ضباط الشرطة فى مصر الآن يتحملون كل شىء.. ضغوط الرأى العام وتنفيذ قرارات الإزالة وعدم ارتداء الكمامة ومخالفات المرور ومخالفات البناء.. ويواجهون كل الأخطاء فى السياسات.. وأخيراً تصرفات المرضى النفسيين.. فما زال ما حدث بين المقدم قائد حرس محكمة مصر الجديدة والسيدة التى ادعت أنها مستشارة فى الأمم المتحدة يتردد صداه على السوشيال ميديا.. هناك من لا يعجبه كلام السيدة المستشارة بالأمم المتحدة على الإطلاق.. وهناك من يشيد بالضابط المقدم المحترم لسلوكه الراقى المتزن!
وأنا شخصياً لا يمنعنى قرار إخلاء سبيل المتهمة من الإشادة بالتزام الضابط المقدم.. وفى الوقت نفسه بإدانة السيدة بكل قوة.. وبالمناسبة فإخلاء السبيل لا يعنى البراءة، لكنه يعنى أن القضية مستمرة، وأنها ستخضع للمحاكمة!
فقد انتظر الرأى العام أن يتم حبسها، لأنها شتمت الضابط وسبته ومزقت رتبته الميرى، وهو لا يعتدى عليها ولا يرد لها الإساءة.. ولا أظن أن جهات التحقيق تسامحت مع السيدة التى يلقبونها بسيدة المحكمة على غرار سيدة المطار ياسمين النرش التى اعتدت على الضابط وتم الحكم بحبسها ثلاث سنوات.. فالنيابة لها تقديرها.. ولكن إخلاء السبيل لا يعنى أن القضية انتهت.. القضية مستمرة!
لم أفهم ما معنى مستشارة فى الأمم المتحدة.. وما علاقة ما قالته وفعلته بأنها مستشارة فى الأمم المتحدة.. هل من حقها أصلاً التصوير وهل من حقها خرق قوانين البلاد بعدم ارتداء الكمامة فى الأماكن والمنشآت العامة؟.. فكيف لو كانت «جوتيرش» نفسه؟.. ماذا كانت تفعل؟.. هل من حق الأمين العام نفسه سب ضابط وهل من حقه نزع رتبته الميرى؟
كنا نسينا حكاية متعرفش أنا مين؟.. ونسينا خشونة الضباط فى مواجهة الناس، وأصبح ضباط الشرطة أكثر التزاما لدرجة جعلت الرأى العام يتعاطف مع الضابط المقدم ولا يتعاطف مع السيدة؟.. فهل أصبح الضابط مكسور الجناح؟.. وهل أصبح عليه أن يتحمل ضغوطات الرأى العام وتجاوزات المرضى النفسيين؟..
لا نريد ضباطاً يضايقون الناس أو يهينونهم ولا نريد الناس تضايق الضباط أو يهينونهم أيضاً بأى شكل، ولو كانوا مستشارين فى الأمم المتحدة.. نريد معادلة متوازنة تحفظ حق الجميع، وتحقق العدالة بين الأطراف!
منذ يومين فقط اهتمت السوشيال ميديا بطالب الفريسكا إبراهيم عبدالناصر وكانت فرحة غامرة بنجاح شاب بسيط من مصر بالتفوق وإحراز الدرجات شبه النهائية فى الثانوية العامة ليلتحق بطب الإسكندرية، ويدخل الفرحة على قلوب المصريين وأمس استيقظنا على مشكلة سيدة المحكمة وهى تهين الضابط لنشعر جميعاً بالاكتئاب، وأن هناك من يعتقدون أنهم فوق القانون، وعودة شعار «متعرفشى أنا مين»؟!
لستُ مع محاكمات السوشيال ميديا، لأنها من الممكن أن تضعنا فى مشكلة كبرى.. ولكن الحق واضح فى هذه المشكلة.. كما أن دولة القانون أصبحت على المحك!