جميل جدًا أن الدولة وهى تبنى العاصمة الإدارية الجديدة لم تهمل العاصمة التقليدية للبلاد، بل ها هى تعمد إلى حل أو تقليل المشاكل القديمة.. وجميل أن تعمد الدولة إلى إنشاء هذا الصندوق السيادى، وهى بذلك تقوم بعمل حصر شامل لأصولها وأملاكها وتوحيد جهة الملكية، ومن ثم حسن إدارة وتشغيل واستثمار أصولها؛ أى ما تملك.. وهى هنا توحد جهة الملكية لتتوحد جهة الاستثمار.. ولهذا دعت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عددًا من كبار كتاب مصر والمهتمين بقضايا الاقتصاد والاستثمار.. وقدمت الوزيرة بصفتها رئيس هذا الصندوق السيادى الأفكار التى اتخذتها الدولة عن تجهيز شركتين من مشروعات الخدمة الوطنية التى تمتلك نشاطًا تجاريًا.. وتناول الحديث هنا مجموعة من القطاعات سوف تقوم الدولة باستثمارها والتخارج منها عبر بيع حصص مختلفة لتحسين استثمارها.
وفهمت أن ذلك سوف يتبعه عرض بعض هذه الأصول للاستغلال، ومنها - مثلًا - الأصول التى سيتم نقل نشاطها إلى العاصمة الإدارية الجديدة.. ومنها - أو فى مقدمتها - مجمع المصالح الحكومية فى ميدان التحرير وغيره، ونظر استخدام بعضها، ومنها أرض الحزب الوطنى المجاورة للمتحف المصرى. هنا تساءلت وقلت إن الدولة عندما قررت نقل بعض الأنشطة من القاهرة للعاصمة الجديدة كان هدفها - أيضًا - تخفيف الكثافة السكانية والمرورية فى وسط القاهرة، وقلت إن طرح بعضها لتغيير استخداماتها لن يحقق هذا الهدف بتقليل هذه الكثافة.. ولأنه مثلًا سوف يزيد هذه الكثافة المرورية - وبالتالى الاختناقات - بالذات إذا تحولت بعض هذه الأصول إلى مولات ومحال تجارية وفنادق سياحية وغيرها. فهل تراجعت الدولة عن مشروع تقليل الكثافة.. بتحويل هذه الأصول إلى نشاط تجارى جديد؟ وهل يعنى ذلك تراجعًا عن فكرة حل مشاكل الاختناقات فى القاهرة؟.
وردت الدكتورة هالة.. ولكن الرد لم يقنعنى لأن تحويل مجمع التحرير - مثلًا - إلى مول تجارى أو محال تجارية سوف يزيد هذه الكثافة.. وتخيلوا ماذا يعنى تحويل هذا المجمع وعدد غرفه بالمئات إلى محال.
وهنا أقول إن الأسواق فى العاصمة تحركت وهربت من وسط القاهرة إلى خارج هذا الوسط التجارى.. بالذات فى القاهرة الخديوية، التى كانت أهم أسواقنا ومحالنا فيها، وتذكروا كيف كانت شوارعنا فيها يغلقها المشاة عندما كانوا ينزلون - فى المواسم والأعياد والمناسبات - ليشتروا احتياجاتهم فى هذه الأعياد.. أم يا ترى نسينا؟!.
** إن ذلك يفتح لنا وهنا قضية تحرك أسواقنا ومحالنا بالهروب من وسط القاهرة إلى خارجها وأيضًا إلى الضواحى.. وبعد أن كانت أسعار محال هذا الوسط التجارى هى الأغلى.. تغيرت الأسعار تمامًا!!.. وتابعوا ما حدث لمناطق الموسكى والعتبة والقاهرة الخديوية.