أرسل لى ابنى أحمد، طالب الهندسة، فيديو طالب الفريسكا.. وانتظر أن أشاهد الفيديو وأرد عليه.. فلم يشعر بأنى شاهدته.. فجاء يسألنى عن الموبايل وطلب منى أن أشاهد الرسالة التى أرسلها. وكأنه يريد أن يعرف تعليقى، وهنا أحسست بأنه حريص على إرساء قيمة معينة.. شاهدت الفيديو وسعدت به جدا وأرسلته لأقرب الأصدقاء الذين يفرحون بالرجال ولا يتبادلون التفاهات.. وشكرت ابنى بالطبع لأنه مهتم بالفيديوهات القيمة، وقد كان يصنع أحيانا بعض الفيديوهات لإرشاد الناس فى بداية أزمة كورونا ويحقق آلاف المشاهدات!
بعد قليل اشتعلت مواقع التواصل بفيديو إبراهيم عبدالناصر، بائع الفريسكا المتفوق.. الذى يفخر بعمله وعمل والده كما يفخر بتفوقه.. وكنا نقرأ فى عينيه النبوغ والإصرار على الهدف.. لكن أيضا كان يتمتع بالرجولة المبكرة.. فلم يخجل من أبيه ولم يطلب التفرغ للدراسة والدروس الخصوصية، ولم يشعر بأنه يجب أن يتوتر البيت كله لأنه فى الثانوية العامة.
الفيديو بسيط للغاية لم يقدم الجوانب التى تحكى عن تفوقه.. ولكنه كان كافيا بإشعال فرحة الناس أكثر من افتتاحات نادى الزمالك أو افتتاحيات بعض المشروعات!
كل عام يبحث الناس عن شاب أو فتاة من أوائل الثانوية العامة.. لم ينقطع للدراسة والدروس.. ولكنه كان يعمل إلى جوار دراسته فى عمل بسيط ليساعد أسرته.. وهذا العام كان الشاب بائع الفريسكا.. وقد كانت الدولة تحتفى بهذه النماذج فى مؤتمرات الشباب، وكان الرئيس يستقبلهم ويكرمهم.. ويمنح أسرهم شقة للحياة الكريمة.. أعرف مقدما أنهم لا يتذمرون من معيشتهم.. ولكن حقهم على الدولة أن ترعى تفوقهم ونبوغهم... ومن حسن حظ إبراهيم أن وزير التعليم العالى، خالد عبدالغفار، سمع بقصة الشاب المتفوق: وقدم له منحة كاملة من جامعة الإسكندرية.. وهى تقدير كبير من الحكومة، خصوصا أنه حدث فى وقت مبكر.. وكان القرار سريعا قبل كل الذين عرضوا مساعدة إبراهيم وطالبوا الناس بأن يدلوهم عليه...
نجح إبراهيم فى أن يسعدنا بجدعنته ورجولته وإقباله على الحياة كما أسعد والده وفرحه.. هذا هو الولد الذى نفرح به ونسعد.. فلم يشك ظروفه ولم يطلب شيئا من أحد ولا ينتظر.. وهذه هى قمة الرجولة والتفوق النفسى والإنسانى.. شكرا يا دكتور المستقبل.. أسعدتنا وفرحتنا.