x

محمد كمال مصر و«كاتسا» محمد كمال الإثنين 10-08-2020 02:35


وكأن التحديات التى تواجهها مصر حاليًا، (والتى تتطلب مساندة الأصدقاء والحلفاء)، لا تكفى. خرجت علينا بعض وسائل الإعلام الغربية فى الأسبوع الماضى بأخبار بأن مصر قد تواجه عقوبات أمريكية فى المستقبل القريب لشرائها مُعَدّات عسكرية روسية متقدمة، ومطالبة عدد من أعضاء الكونجرس بتطبيق هذه العقوبات، فى خطاب أُرسل حديثًا إلى وزير الدفاع الأمريكى.

المسألة ترتبط بقانون صدر من الكونجرس الأمريكى، عام 2017، ويحمل عنوان «كاتسا»، وهى اختصار لـ«قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات». هذا القانون يتضمن جزءًا عنوانه «مكافحة التأثير الروسى فى أوروبا وأوراسيا»، وتنص المادة 231 منه على فرض عقوبات ضد الأفراد والكيانات التى تنخرط فى «صفقة مهمة» مع قطاعى الدفاع والاستخبارات فى روسيا.

القانون له أهداف سياسية واضحة، وأهمها الحد من النفوذ الخارجى لروسيا، وتضييق الخناق على اقتصادها بوقف العائد المترتب على بيع السلاح، بالإضافة إلى مساعدة صناعة السلاح الأمريكية بالحد من أى منافس لها فى الأسواق العالمية. ويأتى كل هذا فى إطار رؤية جديدة، عبرت عنها استراتيجية الأمن القومى الأمريكى الأخيرة بأن العالم يعود إلى مرحلة التنافس بين القوى الكبرى، وأن روسيا، (وكذلك الصين)، هما المنافسان الاستراتيجيان للولايات المتحدة، ولابد من تقويض صعودهما على الساحة الدولية.

وزارة الخارجية الأمريكية تشير إلى أن القانون حقق بالفعل الكثير من أهدافه، وأن العديد من الحكومات الأجنبية تخلت عن شراء أو التخطيط لشراء ما قيمته عدة مليارات من الدولارات من مشتريات الدفاع الروسية.

تطبيق القانون أصبح مثارًا للجدل عندما بدأ بعض أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة فى شراء أسلحة روسية، ومنهم الهند، عندما ترددت أنباء عن شرائها منظومة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات، المعروفة باسم «إس إس 400»، ثم قامت تركيا بالتعاقد على نفس المنظومة.

لم توقع الولايات المتحدة عقوبات على الهند حتى الآن، أما فى حالة تركيا، (عضو حلف شمال الأطلنطى)، فقد أوقفت تزويدها بطائرات «إف 35»، وأخرجتها من برنامج المشاركة فى تصنيع هذه الطائرة. ويشهد الكونجرس الآن تبنى مبادرة تشريعية، وافق عليها مجلس النواب، لإجبار الرئيس ترامب على فرض المزيد من العقوبات على تركيا لشرائها الصواريخ الروسية.

ويبقى السؤال عن «مصر وكاتسا». وجهة نظرى أن الرسالة التى يجب أن تصل إلى الإدارة الأمريكية هى أن تطبيق قانون «كاتسا» على مصر سيمثل خطأ كبيرًا، وسيضر بشكل بالغ بالعلاقات الأمريكية المصرية، كما أنه قد ينعكس بالسلب على مصالح الولايات المتحدة بالمنطقة، فى الوقت الذى تنسحب بشكل تدريجى منها، ويسود فراغ استراتيجى، من الأفضل أن تملأه القوى الإقليمية المعتدلة مثل مصر.

قانون «كاتسا» ملىء بالثغرات، ومنها غياب تعريف للمقصود بـ«صفقة مهمة» من السلاح، كما أن تعديلات حديثة للقانون أتاحت للرئيس الأمريكى وقف تطبيق العقوبات أو تأجيلها لاعتبارات «الأمن القومى»، ومنها التأثير السلبى للعقوبات على التعاون الدفاعى مع الدولة المعنية، وكلها أمور يمكن استخدامها لمصلحة العلاقات المصرية الأمريكية.

باختصار، التلويح الأمريكى بتطبيق قانون «كاتسا» على مصر يُعد خطأ، وسيضر بالتعاون بين الولايات المتحدة ومصر، وستكون له نتائج سلبية على التوازنات الاستراتيجية بالمنطقة، ولا أعتقد أنه سيؤثر على السياسة الرشيدة لمصر بتنويع مصادر السلاح. ولكن سيظل هذا القانون مصدرًا دائمًا للإزعاج فى العلاقات المصرية الأمريكية، خاصة إذا وصل رئيس من الحزب الديمقراطى إلى البيت الأبيض.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية