x

محمد كمال رجال الرئيس محمد كمال الإثنين 14-12-2020 03:29


هناك مقولة شائعة فى الأوساط السياسية الأمريكية هى Personnel is policy، وربما تكون الترجمة الأقرب لها فى اللغة العربية «التوظيف هو سياسة»، والمعنى التطبيقى لها فى السياق الأمريكى هو أن مجرد اختيار الرئيس أشخاصًا معينين (دون غيرهم) لشغل وظائف فى مؤسسات الدولة، له دلالات سياسية ترتبط بخلفية هؤلاء الأشخاص المهنية وعلاقتهم بالرئيس نفسه. أى أن مجرد الإعلان عن هذه الأسماء، وقبل قيامهم بتولى وظائفهم، يحمل رسائل واضحة، ويحدد إلى أين سوف تتجه البوصلة السياسية.

لو طبقنا هذا المعنى على اختيارات الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن للمرشحين لشغل عدد من الوظائف فى إدارته القادمة، خاصة فريق الأمن القومى، الذى يضم بشكل أساسى وزراء الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومى، فيمكن استخلاص العديد من الدلالات السياسية.

ولكن قبل أن نتحدث عن هذا الفريق، من المهم التأكيد على أن الرئيس القادم «بايدن» لديه خبرة هائلة فى مجال السياسة الخارجية كعضو سابق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ثم نائب للرئيس، والبعض يرى أنه الرئيس الأكثر خبرة بالشؤون الخارجية منذ جورج بوش الأب. وبالتالى فإن هذه الخبرة والذاكرة التاريخية المرتبطة بها سيتم استدعاؤها فى عملية صنع قرار السياسة الخارجية.

أما عن رجال الرئيس الذين سيساعدونه فى هذا الملف، فأولى الدلالات السياسية المتعلقة باختيارهم هى أن لديهم معرفة كبيرة وخبرة طويلة فى الملفات التى سوف يديرونها، وقراءة السيرة الذاتية لكل منهم، أو ما أنتجه بعضهم من بحوث ومقالات (موجودة على الإنترنت لمن يريد التعرف على فكرهم)، أو ما نشروه من تغريدات على حساباتهم فى منصة «تويتر»، سوف يدرك أنهم محترفون من الوزن الثقيل فى مجال السياسة الخارجية، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع آرائهم.

اختيار بايدن هؤلاء يعنى أنه يريد العودة لإحياء دور المؤسسات فى صنع القرار، وأن يكون هناك تعدد فى مدخلات القرار من مؤسسات يقودها أشخاص أقوياء، وحتى لو حدث تنافس وتوتر نتيجة تباين مصالح هذه المؤسسات وقوة شخصية من يديرها، فإن ذلك يدخل فى إطار ما يسميه الأمريكيون بـ«التوتر الخلاق»، أى التوتر الذى يُخرج أفضل ما لدى الأفراد والمؤسسات، ويضع أمام الرئيس أفضل الخيارات.

الدلالة السياسية الثانية هى أن معظم أفراد هذا الفريق يتمتع بعلاقة وثيقة ببايدن، وبعضهم مثل وزير الخارجية المرشح «أنتونى بلينكن» عمل معه لمدة تقترب من ثمانية عشر عامًا، ومنذ أن كان بايدن عضوًا بمجلس الشيوخ، ثم مستشاره للأمن القومى عندما كان نائبًا. نفس درجة العلاقة الوثيقة تنطبق أيضا على «جاك سوليفان»، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومى للإدارة الجديدة، وقد وصف أحد المحللين الأمريكيين علاقتهما ببايدن بأنهم «عائلة»، وأنهما يمثلان امتدادًا طبيعيًا لفكره.

هذه الخبرات الكبيرة والعلاقات الوثيقة سوف تتيح لرجال بايدن مساحة كبيرة للحركة فى مجال السياسة الخارجية، خاصة أن الرئيس قد ينشغل فى الشهور الأولى بقضايا الداخل، مثل كورونا والاقتصاد والعمل على تقليل الاستقطاب فى المجتمع الأمريكى، ومن ثم فقد اختار بايدن الفريق الذى يمكن أن يملأ فراغ انشغاله بالداخل، ويتمتع بالثقة والخبرة التى تمكنه من القيام بذلك.

باختصار، نحن أمام عملية صنع قرار جديدة لن يكون مركزها البيت الأبيض وحده، كما كان الحال فى ظل إدارة ترامب، بل سيشارك فيها فريق قوى من رجال الرئيس، فريق يعرف الكثير عن العالم وعن المنطقة وعن مصر، ومحل ثقة الرئيس، وسوف يتحدث باسمه، ومن ثم علينا التعرف عليه، وبناء جسور التواصل معه.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية