x

مروى مزيد انتخابات المطرقة والسندان مروى مزيد الإثنين 18-06-2012 02:12



لقد انتخبنا، نحن المصريين بالخارج منذ أسبوع، كان لدى إحساس إيجابى بعد إرسال مظروف بطاقة تصويتى، فعلت هذا على آخر لحظة، نظرا لترددى وتأخير لحظة القرار قدر المستطاع، لكنى سعدت بلحظة تغلبى على عقبات اللاقرار واخترت بعد حسابات كثيرة ومعقدة. كنت قد جزمت بأن لحظة القرار تُشعر صاحبها بارتياح ما، لأنه أصبح جزءاً فاعلاً فى قدره، نعم فإن فاز من اضطررت فى الظرف التاريخى هذا أن أفاضل بينه وبين آخر وانتخبته وفقا لمعطيات ما، فسأكون جزءاً أصيلاً من المشكلة، لكن حمل هذه المسؤولية جزءٌ أصيلٌ أيضاً من المشاركة السياسية التى طالما طمحنا إليها، لكن هذا الأسبوع تغير الكثير، فتبدو السياسة المصرية بحق كلعبة السلم والثعبان، فما إن يوشك «الدور» على الانتهاء حتى يصطدم اللاعب السياسى بخانة الثعبان التى تعيده إلى أسفل، مازال هناك سلم كبير أيضاً، ربما حظه سيقوده للصعود عليه، ولكن ربما لن يحدث ذلك، إن هذه العشوائية تحديداً هى مصدر الشعور بالقلق.

فبشكل محدد، أنا أحترم كلياً ولا أجادل فى أحكام القضاء، وبالتالى حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب ليس به نقاش، لكن مدلوله واضح، فكنت قد كتبت عن الإخوان فى أول إبريل: لكن ماذا تعنى حقيقةً خطوة ترشيح خيرت الشاطر هذه؟ هل هى عاكسة لنزعة «التكويش على كل حاجة»، كما تابعت التعليقات على مواقع الإنترنت المختلفة؟ قد يكون هناك شىء من الصحة فى هذا، لكن قد تعكس هذه الخطوة، التى تبدو استحواذية، قلقا وربما خوفا مرضيا «Paranoia» من ذهاب كل شىء فى مهب الريح، «بجرة قلم» من المجلس العسكرى الذى لوَّح بحل البرلمان، وهو قادر بالفعل على أشياء عدة، هذا يجعل الجماعة والحزب فى حالة استنفار دائم واتخاذ موقف: «أفضل سبل الحفاظ على الأرضية التى حصلت عليها، أن تنافس على مساحة أخرى، كى تؤمِّن ما حصلت عليه بالفعل».. سياسة استيطان ربما! لكن من المهم إدراك أنها قد تكون نابعة من قلق وخوف وليس من غرور واطمئنان..

لكن «هل الطمع قل ما جمع؟». بل إننى كنت ومازلت أفترض أيضاً، إمكانية حل حزب «الحرية والعدالة» نفسه، نظراً لفكرة أنه مبنى على أساس دينى، فما يجرى نوع من «الإمهال» ثم الهجوم والقضاء فى وقت لاحق، بل أحياناً ليس هناك حاجة للهجوم، فالإمهال نفسه يجعل الآخر يقضى على نفسه بنفسه، للأسف وفى كل هذا، رغم عدم انتمائى لحزب الحرية والعدالة، إلا أننى لا أرى فى حل البرلمان خبراً ساراً أو «احتفالاً»، أنا لا أحتفل بالهدم، وإن كنت أحترمه قانونياً ودستورياً، لكنى أحتفل بالبناء المؤسسى للمشاركة السياسية، لأن خطورة مثل هذا الهدم فى الوقت الراهن أنه يبدو وكأنه «تطفيش» من تلك المشاركة السياسية، وجعل الناس تيأس وتجزع من السياسيين والعملية السياسية برمتها، ولنا فى المقارنة مع باكستان وتاريخ تركيا عبرة فى التشكيك الدائم، فى السياسيين والعملية السياسية، بحيث لا يتبقى سوى المؤسسة العسكرية كمصدر أمثل للحكم، مقارنة بتصوير الآخرين على أنهم فشلة.

أما وإننا قد انتهينا من الانتخاب الرئاسى، أتمنى أن يكون قد ذهبت أكثريتنا للتصويت، فدافعى لعدم المقاطعة، رغم أن مرشحى فى المرحلة الأولى لم يدخل الإعادة، هو أننى أعتبر أن أكبر قيمة هى التأسيس لمؤسسات ديمقراطية. ففى حديثى مع كثيرين من الأمريكيين هنا، منهم الصحفيون والأكاديميون، إحدى الصحفيات علقت على فكرة إبطال الصوت بكتابة ما يحلو للشخص بهدف «تسجيل موقف»، فقالت لى «للأسف ليست هذه قواعد اللعبة! لا شىء فى الديمقراطية يقول إن الانتخاب باطل إذا اُنتخب شخصٌ، حصل على ٥١٪ من إجمالى أصوات ما يمثل ولو ١٠٪ فقط من مجموع الناخبين! وبالتالى سينجح من حصل على الأغلبية.. نقطة ومن أول السطر».

إذن، «تسجيل الموقف» ربما يكون شأنا خاصاً، أو ابتكاراً عفوياً، و إيماءة للتعبير عن الذات «Self-Expression»، لكن بالنسبة لفكرة أن «العالم كله سيشك فى شرعية الرئيس القادم» ومثل هذا القول فالواقع أن من تحدثت معهم فى الخارج بهذا الشأن، وجدتهم من العملية والبراجماتية بأنهم قالوا «العكس هو الصحيح.. الافتراض سيكون أن المصريين لا يستوعبون معنى الصناديق والتصويت!». هناك مثل يقول إننا نختار ما بين المطرقة والسندان، أو بالإنجليزية «A Rock and a Hard Place».. إذا كان الاختيار بين «الصخرة» و«المكان الصلد»، فمازلت أستطيع أن أختار إما «الصخرة» أو المكان «الصلد»! لقد اخترنا إذن.. والآن سنتحمل المسؤولية الجمعية لاختياراتنا، ولنتذكر أن أحد تعريفات الديمقراطية هو «الحق فى القيام بالاختيار الخاطئ!» فليعنا الله على ما بعد الاختيار.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية