x

فرنسا: قانون «تعزيز مبادئ الجمهورية» يواجه التطرف والكراهية

الجمعة 11-12-2020 01:08 | كتب: عنتر فرحات |
قانون حصانة الشرطة لمواجهة الإرهاب أثار احتجاجات واسعة وانتقادات فى فرنسا «صورة أرشيفية» قانون حصانة الشرطة لمواجهة الإرهاب أثار احتجاجات واسعة وانتقادات فى فرنسا «صورة أرشيفية» تصوير : رويترز

أقرت الحكومة الفرنسية، أمس، مشروع قانون «تعزيز مبادئ الجمهورية»، الذى يهدف إلى التصدى للتطرف الإسلامى، بعد سلسلة هجمات فى الآونة الأخيرة شنها متطرفون إسلاميون، ويشدد مشروع القانون القواعد الخاصة بالتعليم المنزلى، ويجرم خطاب الكراهية على الإنترنت، ويعد جزءًا من حملة طويلة للرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، لدعم قيم العلمانية، فى حين يرى منتقدو القانون أن ماكرون وحكومته يريدان استغلال القانون لاستهداف الدين، إلا أن رئيس الوزراء الفرنسى، جان كاستيكس، وصف المشروع بأنه «قانون حماية» لتحرير المسلمين من قبضة المتطرفين، وشدد على أنه «لا يستهدف الأديان، ولا يستهدف الدين الإسلامى على وجه الخصوص».

ويهدف القانون إلى تشديد القيود على خطاب الكراهية على الإنترنت، ويحظر استخدام الإنترنت لنشر معلومات وبيانات أشخاص آخرين لأغراض خبيثة، ويضم القانون حوالى 50 بندًا لتعزيز مبادئ الجمهورية ومواجهة التطرف، وتم تعديل عنوان المشروع عدة مرات ليستقر على اسم «قانون تعزيز المبادئ الجمهورية»، ويشمل تعزيز الإشراف على الجمعيات الدينية، وتمويلها، ويتضمن قواعد جديدة للشفافية المالية للجمعيات الإسلامية، ويشترط إقرار هذه الجمعيات على قبول قيم الجمهورية الفرنسية مقابل الحصول على تمويل، وأن يتضمن تمويل دور العبادة منع سيطرة المتطرفين عليها، كما ينص على تمديد حظر ارتداء المسؤولين الرسميين فى فرنسا أى زى يدل على الهوية الدينية ليشمل العاملين فى قطاع النقل وأحواض السباحة والأسواق، ويحظر القانون المدارس «السرية» التى تروج لأيديولوجيا متطرفة، ويعزز الحظر المفروض على تعدد الزوجات من خلال رفض منح الإقامة للمرتبطين بأكثر من زوجة، ويمكن تغريم الأطباء أو منعهم من مزاولة المهنة إذا أجروا اختبارات كشف عذرية على الفتيات، ويوفر القانون حماية للموظفين الرسميين من التهديدات والعنف، وينص على مبدأ حياد العاملين فى المرافق العامة من موظفين فى مطارات باريس وشركة السكك الحديد الوطنية، وسيكون ارتياد المدرسة إلزاميًا اعتبارًا من سن الثالثة لتجنب التسرب المدرسى لأسباب دينية.

ويتطلب مشروع القانون تعديل قانون 1901 المتعلق بإنشاء الجمعيات، وقانون 1905 بشأن حياد الدولة فيما يتعلق بالأديان.

وقال رئيس الوزراء الفرنسى، جان كاستكس، خلال ندوة، مساء أمس الأول، إن مشروع القانون يسمح بامتلاك «أدوات تمكن من مكافحة الأعمال الأيديولوجية التى تستهدف قيمنا، وأحيانًا تتسبب فى ارتكاب جرائم»، وأضاف: «نريد من خلال هذا القانون حماية الذين تتعرض حرياتهم للتهديد عبر أفعال وسلوكات تتعارض مع قيمنا فى الجمهورية»، وأكد أن القانون «الذى يعزز مبادئ الجمهورية الفرنسية ليس ضد الأديان، بل يستهدف الفكر الخبيث الذى يحمل اسم الإسلام المتطرف»، وأضاف: «هذا القانون ليس نصًا ضد الأديان ولا ضد الديانة الإسلامية بشكل خاص، بل على العكس، فهو قانون للحرية وقانون للحماية وقانون للتحرر فى مواجهة الأصولية الدينية»، وأشار رئيس الوزراء الفرنسى إلى أن «العلمانية تضمن حرية الإيمان وعدم الإيمان، وتميز بين المجالين الخاص والعام»، مؤكدًا أن القانون أصبح ضروريا «بسبب الهجمات المتزايدة» على هذه المبادئ التى «تؤثر على قدرتنا على العيش بسلام»، وتحدث عن حالات «سحب أطفال من المدارس لتلقى تعليم مجتمعى، أو جمعيات رياضية تقوم بأعمال دعوية أو جمعيات دينية تتحدى قوانين الجمهورية»، وأضاف أن هذا «يكون نتيجة أيديولوجيا خبيثة تحمل اسم الإسلام الراديكالى».

ويُنظر إلى القانون كرد من الحكومة الفرنسية على قطع رأس مدرس التاريخ الفرنسى، صامويل باتى، فى أكتوبر الماضى، بعدما عرض رسومًا كاريكاتورية للنبى محمد، صلى الله عليه وسلم، على تلاميذه، وكشف تحقيق فرنسى أن حملة عبر الإنترنت انطلقت ضد المدرس قبل قتله، كما قُتل 3 أشخاص فى حادث طعن فى كنيسة بمدينة نيس فى أكتوبر الماضى، وأصيب شخصان بجروح فى حادث طعن فى سبتمبر الماضى قرب المكاتب السابقة لمجلة «شارلى إيبدو» الساخرة، التى تعرضت لهجوم دموى على يد متطرفين إسلاميين عام 2015.

ويعيش فى فرنسا حوالى 5 ملايين مسلم، وهى أكبر أقلية مسلمة فى أوروبا. ويعد ماكرون مدافعًا قويًا عن قيم الجمهورية الفرنسية وعلمانية الدولة، ووصف مؤخرا الإسلام بأنه دين «فى أزمة» ودافع عن حق مجلة «شارلى إيبدو» فى نشر الرسوم الكاريكاتورية، وأصبح ماكرون هدفًا لانتقادات حادة فى العديد من البلدان المسلمة، وخرجت ضده مظاهرات فى باكستان وبنجلاديش ولبنان، وتعرض ماكرون لانتقادات من المبعوث الأمريكى المعنى بالحرية الدينية، سام براونباك، الذى قال مخاطبًا ماكرون: «عندما تشدد قبضتك على الأمور يمكن أن يزداد الوضع سوءًا»، وأعرب بعض السياسيين اليساريين فى فرنسا عن قلقهم من أن التشريع قد يُنظر إليه على أنه يشوه صورة المسلمين، وقالت صحيفة «لوموند» الفرنسية إن القانون قد يثير عداوة جماعات دينية أخرى تمارس التعليم المنزلى، فيما يرى محللون أن ماكرون تعرض لضغوط شعبية واسعة لإقرار القانون واتخاذ مواقف متشددة ضد الإسلام، وأضافوا أن مواجهة النفوذ الإسلامى باسم قيم الجمهورية الفرنسية العلمانية قد تحظى بشعبية فى الداخل، لكنها لاتزال عملية حساسة للدولة، وذلك بالتزامن مع تواصل الرفض لقانون يمنح الشرطة حصانة أثناء ممارسة عملها.

ويعد مشروع القانون نتاجًا لـ3 سنوات من المحاولات لمواجهة ما سماه ماكرون «الهيدرا الإسلامية»، مشيراً إلى الحية «هيدرا» متعددة الرؤوس، بحسب الأساطير اليونانية، وأكد ماكرون أن القانون يهدف لتعزيز «المساواة فى الفرص» فى الأحياء التى تنتشر فيها المجموعات الإسلامية، وتشير بعض استطلاعات الرأى إلى أن «87% من الفرنسيين يعتبرون أن العلمانية مهددة، ويقول 79% منهم إن التطرف الإسلامى أعلن الحرب على الفرنسيين»، وكانت حكومة ماكرون اتخذت عدة تدابير لمكافحة التطرف أفضت إلى إغلاق 400 جمعية ومسجد وقاعة رياضية متهمة بالترويج لخطاب الكراهية، كما طالب ماكرون مسلمى فرنسا بتحمل مسؤولية تأهيل الأئمة فى البلاد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية