العودة مرة أخرى للشارع، فنحن فى أمريكا لن نعارض أبداً.. وهذا هو الموقف

وبناء عليه لو كانت المظاهرات فى 30 يونيو ضخمة والأعداد فيها بالملايين مثلما قيل، وطالبت الجيش بالتدخل، وتدخل هو بالفعل، فإن ذلك سيكون لفترة انتقالية محدودة، وهذا سمعته أيضاً بشكل أو بآخر من عديد من المصادر فى الولايات المتحدة.

■ ما الذى اكتشفته أمريكا فى نظام الإخوان بعد عام كامل من وصولهم للحكم؟

- اكتشفت 3 أمور، حسبما أعلن جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية، الأول: ضحالة الخبرة لدى الإخوان. ثانيا: عدم قدرتهم على إدارة الأزمات، بما فيها التى يخلقونها هم بأنفسهم. ثالثا: قال: ما يعزينا كولايات متحدة أمريكية أن العلاقة بين المؤسستين العسكرية المصرية والأمريكية يحكمها الاحترام المتبادل، ونحن نثق بذلك، وأنه يمكننا الاعتماد على المؤسسة العسكرية المصرية كخط الدفاع الأهم فى تاريخ العلاقة بين البلدين، ولذلك فالكونجرس الأمريكى أقر حزمة المساعدات العسكرية لمصر فقط، خلال الأيام القليلة الماضية، كما رصد مليار دولار مساعدات استثنائية كإحدى دول الربيع العربى، لكن لن نصرف مما اعتمدناه إلا 250 مليون دولار لمساعدات الغذاء «عشان الشعب المصرى ميجعش»، إنما بقية المساعدات الـ750 ألفا فلن تصرف إلا طبقا لتطور المشهد فى مصر.

■ ما تفاصيل مطالبة السلفيين لك بالتوسط لهم لدى أمريكا خلال زيارتك لها مؤخرا؟

- طلبوا أن تكون لهم هناك قناة مستقلة للتواصل مع الولايات المتحدة وبشكل مستقل عن الإخوان، ولم يطلبوا أن يكونوا بديلا لهم كما أشيع، فقبل زيارتى لأمريكا بيومين اتصل بى شاب سلفى، وطلب مقابلتى، وعندما جاء كان معه اثنان آخران لا أذكر أسماءهم، وهم من الحركة السلفية، وأخبرونى بأنهم يعلمون بسفرى لأمريكا، وقالوا لى: سنكلفك بحمل رسالة إلى من يهمه الأمر هناك، لأننا نريد أن نتواصل معهم، ولكى تحدد لهم أمريكا أشخاصا لديها أو فى مصر، ليتحدثوا ويتفاعلوا ويتعاونوا معهم، وهذا الطلب طلبه الإخوان من قبل، ولم يكن طلب السلفيين غريبا ولا مريبا لأنى من دعاة الحوار والتواصل بين كل الثقافات والشعوب والدول.

السلفيون قالوا إنهم يشعرون بأنهم تعلموا كثيرا من السياسة فى العامين الماضيين، وأنهم كانوا فى البداية لا يريدون الخوض فى هذا البحر المتلاطم، ولذلك سلموا القيادة للإخوان، أما وقد تعلموا وأدركوا أنهم قد وصلوا على أكتافهم للسلطة، وعددهم الآن يصل إلى عشرة أمثال عدد الإخوان فى مصر، فهم يريدون الاستقلال عنهم، ويريدون التعامل مع كل الفئات فى الداخل والخارج مستقلين تماما وليسوا تحت وصاية الإخوان، والأمر الغريب أن «برهامى» خرج فى الفضائيات ونفى طلبهم توصيل صوتهم للأمريكان، لكنى بالفعل نقلت رسالة السلفيين إلى الأشخاص المعنيين فى الولايات المتحدة سواء فى البيت الأبيض أو الكونجرس أو الخارجية.

■ وما أسماء تلك الشخصيات الأمريكية؟

- «إيه حكاية الأسامى دى؟»، ألم تتعلمى فى الصحافة أن المصادر لا ينبغى الكشف عنها، منعاً للإحراج.

■ ما المشكلة فى ذلك فأنت مصدر لى ولست صحفيا؟

- ليست هناك مشكلة، لكنى لا أريد أن أصرح بأسماء السلفيين، وإنما قلت الجهة التى جاءوا منها، ولا التصريح بأسماء الشخصيات الأمريكية المعنية.

■ كيف استقبل الأمريكان رسالة السلفيين؟

- الأمريكان سألوا عن تاريخ السلفيين، وكيف ظهروا على الساحة، فأخبرتهم بكل ما أعرفه، وهم لديهم استعداد للتواصل مع الجميع، وهذا لا يعنى أنهم يؤيدون السلفيين، فالتواصل شىء والتأييد شىء آخر، التواصل هو أن تستمع إليهم وتختبرهم، فكأى دولة كبيرة لها مصالح كانت حريصة على أن تعرف الخريطة، فالسلفيون قوة سياسية وهم غامضون.

■ إذا احترقت ورقة الإخوان فى مصر، فهل يمكن أن تقبل أمريكا التيار السلفى بديلا لهم فى الحكم؟

- ربما، أمريكا كأى دولة عظمى تبحث دائما عن بدائل ولا تريد أن تضع كل بيضها فى سلة واحدة، وبالتالى هى دائما تبحث عن كل الفصائل التى يمكن التعاون معها، فالإخوان مثلا طلبوا التعاون معها منذ اليوم الأول، وأكدوا لها أن مصالحها فى الحفظ والصون.

