x

اخبار الأب رفيق جريش يكتب: عش الغراب فى لبنان! اخبار الجمعة 14-08-2020 01:09


الانفجار والدخان الذى على شكل عش الغراب فى مرفأ بيروت فى بلاد الأرز ذكرنا بذكريات مؤلمة فى تاريخ البشرية ومنها انفجارات هيروشيما وناجازاكى فى اليابان فى غروب الحرب العالمية الثانية والتى أودت بحياة الآلاف تاركة بصماتها إلى اليوم من مرضى ومعاقين مما جعلنا ونحن نشاهد هذا المشهد المؤلم نسترجع هذا المشهد نخاف خوفاً عظيماً على لبنان الكبير حضارة «والصغير مساحة» والذى مرت عليه فى السبعين عاماً الأخيرة أحداث مؤلمة وحرب أهلية ضروس دفع الشعب ثمناً باهظاً وهو دم شبابها وهجرة عقولها وتشتت اللبنانيين فى معظم بلاد العالم.

لبنان المارونى الدرزى السنى الشيعى الأرثوذكسى الكاثوليكى الإنجيلى، وهلمّ جرّا من أسماء طوائف تعايشت، وفى الوقت ذاته تناحرت وقع لبنان فريسة للسياسة البغيضة التى لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية طريقاً لها.

مدينة بيروت التى تلملم جراحها، هى الضواحى التى قصدها الناس من الأرياف بسبب الحرب الأهلية أو إهمال الريف والجبل من تقصير الدولة، هى مساحة الأمل التى كانت داخل كل مواطن يريد أن يقصد العاصمة من أجل تطوير نفسه وإيجاد لقمة العيش، كل ذلك فى ثوانِ قليلة تحول إلى دمار وخراب بسبب تقصير مسؤولين. غاب مرفأ بيروت عن الخريطة ومعه نجح الفاسدون بضرب صورة وطن الأرز، فيوم حول الفينيقيون خشب الأرز المبارك إلى سفن تجوب بحار العالم، لم يكونوا على علم أن هناك طبقة سياسية فاسدة قاتلة ظالمة ستأتى لتضرب المرفأ وتقتل المئات وتجرح الآلاف وتشرد عشرات الآلاف، لم يكن أجدادهم يتوقعون أن اللبنانى الذى جاب الشرق والغرب سيصبح محكوماً من «زمرة» تريد أن تضعه تحت الحصار لكى تبرر وجودها.


.. إنها بيروت التى تبكى دماً، بيروت بمسيحييها ومسلميها ولبنان يقف أمام هول الكارثة ويقول «ماذا بعد وما هى خطيئة هذا الشعب ليدفع ثمن إهمال حكامه وإجرامهم؟».

فالضرر هائل وفظيع ليس فقط فى القتلى والجرحى أو فى المنشآت التى تضررت

والدمار الذى لحق بها. والمنازل والمدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات التى لم تعد قابلة للاستخدام رغم هجمة الكورونا التى فى موجتها الثانية هناك ولكن الآثار النفسية لدى الشعب اللبنانى خاصة شبابه الذى لم يعد يرى أى أمل أو مستقبل فى بلاده فى ظل السياسيين الحاليين الذين لا سياسة لهم غير مصالحهم الشخصية.

ورغم ذلك رأيت بريق أمل صغيرا فى هذا البلد الذى تمتد جذورى إليه والذى أعرفه جيداً، رأيت تعانق الحجاب مع المكشوف وكثيراً من التضامن بين شبابه التى التزمت بتنظيف الشوارع والمساجد والكنائس والمدارس والهيئات التنموية والخيرية التى فتحت مراكز لتوزيع الوجبات كما فتحت الأديرة والكنائس أبوابها للنازحين والعائلات التى أصبحت بلا مأوى، إذ مساكنها دُمرت وذلك بدون أى تمييز دينى أو عرقى أو طائفى. كذلك المساعدات الدولية والعربية والمصرية التى هبت للمساعدة ولكن كل ذلك ليس كافياً، فلبنان بحاجة ماسة إلى خطة مساعدة اقتصادية وسياسية من جانب المجتمع الدولى، فاللبنانيون يطالبون بالعدالة والتوصل إلى حقيقة واضحة وشفافة لما جرى. فسنوات الإهمال تركت وراءها مئات من الشهداء وآلاف من الجرحى ومئات من المفقودين وآلاف من العائلات المشردة من بيوتها، فرغم كل الحروب التى مرت على لبنان فللمرة الأولى تكون المأساة بهذا الحجم الكبير فى ظل أزمة اقتصادية وأزمة سياسية طاحنة، إضافة إلى تفشى وباء كورونا وتأثيره على نمط الحياة الاجتماعية والحياة اليومية.

المهم أن تجتمع الإرادات العالمية والعربية واللبنانية النزيهة الوطنية بعيداً عن الألاعيب الشريرة التى تحصد الملايين للخروج من كل هذه الأزمات وعلى السياسيين اللبنانيين أن يتخلصوا من أنانيتهم أو مصلحتهم السياسية الضيقة وليتخذوا قرارات جريئة ونزيهة وجذرية لصالح لبنان الأرز وطن مستقل وله إرادة مستقلة لصالح شعبه المتحضر والتنوع الإنسانى الذى إذا أرشد جيداً يكون غنى للبنان والعرب والعالم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية