ليبيا هى الامتداد الطبيعى لمصر فكثير من الأحيان كان شرق ليبيا بالذات مرتبط بمدينة الإسكندرية، كما أن الصحراء الغربية المفتوحة كانت وما زالت سكنا للقبائل والعشائر المصرية - الليبية على حدٍ سواء فهم إخوة وأقارب ويتصاهرون، كان كذلك، وسيظل أيضاً كذلك رغم تقسيمات الاستعمار العثمانى الذى احتل مصر وليبيا ثم الاستعمار الإنجليزى فى مصر والاستعمار الإيطالى فى ليبيا.
وكلنا ننظر إلى الزعيم عمر المختار بكثير من الإعجاب لأنه جمع شعبه وأراد تحرير بلاده من المحتل وظلت العلاقات المصرية - الليبية مرتبطة ببعضها البعض بكثير من الأخوة رغم بعض السحب الصيفية التى ظللت هذه العلاقات، ولكنها ذهبت مع الريح، أما اليوم فأصبح التهديد التركى وميليشياته الإرهابية التى جلبها من سوريا بالذات ومناطق أخرى تحتل غرب ليبيا بدعوة من حكومة «الوفاق» وأى وفاق ذلك الذى يرضى باحتلال بلاده واستغلال مواردها وتهديد جيرانها. فكان لابد من تدخل مصر حفاظاً على الأمن القومى المصرى والليبى والعربى أيضاً.
فالعثمانلى يطل برأسه مرة أخرى باحثاً عن دور فى المنطقة بعد أن فقدها منذ مائة عام ومهدداً الجميع بدءًا من العراق فشمال سوريا، والآن ليبيا فهو يتوسع فى جميع الاتجاهات ليجد موضع قدم. فتركيا مع احترامنا لشعبها ليست دولة عربية بل تاريخها أسود مع الدول العربية وغيرها التى احتلتها فى عصور سابقة ولا هى دولة أوروبية فهى منبوذة من الأوروبيين، لأنها ليست مثلهم وتحويل تركيا لمتحف أغيا صوفيا منذ أسبوعين إلى مسجد بعد أن كان رمزا للتسامح والوفاق بين الديانتين الإسلامية والمسيحية خير دليل على الفكر التركى الحالى الباحث عن زعامة فلم يجد إلا ارتداء ثوب الإسلام السياسى مدعوماً وداعياً للإخوان المسلمين وعلى هذه الحجة ترسل تركيا جيشها وميليشياتها وبوارجها إلى ليبيا لاحتلالها وتهديد مصر والمنطقة العربية.
مصر لا تسعى إلى الحرب فى ليبيا بل طرحت عدة مرات الخيار السلمى وذلك منذ أكثر من ست سنوات ولعل إعلان القاهرة فى الشهر الماضى الذى جمع بين زعامة مصر وقائد الجيش الليبى المشير حفتر ورئيس البرلمان الليبى خير دليل على ذلك والتى رفضت مصر بكل وضوح التدخلات الخارجية التى تهدد ليبيا ومصر على حد سواء.
بعض الدول الغربية أصبحت ترى بوضوح وجهة النظر المصرية. فمصر تؤكد على ضرورة بسط إدارة «الدولة» على كل أرجاء ليبيا وذلك بسحب المعدات الحربية التركية من ليبيا وتفكيك الميليشيات الإرهابية المسلحة هناك وحصر السلاح الليبى فى يد الدولة فقط ورفض إقامة أى قواعد عسكرية هناك.
نحن نثق فى حكمة قائدنا الرئيس السيسى وقادة الجيش والأجهزة المختلفة صاحبة الرؤية والقرار فى هذا الموضوع ولهم منا كل الدعم فاستقرار مصر وحماية التنمية الجبارة التى تتم حالياً تحتم علينا الدفاع عنها والحفاظ عليها خاصة من الإرهاب الذى يتنقل شرقاً وغرباً لمحاصرة مصر ولكن مصر الفتية والقوية والحكيمة ستقود هذه السفينة التى تبحر فى عواصف ضارية نحو بر الأمان بإذن الله تعالى.