■ ما هذه المصالح؟

- هى 4 مصالح محددة: المرور الآمن فى المياه والأجواء المصرية، الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، التعاون فى الحرب ضد الإرهاب، والتعاون فى الملف الإيرانى، وهذه مطالب أمريكا من أى حكومة فى مصر، وبالطبع وافق الإخوان عليها، كما أنهم يريدون توسيع وتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين. بالطبع السلفيون يصلحون لأن يكونوا بديلا للإخوان، وهناك آخرون يصلحون لأن يكونوا بديلا للاثنين، قوى مدنية أخرى تكون أكثر خبرة وتواصلا مع العالم الخارجى، فمصر مليئة بالكفاءات.

■ أمريكا قبلت الإخوان على أنهم تيار معتدل، فهل تقبل السلفيين وهم تيار متشدد؟

- أمريكا لا تعتقد أن السلفيين تيار متشدد، والسلفيون أنفسهم ينفون ذلك، هم يقولون إنهم تيار واضح فى أقوالهم وأفعالهم، ويتهمون الإخوان صراحة أو ضمنا بأنهم مراوغون فى كل تصرفاتهم، فهكذا يصورون أنفسهم ويصورون الإخوان.

■ ما رأيك فى هجوم الرئيس على وجود حزب الله فى سوريا وتأكيده على التصدى لعدوانه، رغم أنه تحالف معه ضد إسرائيل من قبل؟

- هو أوضح وفسر ذلك، أنه فى عام 2006 لم يكن الإخوان موجودين وقتها فى الحكم، لكن مصر أيدت «حزب الله» فى مواجهته لإسرائيل، وهو الآن يحارب عربا ومسلمين فى سوريا فنحن ضده، كانت رسالة مزدوجة يمهد بها الرأى العام لمزيد من التدخل، وقراءتى أنا للمشهد أنه رغم أن الثورة مستمرة فى سوريا منذ عامين، لماذا أعلن ذلك الآن؟ لأنه يريد التقرب والتزلف لأمريكا، خاصة أنها أعلنت أنها سوف تسلح الثوار، وراعى هو ذلك وقطع العلاقات مع النظام السورى بالفعل، لأنه يخطب أمام أمريكا ويعلم أنها تتابعه، فأراد أن يكون فى الصف الأمامى أمام عينيها، رغم أنه يفقد بذلك بعض أنصاره فى الخارج.

■ هل إعلان مرسى قطع العلاقات مع سوريا المدعومة من إيران يغير خريطة العلاقة بين القاهرة وطهران فى ظل وجود رئيس إيرانى جديد؟

- «روحانى» أكثر اعتدالا، وإيران حريصة على علاقتها بمصر، وانتهزت فرصة وجود «مرسى»، واحتياجه إلى دعم إقليمى، وأنه أصبح يتصرف مثل عبدالناصر، فحاجته لدوائر أخرى إسلامية وعربية وأفريقية جعلته مضطرا للحفاظ على علاقته بها، وهناك شىء فى الجعرافيا السياسية المصرية تجعل أى رئيس أو أى زعيم أو أى نظام له حدود حركة لا يتجاوزها.

قطع العلاقات بين مصر وسوريا بالطبع سيؤثر على علاقتنا بإيران، لكن ليس تأثيرا سلبيا كبيرا، خاصة فى ظل تعيين رئيس إيرانى جديد معروف عنه أنه أكثر اعتدالا، وهذا من حظ «مرسى» أنه سوف يستطيع أن يصل لحل توافقى بالنسبة للأزمة السورية، خاصة أن «أردوجان» فى تركيا يتعرض لضغوط شعبية شديدة، فدول مصر وتركيا وإيران والسعودية ربما تستطيع أن تقدم صيغة لحفظ ماء وجه النظام السورى، وخروج آمن لبشار الأسد، وهذا هو الأفضل فى كل الأحوال، ولو حدث ذلك فلابد أن نرفع القبعة لـ«مرسى».

■ معروف عن الرئيس الإيرانى الجديد أنه من أنصار التعامل مع الغرب بقدر كبير من المرونة لإنقاذ بلاده من العقوبات الاقتصادية والحصار السياسى.. إلى أى مدى يمكن إنهاء الأزمة الإيرانية فى عهد «روحانى»؟

- حتى لو لم يتمكن «روحانى» من إنهاء الأزمة، لكن على الأقل يسحب فتيل اشتعالها، وهذا يؤجل أى عمل عسكرى كانت تخطط له أمريكا أو إسرائيل لعدة شهور، وبالتالى يعطى فرصة لكل أصحاب النوايا الطيبة ليبددوا تلك الأزمة، وهناك رغبة واضحة لإدارتها بشكل سلمى أكثر من أى وقت مضى، بوجود «روحانى»، وفى وجود ضغط على «أردوجان»، وضغط على «مرسى» فى مصر، والسعودية التى تريد أن تتحاشى كل سلبيات الربيع العربى، فهذه الدول الرئيسية الإقليمية يمكن أن تجد حلا للأزمة السورية وبمباركة أمريكية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية