اعتبر الباحث الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن «جماعات الإسلام السياسي، وخصوصًا جماعة الإخوان المسلمين، عملت منذ بداية التسعينيات على تطوير خطابها السياسي، إذ لم تكن خلال الثمانينيات تؤمن بالعملية الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، لافتًا إلى أنها «كانت ترى في الديمقراطية نوعًا من الكفر ونظامًا مغايرًا للإسلام، لكن شاهدنا خلال فترة وجيزة أن هذه الحركات تقدمت بأطروحات مغايرة تمامًا لأيديولوجيتها التاريخية»، بحسب قوله.
واستشهد «هنية في حديث نشرته «DW» بنسختها العربية على موقعها الإلكتروني، بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، قائلًا: «هي الجماعة الأم، تقدمت عام 2004 بالمبادرة الإصلاحية، وشددت على موضوعات المواطنة والديمقراطية والدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة والتعددية، وكذلك بقية الجماعات استنسخت هذه المبادرة الإصلاحية، كما حدث في الأردن عام 2005، وقبل ذلك في سوريا».
وعن التحالفات السلفية الإخوانية، قال «هنية»: «يبدو أن هناك تحالفات وقتية ستنشأ، لكنها لا ترقى إلى التحالفات الاستراتيجية، كما حدث مع معمعة جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية في مصر، لكنها تبقى تحالفات وقتية، فالطبيعة الأيديولوجية لهذه الحركات، ستؤدي إلى عملية فرز واستقطاب وتعبئة، ما يؤدي إلى انهيار هذه التحالفات».
وأشار «هنية» إلى أنه في حال إجراء انتخابات تشريعية خلال الفترة المقبلة، فإن جماعة الإخوان المسلمين «لن تحصل على ما حصلت عليه في الانتخابات التشريعية الأولى، فالتصويت جرى في البداية على مبدأ (هوياتي).. أي على الهوية الإسلامية»، بحسب قوله.
وقال: «أعتقد أنه خلال هذه الفترة بدأ الناخب في فحص موضوع الهوية، وتبين أنه لا توجد هناك فروق كبيرة بين ما تطرحه السلفية والإخوان، وبين ما تطرحه القوى الأخرى، وربما ظهر ذلك جليًّا خلال الانتخابات الأخيرة التي جرت في ليبيا، إذ لم يكن التصويت هناك للهوية، لذلك كان التصويت بشكل مطلق تقريبًا لتحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل، وهذا يعد مؤشرًا على أن موضوع الهوية أخذ في التراجع مع الزمن».
وأوضح «هنية» أن «تراجع جاذبية التصويت على مبدأ الهوية الإسلامية، سيجعل الناخب بدول الربيع العربي أكثر ترددًا في التصويت لجماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها الإخوان المسلمون».
وأضاف: «لا شك بأن صعود الإخوان المسلمين لم يكن مفاجأة، فخلال فترة التسعينيات كانت القوى الإسلامية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين تفوز بأغلبية، حيثما جرت انتخابات نزيهة، كما حدث في الجزائر مع جبهة الإنقاذ، وفي الأردن عام 1989 ودول عربية أخرى».
وأشار «هنية» إلى أنه «ربما نشهد في المستقبل بعض التغييرات في وضع هذه النخب الإسلامية الحاكمة، فقد يتجه بعضها إلى مزيد من الاعتدال أو مزيد من التشدد، أي إما الاقتراب من النموذج التركي، أو نموذج القاعدة، وعلى كل حال لن ينافس الإسلاميين في المستقبل إلا الإسلاميون».
وحول تواجد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا أوضح «هنية» أنها «الجماعة الأكثر تنظيمًا والأكثر حضورًا، بالرغم من غيابها عن الساحة السورية لسنوات طويلة، منذ الاصطدام مع نظام البعث في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات».
وتابع: «جماعة الإخوان المسلمين لا تزال تمتلك الهياكل والأطر التنظيمية، كما أنها تتمتع بقبول كبير، خصوصًا مع القمع الذي يقوم به النظام، وفي ظل مشكل طائفي موجود في سوريا، وستكون ممثلاً للتوجه السني بشكل عام داخل سوريا، ما يمنحها دورًا كبيرًا في أي مرحلة انتقالية».